أمّا السعادة الخالدة أو زخارف الدنیا!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سبب النّزوللماذا یضاعف ثواب وعقاب المرموقین؟

لم یعزب عن أذهانکم أنّ الآیات الاُولى من هذه السورة قد توّجت نساء النّبی بتاج الفخر حیث سمّتهنّ بـ (اُمّهات المؤمنین) ومن البدیهی أنّ المناصب والمقامات الحسّاسة التی تبعث على الفخر تصاحبها مسؤولیات ثقیلة، فکیف یمکن أن تکون نساء النّبی اُمّهات المؤمنین وقلوبهنّ وأفکارهنّ مشغولة بحبّ الدنیا ومغریاتها؟

وهکذا ظَنَنَّ، فإنّ الغنائم إذا سقطت فی أیدی المسلمین فلا شکّ أنّ نصیبهنّ سیکون أفخرها وأثمنها کبقیّة نساء الملوک والسلاطین، ویعطى لهنّ ما ناله المسلمون بتضحیات الفدائیین الثائرین ودماء الشهداء الطاهرة، فی الوقت الذی یعیش هنا وهناک اُناس فی غایة العسرة والشظف.

وبغضّ النظر عن ذلک، فإنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) یجب أن لا یکون لوحده اُسوةً للناس بحکم الآیات السابقة، بل یجب أن تکون عائلته اُسوة لباقی العوائل أیضاً، ونساؤه قدوة للنساء المؤمنات حتى تقوم القیامة، فلیس النّبی(صلى الله علیه وآله) ملکاً وإمبراطوراً لیکون له جناح خاصّ للنساء، ویُغرق نساءه بالحلیّ والمجوهرات الثمینة النفیسة.

وربّما کان هناک جماعة من المسلمین المهاجرین الذین وردوا المدینة لا یزالون یقضون لیلهم على الصُفّة (وهی مکان خاصّ کان إلى جنب مسجد النّبی) حتى الصباح، ولم یکن لهم فی تلک المدینة أهل ولا دار، وفی مثل هذه الأحوال لا یمکن أن یسمح النّبی(صلى الله علیه وآله) لأزواجه أن یتوقّعن کلّ تلک الرفاهیة والتوقّعات الاُخرى.

ویستفاد من بعض الرّوایات أنّ بعض أزواجه قد کلّمنه بکلام خشن جاف، حتى أنّهنّ

قلن: لعلّک تظنّ إن طلّقتنا لا نجد زوجاً من قومنا غیرک(1)، هنا اُمر النّبی(صلى الله علیه وآله) أن یواجه هذه المسألة بحزم تامّ، ویوضّح لهنّ حاله الدائمی، فخاطبت الآیة الاُولى من الآیات أعلاه النّبی(صلى الله علیه وآله) وقالت: (یاأیّها النّبی قل لأزواجک إن کنتنّ تردن الحیاة الدنیا وزینتها فتعالین اُمتّعکن واُسرحکنّ سراحاً جمیل).

«اُمتّعکنّ» من مادّة متعة، وکما قلنا فی الآیة 236 من سورة البقرة، فإنّها تعنی الهدیة التی تلائم أحوال المرأة، والمراد هنا المقدار المناسب الذی یضاف على المهر، وإن لم یکن المهر معیّناً فإنّه یعطیها هدیة لائقة بحالها بحیث ترضیها وتسرّها، ویتمّ طلاقها وفراقها فی جوّ هادیء مفعم بالحبّ.

«السراح» فی الأصل من مادّة (سرح) أی الشجرة التی لها ورق وثمر، و«سرّحت الإبل»، أی: أطلقتها لتأکل من الأعشاب وأوراق الشجر، ثمّ أطلقت بمعنى أوسع على کلّ نوع من السراح ولکلّ شیء وشخص، وتأتی أحیاناً کنایة عن الطلاق، ویطلق (تسریح الشعر) على تمشیط الشعر وترجیله، وفیه معنى الإطلاق أیضاً، وعلى کلّ حال فإنّ المراد من «السراح الجمیل» فی الآیة طلاق النساء وفراقهنّ فراقاً مقترناً بالإحسان، ولیس فیه جبر وقهر.

وللمفسّرین وفقهاء المسلمین هنا بحث مفصّل فی أنّه هل المراد من هذا الکلام أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) قد خیّر نساءه بین البقاء والفراق، وإذا ما انتخبن الفراق فإنّه یعتبر طلاقاً بحدّ ذاته فلا یحتاج إلى إجراء صیغة الطلاق، أم أنّ المراد هو أنّهنّ یخترن أحد السبیلین، فإن أردن الفراق أجرى النّبی(صلى الله علیه وآله) صیغة الطلاق، وإلاّ یبقین على حالهنّ؟

ولا شکّ أنّ الآیة لا تدلّ على أیّ من هذین الأمرین، وما تصوّره البعض من أنّ الآیة شاهد على تخییر نساء النّبی، وعدّوا هذا الحکم من مختصّات النّبی(صلى الله علیه وآله)، لأنّه لا یجری فی سائر الناس، لا یبدو صحیحاً، بل إنّ الجمع بین الآیة أعلاه وآیات الطلاق یوجب أن یکون المراد الفراق عن طریق الطلاق.

وهذه المسألة مورد نقاش بین فقهاء الشیعة والسنّة، إلاّ أنّ القول الثّانی ـ أی الفراق عن طریق الطلاق ـ یبدو أقرب لظواهر الآیات، إضافةً إلى أنّ لتعبیر (اُسرحکنّ) ظهوراً فی أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان یقدّم على تسریحهنّ، خاصّة وأنّ مادّة «التسریح» قد استعملت بمعنى الطلاق فی موضع آخر من القرآن الکریم، سورة البقرة، الآیة 229(2).

وتضیف الآیة التالیة: (وإن کنتنّ تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإنّ الله أعدّ للمحسنات منکنّ أجراً عظیم).

لقد جمعت هذه الآیة کلّ اُسس الإیمان وسلوکیات المؤمن، فمن جهة عنصر الإیمان والإعتقاد بالله والرّسول والیوم الآخر، ومن جهة اُخرى البرنامج العملی وکون الإنسان فی صفّ المحسنین والمحسنات، وبناءً على هذا فإنّ إظهار عشق الله وحبّه، والتعلّق بالنّبی والیوم الآخر لا یکفی لوحده، بل یجب أن تنسجم البرامج العملیة مع هذا الحبّ والعشق.

وبهذا فقد بیّن الله سبحانه تکلیف نساء النّبی وواجبهنّ فی أن یکنّ قدوة واُسوة للمؤمنات على الدوام، فإن هنّ تحلین بالزهد وعدم الإهتمام بزخارف الدنیا وزینتها، واهتممن بالإیمان والعمل الصالح وتسامی الروح، فإنّهن یبقین أزواجاً للنّبی ویستحقّنّ هذا الفخر، وإلاّ فعلیهنّ مفارقته والبون منه.

ومع أنّ المخاطب فی هذه الآیة هو نساء النّبی إلاّ أنّ محتوى الآیات ونتیجتها تشمل الجمیع، وخاصّة من کان فی مقام قیادة الناس وإمامتهم واُسوة لهم، فإنّ هؤلاء على مفترق الطرق دائماً، فإمّا أن یستغلّوا المنصب الظاهری للوصول إلى الحیاة المادیة المرفّهة، أو البقاء على حرمانهم لنوال رضى الله سبحانه وهدایة خلقه.

ثمّ تتناول الآیة التالیة بیان موقع نساء النّبی أمام الأعمال الصالحة والطالحة، وکذلک مقامهنّ الممتاز، ومسؤولیاتهنّ الضخمة بعبارات واضحة، فتقول: (یانساء النّبی من یأت منکنّ بفاحشة مبیّنة یضاعف لها العذاب ضعفین وکان ذلک على الله یسیر).

فأنتنّ تعشن فی بیت الوحی ومرکز النبوّة، وعلمکنّ بالمسائل الإسلامیة أکثر من عامّة الناس لإرتباطکنّ المستمر بالنّبی(صلى الله علیه وآله) ولقائه، إضافةً إلى أنّ الآخرین ینظرون إلیکنّ ویتّخذون أعمالکنّ نموذجاً وقدوة لهم، بناءً على هذا فإنّ ذنبکنّ أعظم عند الله، لأنّ الثواب والعقاب یقوم على أساس المعرفة، ومعیار العلم، وکذلک مدى تأثیر ذلک العمل فی البیئة، فإنّ لکُنَّ حظّاً أعظم من العلم، ولکُنّ موقع حسّاس له تأثیره فی المجتمع.

ویضاف إلى ذلک أنّ مخالفتکنّ تؤذی النّبی(صلى الله علیه وآله) من جهة، ومن جهة اُخرى توجّه ضربة إلى کیانه ومرکزه، ویعتبر هذا بحدّ ذاته ذنباً آخر، ویستوجب عذاباً آخر.

والمراد من «الفاحشة المبیّنة» الذنوب العلنیة، ونعلم أنّ المفاسد التی تنجم عن الذنوب التی یقترفها اُناس مرموقون تکون أکثر حینما تکون علنیة.

ولنا بحث فی مورد «الضعف» و«المضاعف» سیأتی فی البحوث.

أمّا قوله عزّوجلّ: (وکان ذلک على الله یسیر) فهو إشارة إلى أن لا تظنّن أنّ عذابکنّ وعقابکنّ عسیر على الله تعالى، وأنّ علاقتکنّ بالنّبی(صلى الله علیه وآله) ستکون مانعة منه، کما هو المتعارف بین الناس حیث یغضّون النظر عن ذنوب الأصدقاء والأقرباء، أو یعیرونها أهمیّة قلیلة... کلاّ، فإنّ هذا الحکم سیجری فی حقّکنّ بکلّ صرامة.

أمّا فی الطرف المقابل، فتقول الآیة: (ومن یقنت منکنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرّتین واعتدنا لها رزقاً کریم).

«یقنت» من القنوت، وهو یعنی الطاعة المقرونة بالخضوع والأدب(3)، والقرآن یرید بهذا التعبیر أن یأمرهنّ بأن یطعن الله ورسوله، ویراعین الأدب مع ذلک تماماً.

ونواجه هنا هذه المسألة مرّة اُخرى، وهی أنّ مجرّد إدّعاء الإیمان والطاعة لا یکفی لوحده، بل یجب أن تُلمس آثاره بمقتضى (وتعمل صالح).

«الرزق الکریم» له معنى واسع یتضمّن کلّ المواهب المادیة والمعنویة، وتفسیره بالجنّة باعتبارها مجمعاً لکلّ هذه المواهب.


1. کنز العرفان، ج 2، ص238.
2. طالع التوضیح الأکثر فی هذا الباب فی الکتب الفقهیة، وخاصة کتاب الجواهر، ج 29، ص 122 وما بعدها.
3. المفردات للراغب، مادّة قنوت.
سبب النّزوللماذا یضاعف ثواب وعقاب المرموقین؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma