هذا خلق الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة لقمان / الآیة 10 ـ 11 سورة لقمان / الآیة 12 ـ 15

مواصلة للبحث حول القرآن والإیمان به فی الآیات السابقة، تتحدّث الآیتان أعلاه عن أدلّة التوحید الذی هو أهمّ الاُصول العقائدیة.

تشیر الآیة الاُولى إلى خمسة أقسام من مخلوقات الله التی ترتبط مع بعضها إرتباطاً وثیقاً لا ینفصل، وهی: خلق السماء، وکون الکواکب معلّقة فی الفضاء، وخلق الجبال لتثبیت الأرض، ثمّ خلق الدواب، وبعد ذلک الماء والنباتات التی هی وسیلة تغذیتها، فتقول: (خلق السّماوات بغیر عمد ترونه).

(العَمَد) جمع (عمود)، وتقیید بنائها وإقامتها ب(ترونه) دلیل على أنّه لیس لهذه السماء أعمدة مرئیّة، ومعنى ذلک أنّ لها أعمدة إلاّ أنّها غیر قابلة للرؤیة، وکما قلنا قبل هذا فی تفسیر سورة الرعد أیضاً، فإنّ هذا التعبیر إشارة لطیفة إلى قانون الجاذبیّة الذی یبدو کالعمود القویّ جدّاً، إلاّ أنّه غیر مرئیّ، یحفظ الأجرام السماویة.

وقد صُرّح فی حدیث رواه حسین بن خالد، عن الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام)، أنّه قال: «سبحان الله! ألیس الله یقول: (بغیر عمد ترونه)» قلت: بلى، قال: «ثمّ عمد ولکن لا ترونها»(1) (2).

وعلى کلّ حال، فإنّ الجملة أعلاه أحد معاجز القرآن المجید العلمیّة، وقد أوردنا تفصیلا أکثر عنها فی ذیل الآیة 2 من سورة الرعد.

ثمّ تقول الآیة فی الغایة من خلق الجبال: (وألقى فی الأرض رواسی أن تمید بکم)(3).

إنّ هذه الآیة التی لها نظائر کثیرة فی القرآن، توضّح أنّ الجبال وسیلة لتثبیت الأرض، وقد ثبتت هذه الحقیقة الیوم من الناحیة العلمیّة من جهات عدیدة:

فمن جهة أنّ اُصولها مرتبطة مع بعضها، وهی کالدرع المحکم یحفظ الکرة الأرضیة أمام الضغوط الناشئة من الحرارة الداخلیة، ولولا هذه الجبال فإنّ الزلازل المدمّرة کانت ستبلغ حدّاً ربّما لا تدع معه للإنسان مجالا للحیاة.

ومن جهة أنّ هذه السلسلة المحکمة تقاوم جاذبیة القمر والشمس الشدیدة، وإلاّ فسیحدث جزر ومدّ عظیمان فی القشرة الأرضیة أقوى من جزر ومدّ البحار، وتجعل الحیاة بالنسبة للإنسان مستحیلة.

ومن جهة أنّها تقف سدّاً أمام العواصف والریاح العاتیة، وتقلّل من تماسّ الهواء المجاور للأرض عند دوران الأرض حول نفسها إلى أقلّ حدّ، ولو لم تکن هذه الجبال لکان سطح الأرض کالصحاری الیابسة، وعرضة للأعاصیر والزوابع المهلکة، والعواصف الهوجاء المدمّرة لیل نهار(4).

وبعد ذکر نعمة استقرار السماء بأعمدة الجاذبیة. واستقرار وثبات الأرض بواسطة الجبال، تصل النوبة إلى خلق الکائنات الحیّة واستقرارها، بحیث تستطیع أن تضع أقدامها فی محیط هادیء مطمئن، فتقول: (وبثّ فیها من کلّ دابّة).

إنّ التعبیر بـ (من کلّ دابّة) إشارة إلى تنوّع الحیاة فی صور مختلفة، ابتداءً من الکائنات الحیّة المجهریة والتی ملأت جمیع الأرجاء إلى الحیوانات العملاقة والمخوفة.

وکذلک الحیوانات المختلفة الألوان، والمتفاوتة الأشکال التی تعیش فی الماء والهواء من الطیور والزواحف، والحشرات المختلفة وأمثالها، والتی لکلّ منها عالمها الخاصّ تعکس الحیاة فی مئات الآلاف من المرایا.

إلاّ أنّ من المعلوم أنّ هذه الحیوانات تحتاج إلى الماء والغذاء، ولذلک فإنّ الجملة التالیة أشارت إلى هذا الموضوع، فقالت: (وأنزلنا من السّماء ماءً فأنبتنا فیها من کلّ زوج کریم).

وبهذا فإنّ الآیة تبیّن أساس حیاة کلّ الحیوانات ـ وخاصّة الإنسان ـ والذی یکوّنه الماء والنبات، فالکرة الأرضیة تعتبر سماطاً واسعاً ذا أغذیة متنوّعة یمتدّ فی جمیع أنحائها، ویصلح لکلّ نوع منها حسب خلقته، ممّا یدلّ على عظمة الخالق جلّ وعلا.

وممّا یستحقّ الإنتباه هو أنّه فی بیان خلق الأقسام الثلاثة الاُولى ذکرت الأفعال بصیغة الغائب، وحین وصل الأمر إلى نزول المطر ونمو النباتات أتت الأفعال بصیغة المتکلّم، فیقول: نحن أنزلنا من السماء ماءً، ونحن أنبتنا النباتات فی الأرض.

وهذا بنفسه أحد فنون الفصاحة، حیث إنّهم عندما یریدون ذکر اُمور مختلفة، فإنّهم یبیّنونها بشکلین أو أکثر، کی لا یشعر السامع بأیّ نوع من الضجر والرتابة، إضافةً إلى أنّ هذا التعبیر یوضّح أنّ نزول المطر ونمو النبات کانا محطّ إهتمام خاصّ.

ثمّ تشیر هذه الآیة مرّة اُخرى إلى مسألة (الزوجیّة فی عالم النباتات) وهی أیضاً من معجزات القرآن العلمیّة، لأنّ الزوجیّة ـ أی وجود الذکر والاُنثى ـ فی عالم النباتات لم تکن ثابتة فی ذلک الزمان بصورة واسعة، والقرآن کشف الستار عنها، ولزیادة التفصیل حول هذه المسألة یمکنکم مراجعة ذیل الآیة 7 من سورة الشعراء.

ثمّ إنّ وصف أزواج النباتات بـ «الکریم» إشارة ضمنیة إلى أنواع المواهب الموجودة فیها.

بعد ذکر عظمة الله فی عالم الخلقة، وذکر صور مختلفة من المخلوقات، وجّهت الآیة الخطاب إلى المشرکین، وجعلتهم موضع سؤال واستجواب، فقالت: (هذا خلق الله فأرونی ماذا خلق الّذین من دونه)؟!

من المسلّم أنّ اُولئک لم یکونوا یستطیعون إدّعاء کون أیّ من المخلوقات من خلق الأصنام، وعلى هذا فإنّهم کانوا یقرّون بتوحید الخالق، مع هذا الحال کیف یستطیعون تعلیل الشرک فی العبادة؟! لأنّ توحید الخالق دلیل على توحید الربّ وکون مدبّر العالم واحداً، وهو دلیل على توحید العبودیّة.

ولذلک اعتبرت الآیة عمل اُولئک منطبقاً على الظلم والضلال، فقالت: (بل الظّالمون فی ضلال مبین).

ومعلوم أنّ «الظلم» له معنىً واسعاً یشمل وضع کلّ شیء فی غیر موضعه، ولمّا کان المشرکون یربطون العبادة، وتدبیر العالم أحیاناً بالأصنام، فإنّهم کانوا مرتکبین لأکبر ظلم وضلالة.

ثمّ إنّ التعبیر أعلاه یتضمّن إشارة لطیفة إلى ارتباط «الظلم» و«الضلال»، لأنّ الإنسان عندما لا یعرف مکانة الموجودات الموضوعیة فی العالم، أو یعرفها ولا یراعیها، ولا یرى کلّ شیء فی مکانه، فمن المسلّم أنّ هذا الظلم سیکون سبباً للضلالة والضیاع.


1. تفسیر البرهان، ج 2، ص 278.
2. إنّ الذین اعتبروا الآیة أعلاه دلیلا على نفی العمد مطلقاً لابدّ لهم من التقدیم والتأخیر فی الآیة لیقولوا: إنّ أصل الجملة کانت: خلق السماوات ترونها بغیر عمد، وهذا خلاف الظاهر قطعاً.
3. (تمید) من (المید) أی تزلزل الأشیاء واضطرابها اضطراباً عظیماً، وجملة (أن تمید بکم) فی تقدیر: لئلاّ تمید بکم.
4. لمزید الإطلاع حول فوائد الجبال راجع ذیل الآیة (3) من سورة الرعد.
سورة لقمان / الآیة 10 ـ 11 سورة لقمان / الآیة 12 ـ 15
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma