تنبؤ عجیب!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزول1ـ إعجاز القرآن من جهة «علم الغیب»

هذه السورة ضمن مجموع تسع وعشرین سورة تبدأ بالحروف المقطعة (ألم).

وقد بحثنا مراراً فی تفسیر هذه الحروف المقطعة «وخاصةً فی بدایة سورة البقرة وآل عمران والأعراف».

والفارق الوحید الذی نلاحظه هنا عن بقیة السور، ویلفت النظر، هو أنّه خلافاً لکثیر من السور التی تبدأ بالحروف المقطعة، التی یأتی الحدیث بعدها على عظمة القرآن الکریم، بل بحثاً عن اندحار الروم وانتصارهم فی المستقبل، ولکن مع التدقیق یتّضح أنّ هذا البحث یتحدث عن عظمة القرآن الکریم أیضاً... لأنّ هذا الخبر الغیبی المرتبط بالمستقبل هو من دلائل إعجاز القرآن، وعظمة هذا الکتاب السماوی!

یقول القرآن بعد الحروف المقطعة: (غلبت الروم * فی أدنى الأرض) وهم قریب منکم یا أهل مکّة، إذ أنّهم فی شمال جزیرة العرب، فی أراضی الشام فی منطقة بین «بصرى» و«أذرعات».

ومن هنا یعلم بأنّ المراد من الروم هنا هم الروم الشرقیون، لا الروم الغربیون.

ویرى بعض المفسّرین کالشیخ الطوسی فی تفسیر «التبیان» ـ أنّ من المحتمل أن یکون المراد بأدنى الأرض المکان القریب من بلاد فارس، أی إنّ المعرکة وقعت فی أقرب نقطة بین الفرس والروم.(1)

وصحیحٌ أن التّفسیر الأوّل معه الألف واللام للعهد ـ فی «الأرض» مناسبٌ أکثر، ولکن ومن جهات متعددة ـ کما سنذکرها ـ یبدوا أنّ التّفسیر الثّانی أصحّ من الأوّل!

ویوجد هنا تفسیر ثالث، ولعلّه لا یختلف من حیث النتیجة مع التّفسیر الثّانی، هو أنّ المراد من هذه الأرض ـ هی أرض الروم، أی إنّهم غلبوا فی أقرب حدودهم مع بلاد فارس، وهذا یشیر إلى أهمیّة هذا الاندحار وعمقه، لأنّ الاندحار فی المناطق البعیدة والحدود المترامیة البعد لیس له أهمیّة بالغة، بل المهم أن تندحر دولة فی أقرب نقاطها من حدودها مع العدو، إذ هی فیها أقوى وأشدّ من غیرها.

فعلى هذا سیکون ذکر جملة (فی أدنى الأرض) إشارة إلى أهمّیة هذا الإندحار.

وبالطبع فإنّ التنبؤ عن انتصار البلد المغلوب خلال بضع سنین فی المستقبل، له أهمّیة أکبر، إذ لا یمکن التوقع له إلاّ عن طریق الإعجاز.

ثمّ یضیف القرآن: (وهم من بعد غلبهم سیلغبون) وهم أیّ الروم، ومع أنّ جملة «سیغلبون» کافیة لبیان المقصود، ولکن جاء التعبیر (من بعد غلبهم) بشکل خاص لتتّضح أهمّیة هذا الإنتصار أکثر، لأنّه لا ینتظر أن تغلب جماعة مغلوبة وفی أقرب حدودها وأقواها فی ظرف قصیر، لکن القرآن یخبر بصراحة عن هذه الحادثة غیر المتوقعة.

ثمّ یبیّن الفترة القصیرة من هذه السنین بهذا التعبیر: (فی بضع سنین)(2) والمعلوم أنّ «بضع» ما یکون أقله الثلاث وأکثره التسع.

وإذا أخبر الله عن المستقبل، فلأنّه (لله الأمر من قبل ومن بعد).

وبدیهیّ أنّ کون الأشیاء جمیعها بید الله ـ وبأمره وإرادته ـ لا یمنع من اختیارنا فی الإرادة وحریتنا وسعینا وجهادنا فی مسیر الأهداف المنظورة.

وبتعبیر آخر: إنّ هذه العبارة لا ترید سلب الاختیار من الآخرین، بل ترید أن توضح هذه اللطیفة، وهی أنّ القادر بالذات والمالک على الإطلاق هوالله، وکل من لدیه شیء فهو منه!.

ثمّ یضیف القرآن، أنّه إذا فرح المشرکون الیوم بانتصار الفرس على الروم فإنّه ستغلب الروم (ویومئذ یفرح المؤمنون).

أجل، یفرحون (بنصر الله ینصر من یشاء وهو العزیز الرحیم).

ولکن ما المراد من فرح المؤمنون؟!

قال جماعة: المراد منه فرحهم بانتصار الروم، وإن کانوا فی صفوف الکفّار أیضاً، إلاّ أنّهم لکونهم لدیهم کتاب سماوی فانتصارهم على المجوس یعدّ مرحلة من إنتصار «التوحید» على «الشرک».

وأضاف آخرون: إنّ المؤمنین إنّما فرحوا لأنّهم تفألوا من هذه الحادثة فألا حسناً، وجعلوها دلیلا على إنتصارهم على المشرکین.

أو أنّ فرحهم کان لأنّ عظمة القرآن وصدق کلامه المسبق القاطع ـ بنفسه ـ إنتصار معنوی للمسلمین وظهر فی ذلک الیوم.

ولا یبعد هذا الاحتمال وهو أنّ إنتصار الروم کان مقارناً مع بعض إنتصارات المسلمین على المشرکین، وخاصة أن بعض المفسّرین أشار إلى أن هذا الإنتصار کان مقارناً لإنتصار بدر أو مقارناً لصلح الحدیبیة. وهو بنفسه یعدّ انتصاراً کبیراً، وخاصة إن التعبیر بنصر الله أیضاً یناسب هذا المعنى.

والخلاصة: إنّ المسلمین «المؤمنین» فرحوا فی ذلک الیوم لجهات متعددة:

من إنتصار أهل الکتاب على المجوس، لأنّه ساحة لإنتصار الموحدین على المشرکین.

من الإنتصار المعنوی لظهور إعجاز القرآن.

ومن الإنتصار المقارن لذلک الإنتصار، ویحتمل أن یکون صلح الحدیبیة، أو بعض فتوحات المسلمین الاُخر!.

ولزیادة التأکید یضیف أیضاً: (وعد الله لا یخلف الله وعده ولکن أکثر الناس لا یعلمون)(3)والسبب فی عدم علم الناس، هو عدم معرفتهم بالله وقدرته، فهم لم یعرفوا الله حق معرفته، فهم لا یعلمون هذه الحقیقة، وهی أنّ الله محال علیه أن یتخلف عن وعده، لأنّ التخلف عن الوعد إمّا للجهل، أو لأنّ الأمر کان مکتوماً ثمّ اتضح وصار سبباً لتغییر العقیدة، أو للضعف وعدم القدرة، إذ لم یرجع الذی وعد عن عقیدته لکنّه غیر قادر، لکن الله لا یتخلف عن الوعد، لأنّه یعرف عواقب الأمور، وقدرته فوق کل شیء.

ثمّ یضیف القرآن معقباً: (یعلمون ظاهراً من الحیاة الدنیا وهم عن الآخرة هم غافلون).

إنّهم لا یعلمون إلاّ الحیاة الدنیا فحسب، بل یعلمون الظاهر منها ویقنعون به! فکلّ ما تمثله نظراتهم ونصیبهم من هذه الحیاة هو اللهو واللذة العابرة والنوم والخیال... وما ینطوی فی هذا الأدران السطحی للحیاة من الغفلة والغرور، غیر خاف على أحد.

ولو کانوا یعلمون باطن الحیاة وواقعها فی هذه الدنیا، لکان ذلک کافیاً لمعرفة الآخرة! لأنّ التدقیق فی هذه الحیاة العابرة، یکشف أنّها حلقة من سلسلة طویلة ومرحلة من مسیر مدید کبیر، کما أنّ التدقیق فی مرحلة تکوین الجنین یکشف عن أن الهدف النهائی لیس هو هذه المرحلة من حیاة الجنین فحسب! بل هی مقدمة لحیاة أوسع!.

أجل، هم یعلمون ظاهراً من الحیاة الدنیا فحسب، ولکنّهم غافلون عن مکنونها ومحتواها ومفاهیمها!.

ومن الطریف هنا أن تکرار الضمیر «هم» یشیر إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ علة هذه الغفلة وسرّها تعود إلیهم «فهم الغفلة وهم الجهلة» وهذا یشبه تماماً قول القائل لک مثلا: لقد أغفلتنی عن هذا الأمر، فتجیبه: أنت کنت غافلا عن هذا الأمر، أی إنّ سبب الغفلة یعود إلى نفسک أنت!.


1. تفسیر التبیان، ج 8، ص 206.
2. توجد احتمالات کثیرة فی معنى (بضع) فقیل: إنّها تتراوح بین ثلاث وعشر، أو أنّها تتراوح بین واحدة وتسع، وقیل: أقلّها ست وأکثرها تسع. إلاّ أنّ ما ذکرناه فی المتن هو المشهور.
3. نصب (وعد الله) على أنّه مفعول مطلق وعامله محذوف، ویعلم من الجملة التی قبله أی (سیغلبون)التی هی مصداق الوعد الإلهی، ویکون تقدیره: وعد الله ذلک وعداً!
سبب النّزول1ـ إعجاز القرآن من جهة «علم الغیب»
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma