التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة سبأ / الآیة 31 ـ 33 سورة سبأ / الآیة 34 ـ 38

لمناسبة البحث الوارد فی الآیات السابقة، حول مواقف المشرکین إزاء مسألة المعاد، تعرّج هذه الآیات إلى تصویر بعض فصول المعاد المؤلمة لهؤلاء المشرکین کی یقفوا على خاتمة أعمالهم.

أوّلا، یقول تعالى: (وقال الذین کفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذی بین یدیه). أی ولا بالکتب السماویة السابقة.

کلمة «لن» للنفی الأبدی، وعلیه فهم یریدون القول لرسول الله (صلى الله علیه وآله): إنّک حتى لو بقیت تدعونا للإیمان إلى الأبد فلن نؤمن لک، وهذا دلیل على عنادهم، بحیث إنّهم صمّموا على موقفهم إلى الأبد، فی حین أنّ من یطلب الحقّ ویسعى له، إذا لم یقتنع بدلیل ما لا یمکنه أن ینکر جمیع الأدلّة الممکن ظهورها مستقبلا قبل أن یسمعها، فیقول: إنّی أردّ جمیع الأدلّة الاُخرى أیضاً.

أمّا من المقصود بـ «الذین کفروا»؟ فقد أشار جمع من المفسّرین إلى أنّهم «المشرکون»، وبعضهم أشار إلى أنّهم «الیهود وأهل الکتاب»، ولکن القرائن الواردة فی الآیات اللاحقة، والتی تتحدّث عن الشرک، تُدلّل على أنّ المقصود هم المشرکون.

والمقصود من «الذی بین یدیه» هو تلک الکتب السماویة التی نزلت قبل القرآن على أنبیاء سابقین، وقد ورد هذا التعبیر فی کثیر من آیات القرآن مشیراً إلى هذا المعنى ـ خصوصاً بعد ذکر القرآن ـ وما احتمله البعض من أنّ المقصود منه هو «المعاد» أو «محتوى القرآن» فیبدو بعیداً جدّاً.

على کلّ حال فإنّ إنکار الإیمان بکتب الأنبیاء السابقین، یحتمل أن یکون المقصود به، نفی نبوّة الرّسول (صلى الله علیه وآله) من خلال نفی الکتب السماویة الاُخرى، باعتبار أنّ القرآن أکّد على موضوع ورود دلائل على نبوّة الرّسول (صلى الله علیه وآله) فی التوراة والإنجیل، ولهذا یقولون: نحن لا نؤمن لا بهذا الکتاب ولا بالکتب التی سبقته.

ثمّ تنتقل إلى الحدیث حول وضع هؤلاء فی القیامة من خلال مخاطبة الرّسول(صلى الله علیه وآله)فیقول تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربّهم یرجع بعضهم إلى بعض القول)(1).

ومرّة اُخرى یُستفاد من الآیة أعلاه أنّ من أهمّ مصادیق «الظلم» هو «الشرک والکفر».

التعبیر «عند ربّهم» إشارة إلى أنّهم حاضرون بین یدی مالکهم وربّهم، وما أکثر وأشدّ خجلا من أن یکون الإنسان حاضراً بین یدی من کفر به، فی حین أنّ کلّ وجوده غارق بنعمه.

فی حین أنّ «المستضعفین» الذین اتّبعوا بجهلهم «المستکبرین» وهم الذین سلکوا طریق الغرور والتسلّط على الآخرین ورسموا لهم منهجهم الشیطانی، هناک: (یقول الذین استضعفوا للذین استکبروا لولا أنتم لکنّا مؤمنین).

إنّهم یریدون بذلک إلقاء مسؤولیة ذنوبهم على عاتق هؤلاء «المستکبرین»، مع أنّهم لم یکونوا حاضرین للتعامل معهم بمثل هذه القاطعیة فی دار الدنیا، لأنّ الضعف والخور والذلّة کانت حاکمة على وجودهم، وقد فقدوا حریتهم، أمّا هناک وبعد أن تبعثرت تلک المفاهیم الطبقیة التی کانت سائدة فی دار الدنیا، وانکشفت نتائج أعمال الجمیع، فهم یقفون وجهاً لوجه مقابل هؤلاء ویتحدّثون بصراحة ویتلاومون معهم.

لکن «المستکبرین» لا یبقون على صمتهم بل (قال الذین استکبروا للذین استضعفوا أنحن صددناکم عن الهدى بعد إذا جاءکم). کلاّ، فلسنا بمسؤولین، فمع إمتلاککم حریة الإرادة، استسلمتم لأحادیثنا الباطلة، وکفرتم وألحدتم متناسین أحادیث الأنبیاء المنطقیة، (بل کنتم مجرمین).

صحیح أنّ المستکبرین إرتکبوا ذنباً کبیراً بوسوستهم، ولکن حدیثهم الذی تذکره الآیة الکریمة له حقیقة أیضاً، حیث إنّ المتملّقین لم یکن علیهم أن یصمّوا أسماعهم وأبصارهم ویلهثوا وراءهم، وإنّما علیهم أیضاً مسؤولیة ذنوبهم.

ولکن المستضعفین لا یقتنعون بهذا الجواب، ویعاودون القول مرّة اُخرى لإثبات جرم المستکبرین: (وقال الذین استضعفوا للذین استکبروا بل مکر اللیل والنهار إذ تأمروننا أن نکفر بالله ونجعل له أنداد).

نعم، فأنتم الذین لم تکفوا عن بثّ السموم، ولم تفرطوا بأی فرصة من اللیل أو النهار من أجل تحقیق أهدافکم المشؤومة، فصحیح أنّنا کنّا أحراراً فی القبول بذلک، وبذا نکون مقصّرین وجناة، ولکن باعتبارکم عامل الفساد فأنتم مسؤولون ومجرمون، بل إنّکم واضعوا حجر الأساس لذلک، خاصّة وأنّکم کنتم تتحدّثون معنا دائماً من موقع القدرة والسلطة، (التعبیر بـ «تأمروننا» شاهد على هذا المعنى).

بدیهی أنّ المستکبرین لا یملکون جواباً لهذا القول، ولا یمکنهم إنکار جرمهم الکبیر ذاک، لذا فإنّ الفریقین یندمون على ما قدّمت أیدیهم، المستکبرون على إضلالهم للآخرین، والمستضعفون على إیمانهم وقبولهم بتلک الأباطیل المشؤومة، ولکن لکی لا یفتضحوا أکثر فانّهم یکتمون الندم حینما یواجهون العذاب الإلهی... (وأسرّوا الندامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال فی أعناق الذین کفرو).

فمع أنّ الکتمان لا ینفع فی «یوم البروز» هناک، ومع عدم إمکانیة إخفاء شیء، إلاّ أنّهم ـ جریاً على ما تعوّدوه فی الدنیا من قبل ـ یتوهّمون أنّ فی إستطاعتهم کتمان حالتهم، فیلجأون إلى ذلک.

نعم، فهم فی الدنیا حینما یلتفتون إلى إشتباههم ویندمون لم یکونوا یمتلکون الشجاعة لإظهار ندمهم الذی هو أوّل طریق التوبة وإعادة النظر، وتلک هی الخصلة الأخلاقیة الخاصّة بهم والتی یمارسونها فی الآخرة أیضاً، ولکن ما الفائدة؟

بعض المفسّرین احتملوا أن یکون ذلک الکتمان للندامة بسبب الرهبة الشدیدة من مشاهدة العذاب الإلهی، وانحباس أنفاسهم فی صدورهم وانعقاد ألسنتهم نتیجة الأغلال التی غُلّت بها رقابهم والسلاسل التی لفّتهم، مع أنّهم یطلقون صرخاتهم فی مواقف اُخرى من القیامة (یاویلنا إنّا کنّا ظالمین)(2).

وقال آخرون: إن «أسرّوا» بمعنى «أظهروا» بناءً على أنّ هذه اللفظة تستعمل لمعنیین متضادّین فی اللغة العربیة، ولکن من ملاحظة الموارد التی استعملت فیها هذه اللفظة فی القرآن وغیر القرآن، یبدو هذا المعنى مستبعداً، بلحاظ أنّ «سرّ» عادة تستخدم للإشارة إلى ما یقابل «العلن». وقد ضعّف الراغب هذا المعنى أیضاً مع أنّ بعض علماء اللغة أشار إلى کلا المعنیین(3).

وعلى کلّ حال، فإنّ هؤلاء قد وجدوا نتائج أعمالهم (هل یجزون إلاّ ما کانوا یعملون).

نعم، فأعمال وجنایات الکفّار والمجرمین هی التی أضحت قیوداً وسلاسل تلفّ أعناقهم وأیدیهم وأرجلهم، لقد کانوا فی هذه الدنیا أسارى هوى النفس والطمع والظلم والرغبة فی المقام، وفی یوم القیامة حیث تتجسّد الأعمال، یظهر ذلک الأسر بشکل آخر... إذن، فالآیة تشیر أیضاً إلى قضیّة تجسّم الأعمال التی أشرنا إلیها مراراً، لأنّها تقول: (هل یجزون إلاّ ما کانوا یعملون) وأی تعبیر أکثر وضوحاً وحیویة من ذلک التعبیر عن تجسّم الأعمال.

التعبیر بـ «الذین کفروا» یشیر إلى أنّ فریقی الغاوین والمغویین المستضعفین وکلّ الکفّار یلقون ذلک المصیر، وعادةً فإنّ ذکر ذلک الوصف هو إشارة إلى أنّ علّة عقابهم إنّما هی «کفرهم».


1. (یرجع): تأتی کفعل لازم وکفعل متعدّی، وقد وردت هنا بالحالة الثّانیة لتعطی معنى العودة، ومجیئها بعد (بعضهم إلى بعض) معناه فی النتیجة بمعنى «مفاعلة».
2. الأنبیاء، 14.
3. اُنظر لسان العرب ذیل مادّة (سرّ)، ج 4، ص 357، فهناک بحث مفصّل بهذا الخصوص مع اختلافات أهل اللغة والأدب.
سورة سبأ / الآیة 31 ـ 33 سورة سبأ / الآیة 34 ـ 38
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma