إساءة الاستفادة من آیة (یدبّر الأمر):

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
عظمة القرآن، والمبدأ والمعاد:سورة السجدة / الآیة 6 ـ 9

لقد اتّخذ بعض أتباع المذاهب المصطنعة المبتدعة(1) الآیة أعلاه وسیلة ودلیلا لتوجیه مسلکهم ومذهبهم، وأرادوا أن یطبّقوا هذه الآیة على مرادهم بارتکاب المغالطات والإشتباهات وادّعوا أنّ المراد من «الأمر» فی الآیة: الدین والمذهب، و«التدبیر»: یعنی إرسال الدین، و«العروج»: یعنی رفع ونسخ الدین! واستناداً إلى هذا فإنّ کلّ مذهب أو دین لا یمکنه أن یعمّر أکثر من الف سنة، ویجب أن یترک مکانه لدین آخر، وبهذا فإنّهم یقولون: إنّنا نقبل القرآن، لکن، واستناداً إلى نفس هذا القرآن فإنّ دیناً آخر سیأتی بعد مرور الف سنة!

والآن نرید أن نبحث ونحلّل الآیة المذکورة بحثاً محایداً، لنرى هل یوجد فیها إرتباط بما یدّعیه هؤلاء، أم لا؟ ونغضّ النظر عن أنّ هذا المعنى بعید عن مفهوم الآیة إلى الحدّ الذی لا یخطر على ذهن أیّ قاریء خالی الذهن.

إنّنا نرى ـ بعد الدقّة ـ أنّ ما یقولونه لا ینسجم مع مفهوم الآیة، بل إنّه مشکل بصورة واضحة من جهات کثیرة:

إنّ تفسیر کلمة «الأمر» بالدین لا دلیل علیه، بل تنفی آیات القرآن الاُخرى ذلک، لأنّ کلمة الأمر قد استعملت فی آیات اُخرى بمعنى أمر الخلق، مثل (إنّما أمره إذا أراد شیئاً أن یقول له کن فیکون).(2)

وقد استعملت کلمة الأمر فی هذه الآیة، وآیات اُخرى مثل: الآیة 50 سورة القمر، الآیة 27 من سورة المؤمنون، الآیة 54 من سورة الأعراف، 32 من سورة إبراهیم، 12 من سورة النحل، 25 من سورة الروم، 12 من سورة الجاثیة، بمعنى الأمر التکوینی، لابمعنى تشریع الدین والمذهب.

وأساساً فإنّ کلّ مورد یأتی الکلام فیه عن السماء والأرض، والخلق والخلقة وأمثال ذلک، فإنّ «الأمر» یأتی بهذا المعنى (فتأمّل).

کلمة «التدبیر» تستعمل أیضاً فی مورد الخلقة والخلق وتنظیم وضع عالم الوجود، لا بمعنى إنزال الدین والشریعة، ولذلک نرى فی آیات القرآن الاُخرى ـ والآیات یفسّر بعضها بعضاً ـ أنّ هذه الکلمة لم تستعمل مطلقاً فی مورد الدین والمذهب، بل استعملت کلمة «التشریع» أو «التنزیل» أو «الإنزال»:

ـ (شرّع لکم من الدین ما وصّى به نوح).(3)

ـ (ومن لم یحکم بما أنزل الله فاُولئک هم الکافرون).(4)

ـ (نزّل علیک الکتاب بالحقّ مصدّقاً لما بین یدیه).(5)

إنّ الآیات التی قبل وبعد هذه الآیة مرتبطة بالخلقة وخلق العالم، ولا ترتبط بتشریع الأدیان، لأنّ الکلام فی الآیة السابقة کان عن خلق السماء والأرض فی ستّة أیّام ـ وبعبارة اُخرى ستّ مراحل ـ والکلام فی الآیة التالیة عن خلق الإنسان.

ولا یخفى أنّ تناسب وانسجام الآیات یوجب أن تکون هذه الآیة المتوسّطة لآیات الخلقة مرتبطة بمسألة الخلقة وتدبیر أمر الخلق، ولهذا فإنّنا إذا طالعنا کتب التّفسیر التی کتبت قبل مئات السنین فإنّنا لا نجد أحداً قد احتمل أن تکون الآیة متعلّقة بتشریع الأدیان، بالرغم من أنّهم احتملوا احتمالات مختلفة، فمثلا: مؤلّف تفسیر «مجمع البیان» ـ وهو من أشهر التفاسیر الإسلامیة، ومؤلّفه عاش فی القرن السادس الهجری ـ لم ینقل عن أحد علماء الإسلام قولا یدّعی فیه أنّ الآیة ترتبط بتشریع الأدیان، مع أنّه ذکر أقوالا مختلفة فی تفسیر الآیة أعلاه.

إنّ کلمة «العروج»، تعنی الصعود والإرتفاع، لا نسخ الأدیان وزوالها، ولا یلاحظ العروج فی أی موضع من القرآن بمعنى النسخ ـ وهذه الکلمة قد ذکرت فی خمس آیات من القرآن، ولا تؤدّی هذا المعنى فی أیّ منها ـ بل تستعمل کلمة النسخ أو التبدیل وأمثالهما فی مورد الأدیان.

إنّ الأدیان والکتب السماویة فی الأساس لیست کأرواح البشر تعرج إلى السماء مع الملائکة بعد انتهاء العمر، بل إنّ الأدیان المنسوخة، موجودة فی الأرض، إلاّ أنّها تسقط عن الإعتبار فی بعض مسائلها، فی حین أنّ اُصولها تبقى على قوّتها.

والخلاصة: فإنّ کلمة العروج علاوة على أنّها لم تستعمل فی أیّ موضع من القرآن بمعنى نسخ الأدیان، فهی لا تتناسب مع مفهوم نسخ الأدیان، لأنّ الأدیان المنسوخة لا تعرج إلى السماء.

إضافةً إلى کلّ ما مرّ فإنّ هذا المعنى لا ینطبق على الواقع الحقیقی العینی، لأنّ الفاصلة بین الأدیان السابقة لم تکن ألف سنة فی أیّ مورد!

فمثلا: الفاصلة بین ظهور موسى والمسیح(علیهم السلام) أکثر من 1500 سنة، والفاصلة بین المسیح(علیه السلام) وظهور نبىّ الإسلام العظیم(صلى الله علیه وآله) أقلّ من 600 سنة، وکما تلاحظون فإنّ أیّاً من هذین الموردین لا ینطبق على الألف سنة التی یقول بها هؤلاء، بل إنّ الفاصلة بین الواقع وما یدّعون کبیرة.

وذکروا أنّ الفترة الزمنیة بین ظهور نوح(علیه السلام) الذی کان من أنبیاء اُولی العزم، وواضع دعائم الدین والشریعة الخاصّة، وبین محطّم الأصنام الصندید إبراهیم(علیه السلام) الذی کان نبیّاً آخر من ذوی الشرائع أکثر من 1600 سنة، والفترة بین إبراهیم وموسى(علیهما السلام) أقلّ من 500 سنة.

من هذا الموضوع نخلص إلى هذه النتیجة، وهی أنّه لم تکن هناک فترة ولا فاصلة، ولو من باب المثال، بین أحد الأدیان والمذاهب وبین الدین الذی یلیه بمقدار ألف سنة.

وإذا غضضنا النظر عن کلّ ما مرّ، فإنّ بدعة «السیّد علی محمّد باب» والتی تحمّل أتباعه لأجل الدفاع عنها کلّ هذه التوجیهات الباطلة لا تتناسب مع هذا الحساب، لأنّه بإعترافهم ولد سنة 1325 هجری، وکان بدء دعوته سنة 1260 هجری قمری، وبملاحظة أنّ بدایة دعوة الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) التی کانت بثلاثة عشر عاماً قبل الهجرة، فإنّ الفاصلة بین الإثنین تکون 1273 أی بإضافة 273 فماذا نصنع بهذا الفارق الکبیر؟ وبأیّة خطّة سنتجاهله؟

ولو ترکنا جانباً کلّ هذه الإیرادات الستّة، وصرفنا النظر عن هذه الردود الواضحة، وجعلنا أنفسنا مکان القرآن، وأردنا أن نقول للبشریة: کونوا بانتظار نبیّ جدید بعد مرور ألف سنة، فهل هذا یصحّ طرح هذا المفهوم بالشکل الذی ذکرته الآیة، حتى لا ینتبه ویطّلع أحد من العلماء وغیر العلماء أدنى إطّلاع على معنى الآیة على مدى الإثنی أو الثلاثة عشر قرناً، ثمّ یأتی جماعة بعد مرور 1273 عام لیدّعوا أنّهم اکتشفوا اکتشافاً جدیداً، وأزاحوا الغطاء عنه، وهو مع ذلک لا یتجاوز إطار قبولهم أنفسهم لا قبول الآخرین؟!

ألم یکن الأحسن والأکثر حکمة وعقلا أن یقال مکان هذه الجملة: اُبشّرکم بأنّ نبیّاً بهذا

الاسم سیظهر بعد ألف سنة، کما قال عیسى(علیه السلام) فی شأن نبىّ الإسلام(صلى الله علیه وآله): (ومبشّراً برسول یأتی من بعدی اسمه أحمد).(6)

وعلى کلّ حال، فهذه المسألة قد لا تستحقّ بحثاً بهذا المقدار إلاّ أنّه لتنبیه وإیقاظ جیل الشباب المسلم، وإطلاعهم على المکائد التی هیّأها الإستعمار العالمی، والمسالک والمذاهب التی ابتدعها لتضعیف جبهة الإسلام، لم یکن لنا سبیل إلاّ أن نستعرض مثل هذه الامور لکی یعلموا ویطّلعوا على جانب من منطق هؤلاء، وعلیهم الباقی.


1. «البهائیة والبابیة».
2. یس، 82.
3. الشورى، 13.
4. المائدة، 44.
5. آل عمران، 3.
6. الصف، 6.
عظمة القرآن، والمبدأ والمعاد:سورة السجدة / الآیة 6 ـ 9
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma