شرکاء فی الانتصار أمّا فی الشدّة فلا!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة العنکبوت / الآیة 10 ـ 13 1ـ السنن الحسنة والسنن السیئة

حیث إنّ الآیات المتقدمة تحدثت عن المؤمنین الصالحین والمشرکین بشکل صریح، ففی الآیات الاُولى من هذا المقطع یقع الکلام على الفریق الثّالث  ـ أی المنافقین ـ فیقول القرآن فیهم: (ومن الناس من یقول آمنا بالله فإذا أوذی فی الله جعل فتنة الناس کعذاب الله) فلا یصبرون على الأذى والشدائد، ویحسبون تعذیب المشرکین لهم وأذى الناس أنّه عذاب من الله (ولئن جاء نصر من ربّک لیقولن إنّا کنّا معکم)فنحن معکم فی هذا الافتخار والفتح.

ترى هل یظنون أنّ الله خفیّ علیه ما فی أعماق قلوبهم فلا یعرف نیّاتهم (أو لیس الله بأعلم بما فی صدور العالمین).

ولعل التعبیر بـ «آمنا» بصیغة الجمع، مع أنّ الجملة التی تلیه جاءت بصیغة المفرد، هو من جهة أنّ هؤلاء المنافقین یریدون أن یقحموا أنفسهم فی صف المؤمنین، فلذلک یقولون «آمنا» أی آمنا کسائر الناس الذین آمنوا.

والتعبیر بـ (أوذی فی الله) معناه أوذی فی سبیل الله، أی إنّهم قد یتعرض لهم العدوّ ـ أحیاناً ـ وهم فی سبیل الله والإیمان فیؤذیهم.

الطریف هنا أنّ القرآن یعبر عن مُجازاة الله بـ «العذاب» وعن إیذاء الناس  بـ «الفتنة» وهذا التعبیر إشارة إلى أنّ إیذاء الناس لیس عذاباً ـ فی حقیقة الأمر ـ بل هو امتحان وطریق إلى التکامل.

وبهذا فإنّ القرآن یعلمهم أن لا یقایسوا بین هذین النوعین «العذاب» و«الإیذاء» ولاینبغی أن یتنصّلوا من «الإیمان» بحجّة أنّ المشرکین والمخالفین یؤذیهم فإنّ هذ الإیذاء جزء من منهج الامتحان الکلی فی هذه الدنیا.

سؤال: وهنا ینقدح سؤالٌ وهو: أی نصر جعله الله حلیف المسلمین ونصیبهم، لیدعی المنافقون أنّهم شرکاء فی هذا النصر مع المسلمین؟!

الجواب: ونقول فی الجواب: إنّ الجملة الآنفة الذکر جاءت بصیغة «الشرط» ونعلم أنّ الجملة الشرطیة لا دلیل فیها على وجود الشرط، بل مفهومها هو أنّه لو اتفق أن کان النصر حلیفکم فی المستقبل، فإنّ هؤلاء المنافقین ـ ضعاف الإیمان ـ یرون أنفسهم شرکاء فی هذا النصر!

إضافة إلى کل ذلک فإنّ المسلمین فی مکّة کانت لهم إنتصارات على المشرکین غیر عسکریة بل انتصارات فی التبلیغ و«الإعلام» ونفوذ فی الأفکار العامة وتوغّل الإسلام فی طبقات المجتمع...

ثمّ بعد هذا کله فإنّ التعبیر بالایذاء مناسب لمحیط مکّة... وإلاّ فقلّ أن اتفق مثل هذا الإیذاء فی محیط المدینة.

وقد تنوّر واتضح ـ ضمناً ـ هذا الموضوع الدقیق، وهو أنّ التعبیر بالمنافق  لا یختص بمن لیس فی قلبه إیمان اطلاقاً ویدعی الإیمان، بل حتى الأفراد من ضعاف الإیمان الذین یتراجعون عن عقیداتهم نتیجة الضغوط والتأثیر بفلان وفلان فهؤلاء أیضاً یُعدون من المنافقین.. والآیة محل البحث ـ کما یظهر ـ تتحدث عن هذا النوع من المنافقین، وتصرح بأنّ الله مطلع على نیّاتهم وعلیم بسرائرهم.

وفی الآیة التالیة ـ لمزید التأکید ـ یضیف القرآن قائلا: (ولیعلمن الله الذین آمنوا ولیعلمن المنافقین).

فلو تصوروا أنّهم إذا أخفوا الحقائق فإنّهم سیکونون فی منأى عن علم الله فهم فی خطأ کبیر جدّاً.

ونکرر هنا ـ مرّة اُخرى أنّ التعبیر بالمنافقین لیس دلیلا على أنّ هذه الآیات نزلت فی المدینة، صحیح أنّ مسألة النفاق تقع عادة بعد إنتصار جماعة والاستیلاء على الحکومة... حیث یغیر المخالفون أقنعتهم ویعملون فی الخفاء حینئذ، إلاّ أنّ للنفاق ـ کما قلنا ـ معنى واسع، ویشمل حتى الأفراد ضعاف الإیمان الذین یبدّلون عقیدتهم لأدنى مکروه یصیبهم.

والآیة الاُخرى بعدها تشیر إلى منطق المشرکین الخاوی والملتوی، الذی  لا یزال موجوداً فی طبقات المجتمع الواسعة فتقول: (وقال الذین کفروا للذین آمنوا اتّبعوا سبیلنا ولنحمل خطایاکم)(1).

والیوم نرى کثیراً من الخبثاء یقولون للآخرین عند دعوتهم إلى أمر: إن کان فیه ذنب فعلى رقابنا!.

فی حین أنّنا نعلم أنّه لا یمکن لأحد أن یتحمل وزر أحد، وأساساً فإنّ هذا العمل لیس معقولا ولیس منطقیاً.... فالله عادل سبحانه ولا یؤاخذ أحداً بجرم الآخر.

ثمّ بعد کل ذلک فإنّ الإنسان لا تسقط عنه المسؤولیة فی العمل بمثل هذه الکلمات، ولا یمکن له التنصّل منها... وخلافاً لما یتوهمه بعض الحمقى فإنّ مثل هذه التعبیرات لا تنقص من عقابهم حتى بمقدار رأس الإبرة.

ولذلک فلا یعتدّ بمثل هذا الکلام فی أیة محکمة کانت ولا یقبل من المذنب أن یقول: إنّ فلاناً تحمّل عنّی الوزر وجعله فی رقبته!

صحیح أنّ ذلک الإنسان حثه على الإجرام ودفعه إلى اقترافه، فهو شریکه، إلاّ أنّ هذا الاشتراک فی الجریمة لا یخفّف عنه المسؤولیة!

لذلک فإنّ القرآن یقول بصراحة فی الجملة التالیة (وما هم بحاملین من خطایاهم من شیء إنّهم لکاذبون).

سؤال: هنا ینقدح السؤال التالی.. «إنّ الصدق والکذب هما فی موارد الجمل الخبریة، فی حین أنّ هذه الجملة إنشائیة «ولنحمل خطایاکم» ولیس فی الجملة الإنشائیة صدق أو کذب، فلم عبّر القرآن عنهم بأنّهم «کاذبون»؟!

الجواب: والجواب على هذا السؤال یتّضح من البیان الذی ذکرناه سابقاً، وهو أنّ الجملة الخبریّة هنا تتحول إلى جملة شرطیة، ومفهومها أنّه إن اتبعتمونا حملنا خطایاکم وآثامکم، ومثل هذه الجملة تقبل الصدق والکذب(2).

وبعد ذلک، ومن أجل أن لا یتصور أنّ هؤلاء الدعاة للکفر والشرک وعبادة الأصنام والظلم، لا شیء علیهم من العقاب لهذا العمل، فإنّ القرآن یضیف فی الآیة التالیة قائلا: (ولیحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم).

وثقل الذنب هذا... هو ثقل ذنب الإغراء والإغواء وحث الآخرین على الذنب، وهو ثقل السنّة التی عبّر عنها النّبی(صلى الله علیه وآله) فقال: «من سنّ سنةً سیئة فعلیه وزرها ووزر من عمل بها من غیر أن ینقص من وزره شیء!»(3).

المهم أنّهم شرکاء فی آثام الآخرین، وإن لم ینقص من وزر الآخرین وإثمهم مقدار من رأس الإبرة.

وتختتم الآیة بالقول: (ولیسئلنّ یوم القیامة عمّا کانوا یفترون).

وینقدح هنا سؤال آخر وهو: ما المراد من هذا الإفتراء الذی یسألون عنه؟!

ولعل ذلک إشارة إلى الافتراءات التی نسبوها إلى الله، وکانوا یقولون: «إنّ الله أمرنا أن نعبد الأصنام!».

أو أنّه إشارة إلى کلامهم الذی کانوا یقولون: «ولنحمل خطایاکم».

لأنّهم کانوا یدّعون أنّ مثل تلک الأعمال لا یترتب علیها إثم... وإنّ هذا الکلام کان افتراءً، وینبغی أن یجیبوا على ما یسألون بصدده!

أو أنّه یقال لهم على نحو الحقیقة والواقع یوم القیامة: هلموا لتحملوا أثقال الآخرین، فیمتنعون من ذلک ویظهر کذبهم وافتراءهم... أو أنّ ظاهر کلامهم کان یعنی أنّ کلّ إنسان یمکن أن یتحمل وزر الأخر ویکون مسؤولا عنه، فی حین أنّ هذا الکلام کذب وافتراء محض أیضاً، وکل إنسان مسؤول عن عمله!


1. جملة (ولنحمل) فعل دالّ على الأمر، وقد ولّد هذا التعبیر إشکالا عند بعض المفسّرین، وهو: هل یمکن أن یأمر الإنسان نفسه؟! ثمّ قالوا فی رد هذا الإشکال. إنّ هذا الأمر فی حکم القضیة الشرطیة أی «إن اتبعتمونا حملنا خطایاکم» ـ کما فی تفسیر الرّازی ـ إلاّ أنّه فی اعتقادنا لا یمنع أن یأمر الإنسان نفسه، والآمر والمأمور شخص واحد، إلاّ أنّه ذو اعتبارین... «فتأمل بدقّة».
2. لدینا طریق آخر على الجواب على هذا السؤال، لأنّنا نعتقد وجود الصدق والکذب فی الجملة الإنشائیة أیضاً، ویلاحظ هذا فی التعبیرات العرفیة أیضاً... لأنّ الشخص ـ مثلا ـ إذا أمر بشیء ما فهو دلیل على تعلقه به، وحین نقول: إنّه یکذب، فمعناه أنّه لم یطلبه «فلاحظوا بدقّة».
3. التّفسیر الکبیر، ج 25، ص 40.
سورة العنکبوت / الآیة 10 ـ 13 1ـ السنن الحسنة والسنن السیئة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma