التسبیح والحمد فی جمیع الأحوال لله!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة الروم / الآیة 17 ـ 19 سورة الروم / الآیة 20 ـ 22

بعد الأبحاث الکثیرة التی وردت فی الآیات السابقة فی شأن المبدأ والمعاد، وقسم من ثواب المؤمنین، وجزاء المشرکین وعقابهم... ففی الآیات محل البحث یذکر التسبیح والحمد والتقدیس والتنزیه لله من جمیع أنواع الشرک والنقص والعیب، إذ تقول الآیة: (فسبحان الله حین تمسون وحین تصبحون * وله الحمد فی السماوات والأرض وعشیاً وحین تظهرون).

وعلى هذا فقد ورد فی هاتین الآیتین ذکر لأربع أوقات لتسبیح الله:

بدایة اللیل (حین تمسون).

وطلوع الفجر (حین تصبحون).

وعصراً (عشی).

وعند الزوال ـ فی الظهر ـ (حین تظهرون)(1).

أمّا «الحمد» من حیث المکان فهو عام وشامل لجمیع السماوات والأرض.

وذکر هذه الأوقات الأربعة فی الآیات المتقدمة لعله کنایة عن الدوام والاستمرار فی التسبیح، «أی کل وقت وکل زمان».

کما احتمل بعض المفسّرین أنّ المراد من هذه الأوقات الأربعة الإشارة إلى أوقات الصلاة، إلاّ أنّهم لم یجیبوا على هذا السؤال، وهو: لم ذکر فی القرآن أربعة أوقات بدلا من خمسة أوقات؟ «ولم یرد الکلام على صلاة العشاء»!

ولکن یمکن الجواب على هذا السؤال بأن وقت صلاة المغرب مقارب لوقت صلاة العشاء نسبیاً، والفاصلة بینهما حدود الساعة إلى الساعة والنصف، فجاءت الصلاتان فی مکان واحد، غیر أنّ الفاصلة بین الظهر والعصر أطول نسبیاً، حیث تطول أکثر من ساعتین.

لکننا لو أخذنا التسبیح والحمد بمفهومهما الوسیع فی الآیة، لوجدنا أنّهما لا یتحدّدان بالصلوات الخمس، وإن کانت هذه الصلوات من مصادیقهما الواضحة.

وینبغى أن نذکر هذه المسألة «اللطیفة» وهی: إنّ کلا من جملتی (سبحان الله)و(له الحمد) یمکن أن تکونا إنشاء لتسبیح الله وحمده من قبل الله سبحانه، کما قال فی الآیة 14 من سورة المؤمنون (فتبارک الله أحسن الخالقین).

ویمکن أن یکون هذا الحمد والتسبیح بمعنى الأمر، أی «سبّحوه واحمدوا له».

وهذا التّفسیر یبدو أقرب للنظر، إذ الآیات المتقدمة هی بمثابة دستور لجمیع العباد لمحو آثار الشرک والذنب من الروح والقلب کل صباح ومساء وکل ظهر وعصر، فسبحوا الله واحمدوا له فی الصلاة وفی غیر الصلاة.

ونقرأ حدیثاً عن النّبی(صلى الله علیه وآله) یقول فیه: «من قال حین یمسی ثلاث مرات فسبحان الله حین تمسون وحین تصبحون (الآیات الثلاث إلى.. تخرجون) أدرک مافاته فی یومه، وإن قالها حین یمسی أدرک ما فاته لیلته»(2).

وفی الآیة التالیة عودة إلى المعاد، ویرد القرآن المنکرین له عن طریق آخر، فیقول: (یخرج الحی من المیت ویخرج المیت من الحی ویحی الأرض بعد موتها وکذلک تخرجون).

أی إنّ میدان «المعاد» ومیدان «نهایة الدنیا» المتمثّل أحدهما بخروج «الحی من المیت» والآخر «خروج المیت من الحی» یتکرران أمام أعینکم، فلا مجال للتعجب من أن تحیا الکائنات جمیعاً، ویعودالناس فی یوم القیامة إلى الحیاة مرّة اُخرى!

أمّا التعبیر بـ «یخرج الحی من المیت» المستعمل للأراضی الموات، فقد ذکره القرآن مراراً فی مسألة المعاد وواضح أنّ الأرض تبدوا میتة فی فصل الشتاء، فلا خضرة ولا أزهار تضحک ولا براعم تتفتح، ولکن فی فصل الربیع مع سقوط الغیث واعتدال الهواء، تدبّ الحرکة فی الأرض، وتنمو الخضرة فی کل مکان، وتتبسّم الأزهار وتنمو البراعم على الأغصان وهذا میدان المعاد الذی نراه فی هذه الدنیا.

وأمّا مسألة «إخراج المیت من الحیّ» فهی لیست شیئاً خافیاً ولا مستتراً، فدائماً تموت الأشجار على الأرض وتتبدل إلى أخشاب، ویفقد الإنسان والحیوان حیاتهما، ویتبدل کل منهما إلى جسد هامد لا روح فیه.

وأمّا ما یتعلق بـ «إخراج الحیّ من المیت» ففسّره بعضهم بخروج الإنسان والحیوان من النطفة، وقال بعضهم: بل المراد منه تولد المؤمن من الکافر، وقال بعضهم: المراد منه تیقظ النائمین والراقدین.

والظاهر أنّه لیس أیّاً من هذه المعانی هو المعنى الأصلی، لأنّ النطفة بنفسها موجود حی، ومسألة «الکفر والإیمان» هی من بطون الآیة، لا من ظواهر الآیة، وأمّا موضوع التیقظ والنوم فهو أمر مجازی، إذ لیس النوم والتیقظ موتاً وحیاة حقیقیین.

إنّما ظاهر الآیة هو أنّ الله یخرج الموجودات الحیة دائماً من الموجودات المیتة، ویبدل الموجودات الهامدة التی لا روح فیها إلى موجودات حیّة.

وبالرغم من أنّه من المسلّم به ـ فی العصر الحاضر على الأقل ـ أنّه لم یُر فی المختبرات والمشاهدات الیومیّة أن موجوداً حیّاً یتولد من موجود میّت، بل تتولد الموجودات الحیة دائماً من البیوض أو البذور أونطف الموجودات الحیّة الاُخرى، غیر أنّ الثابت علمیاً والمسلّم به أنّه کانت الأرض فی البدایة قطعة ملتهبة من النّار، ولم یوجد علیها أی موجود حی، ثمّ وفقاً لظروف خاصة لم یکتشفها العلم ـ حتى الآن ـ بصورة دقیقة، تولدت الموجودات الحیّة من مواد لا روح فیها بقفزة کبیرة.. لکن هذا الموضوع وفی الظروف الفعلیة للکرة الأرضیة، وحیث إنّ العلم البشری لم یتوصل إلیه، فلم یشاهد هذا الموضوع (وبالطبع یحتمل أن تتحقق هذه القفزة الکبرى فی أعماق البحار والمحیطات فی بعض الظروف الحالیة).

لکن الذی نلمسه وندرکه، هو أنّ الموجودات المیتة دائماً تکون جزءاً من الموجودات الحیّة وتکسى ثوب الحیاة! فالماء والطعام اللذان نتناولهما لیسا من الموجودات الحیّة، لکنّهما

حین یکونان فی البدن ویصیران جزءاً منه یتحولان إلى موجود حیّ وتضاف کریات جدیدة وخلایا جدیدة إلى کریات البدن وخلایاه، کما یتبدل الطفل الرضیع عن هذا الطریق إلى شاب قوی متین.

ألیس هذا إخراج الحیاة من قلب الموت، أو «الحی من المیت»؟!

فعلى هذا یمکن القول بأن فی نظام الطبیعة دائماً یخرج الحی من المیت ویخرج المیت من الحی، وبهذا الدلیل فإنّ الله الذی خلق الطبیعة قادر على إحیاء الموتى فی العالم الآخر.

وبالطبع فإنّ الآیة الآنفة من جهة البعد المعنوی لها تفاسیر اُخر... منها تولد المؤمن من الکافر، وتولد الکافر من المؤمن، والعالم من الجاهل، والجاهل من العالم، والصالح من المفسد، والمفسد من الصالح، کما أشیر إلى کل ذلک فی الروایات الإسلامیة أیضاً.

ویمکن أن تکون هذه المعانی من بطون الآیة، لأنّنا نعرف أنّ آیات القرآن لها ظاهر وباطن، کما یمکن أن یکون للموت والحیاة معنى جامع واسع یشمل الجانب المادی والجانب المعنوی.

هذا وقد جاء فی روایة عن الإمام موسى بن جعفر(علیه السلام) فی تفسیر الآیة (یحی الأرض بعد موته) مایلی: «لیس یحییها بالقطر، ولکن یبعث الله رجالا فیحیون العدل، فتحیی الأرض لإحیاء العدل ولإقامة العدل فیه أنفع فی الأرض من القطر أربعین صباحاً»(3).

وواضح أنّ مراد الإمام(علیه السلام) أنّ معنى الآیة لا ینحصر بنزول الغیث، ولا ینبغی تفسیر الآیة بالغیث فحسب، لأنّ الإحیاء المعنوی للأرض بالعدل أهم من إحیائها بالغیث عند نزوله.


1. یرجى ملاحظة أنّ (عشی) و(حین تظهرون) قد عطفتا على (حین تمسون) ویرجع الجمیع للتسبیح.
2. تفسیر نور الثقلین، ج 4، ص 172.
3. نقلا عن اصول الکافی وطبقاً لتسفیر نور الثقلین، ج 4، ص 173.
سورة الروم / الآیة 17 ـ 19 سورة الروم / الآیة 20 ـ 22
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma