إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنکر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 10
سورة العنکبوت / الآیة 45 «أحادیث» ینبغی الإلتفاتُ إلیها:

بعد الفراغ من بیان أقسام مختلفة من قصص الاُمم السابقة وأنبیائهم العظام وما عاملهم به قومهم من معاملة سیئة مذمومة، وبیان نهایة هؤلاء الظالمین الألیمة، یتوجه الخطاب ـ على سبیل تسلیة الخاطر، وتقویة الروحیة، وإراءة الخط الکلّی أو الخطوط العامة ـ للنبیّ(صلى الله علیه وآله) ویأمره بما ینبغی علیه أن یفعل.

فیبدأ أوّلا بقوله: (اتل ما أوحی إلیک من الکتاب)... أی إقرأ هذه الآیات فسوف تجد فیها ما تبتغیه وتطلبه من العلم والحکمة والنصح، ومعیار معرفة الحق من الباطل، وسبل تنویر القلب والروح، ومسیر حرکة کل طائفة، أو مجموعة واتجاهها!.

إقرأ... وامض على نهجها فی حیاتک، إقرأها واستلهم منها... إقرأها ونوّر قلبک بتلاوتها.

وبعد بیان هذا الأمر الذی یحمل ـ فی الحقیقة ـ طابعاً تعلیمیاً، یأتی الأمر الثّانی الذی هو محور أصیل للتربیة فیقول تعالى: (وأقم الصلاة).

ثمّ یبیّن فلسفة الصلاة الکبرى فیقول: (إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنکر)(1).

طبیعة الصلاة ـ حیث إنّها تذکر بأقوى رادع للنفس، وهو الإعتقاد بالمبدأ والمعاد ـ فإنّها تردع عن الفحشاء والمنکر، فالإنسان الذی یقف للصلاة، ویکبّر، یرى الله أعلى من کل شیء وأسمى من کل شیء، ویتذکر نعمه فیحمده ویشکره، ویثنی علیه وینعته بأنّه رحمان رحیم، ویذکر یوم الجزاء «یوم الدین» ویعترف بالعبودیة له، ویطلب منه العون، ویستهدیه الصراط المستقیم، ویتعوذ به من طریق المغضوب علیهم، ویلتجىء إلیه (مضمون سورة الحمد).

فلا شک أنّ قلب مثل هذا الإنسان وروحه سوف تدبّ فیها حرکة نحو الحقّ، واندفاع نحو الطهارة، ونهوض نحو التقوى.

یرکع لله.. ویضع جبهته على الأرض ساجداً لحضرته، ویغرق فی عظمته، وینسى أنانیته وذاتیّاته جمیعاً.

ویشهد بوحدانیته وبرسالة النّبی(صلى الله علیه وآله).

ویصلی ویسلم على نبیّه، ویرفع یدیه متضرعاً بالدعاء لیجعله فی زمرة عباده الصالحین.

جمیع هذه الاُمور تمنح وجوده موجاً من المعنویة، وتکون سداً منیعاً بوجه الذنوب.

ویتکرر هذا العمل عدة مرّات «لیل نهار» فحین ینهض صباحاً یقف بین یدی ربّه وخالقه لیناجیه..

وعند منتصف النهار وبینما هو غارق فی حیاته المادیة یفاجأ بصوت تکبیر المؤذن، فیقطع عمله ویسرع إلى حضرته، بل فی آخر النهار بدایة اللیل أیضاً وقبل أن یدلف إلى فراش الدعة والراحة، یدعوه ویطلب منه حاجته، ویجعل قلبه مرکز أنواره.

وبغض النظر عن کل ما تقدم فإنّ الإنسان حین یتهیأ لمقدمات الصلاة، یطهّر بدنه ویبعد عنه مسائل الحرام والغصب، ویتّجه إلى الحبیب، فکلّ هذه الاُمور لها تأثیر رادع لنوازع الفحشاء والمنکر.

غایة ما فی الأمر أنّ کل صلاة ـ بحسب شروط الکمال وروح العبادة لها ـ أثر رادع ناه عن الفحشاء والمنکر، فتارة تنهى نهیاً کلیّاً واُخرى جزئیاً.. ومحدوداً.

ولا یمکن لأحد أن یصلی ولا تدع الصلاة فیه أثراً حتى لو کانت الصلاة صوریة، وحتى لو کان ملوّثاً بالذنب! وبالطبع فإنّ مثل هذه الصلاة قلیلة الفائدة ومثل هؤلاء الأفراد لو لم یصلّوا صلاةً کهذه لکانوا أسوأ ممّا هم علیه.

ولنوضّح أکثر فنقول: النهی عن الفحشاء والمنکر له سلسلة درجات ومراتب کثیرة،

وکل صلاة مع رعایة الشروط لها نسبة من هذه الدرجات.

وممّا بیّناه آنفاً یتّضح أن تخبط بعض المفسّرین فی تفسیر هذه الآیة، وانتخاب تفسیرات غیر مناسبة لا وجه له! وربّما فسّروها بتفسیر غیر مناسب، لأنّهم رأوا بعض الناس یصلون ویرتکبون الذنوب، ففسّروا الآیة فی معناها المطلق دون سلسلة المراتب، وأخذوا یشکّون ویترددون، فاختاروا طرقاً اُخرى فی تفسیر الآیة.

فمنها ما قاله بعضهم: من أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنکر ما دام الإنسان مشغولا بها، وهذا کلام عجیب، إذ لا تتمیز الصلاة بهذا وحدها، فکثیر من الأعمال على هذه الشاکلة.

وقال بعضهم: إنّ أعمال الصلاة وأذکارها بمثابة عبارات وجمل، کل جملة تنهى الإنسان عن الفحشاء والمنکر، فمثلا کل من التکبیر والتهلیل والتسبیح.. کلٌّ منها یقول للإنسان: لا تذنب ولکن هل أنّ هذا الإنسان یصغی لهذا النهی أم لا... فهذا أمر آخر.

ولکن من ذهب إلى هذا التّفسیر، غفل عن هذه الحقیقة، وهی أنّ النهی هنا لیس نهیاً تشریعیاً فحسب، بل هو نهی تکوینی، فظاهر الآیة أنّ الصلاة لها أثر ناه، والتّفسیر الأصیل هو ما قدمناه ذکره وبیانه آنفاً.

وبالطبع فلا مانع من القول أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنکر نهیاً تکوینیاً ونهیاً تشریعیاً أیضاً.


1. بیّنا الفرق بین الفحشاء والمنکر فی تفسیر الآیة 90 من سورة النحل فی عبارة موجزة، وقلنا: إنّه یمکن التفریق بینهما بأنّ الفحشاء هی إشارة للذنوب الکبیرة الخفیة، وأمّا المنکر فهو الذنوب الکبیرة الظاهرة، أو أنّ الفحشاء هی الذنوب التی تنتج بغلبة القوى الشهوانیة، والمنکر من أثر القوى الغضبیة.
سورة العنکبوت / الآیة 45 «أحادیث» ینبغی الإلتفاتُ إلیها:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma