ج) قیام المختار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
نقد وتحلیلالمعرکة الأخیرة

أسلفنا آنفاً أن ثورة التوابین لم تستمر بعد قتل قادتهم وخمت نیران ثورتهم لمدّة ما، ولکن سرعان ما تأججت بظهور المختار لیعمّ الثأر کافة مناطق العراق لتتهاوى الأصنام الأمویة وصانعی مجزرة کربلاء الواحد تلو الآخر. فقد أستطاع المختار بشخصیته وحنکته السیاسیة وفطنته ورفعه لشعار المطالبة بدم الحسین(علیه السلام) أن یجمع حوله العدید من الأنصار ویحقق تلک الانتصارات.

کان أبوه هو «أبو عبیدة بن مسعود الثقفی» من الرجال الأشداء الذی قتل مع أحد أولاده ویدعى «جبر بن أبی عبیدة» سنة 14 هـ قرب الحیرة عند جسر دجلة فی یوم الجسر فی قتاله لجیش الفرس على عهد الخلیفة الثانی(1).

قال الأصبغ بن نباتة: رأیت أمیر المؤمنین(علیه السلام) یجلس المختار ویقول له: «یا کیِّس یا کیِّس»(2) وندرک مدى دقّة عبارة الإمام(علیه السلام) على ضوء تحلیلنا لقیام المختار. فقد تمکن المختار خلال مدّة قصیرة من التسلل إلى أفکار الناس وشحذ هممهم وتعبئتهم للثورة بأروع الأسالیب التی تکشف عن عمق معرفته بالناس. وکان أول من قصده سفیر الحسین(علیه السلام)مسلم بن عقیل لما دخل الکوفة رغم کثرة أشرافها، ثم انتقل بعد مدّة إلى دار هانی بن عروة. وحین تمکن عبید الله بن زیاد من تفریق أهل الکوفة عن مسلم بتهدیده ووعیده; انطلق المختار حین کان فی قریة القفا مع صحبه لنصرة مسلم فی الکوفة، إلاّ أنّ رجال عبید الله ألقوا القبض علیه وحبسوه. فبقى فی السجن مع میثم التمار ـ أحد خلص أمیر المؤمنین(علیه السلام) طیلة أحداث کربلاء.

قال ابن أبی الحدید: إنّ میثم التمار قال للمختار:

«إِنَّکَ تَفْلِتُ وَتَخْرُجُ ثائِراً بِدَمِ الْحُسَیْنِ(علیه السلام) فَتَقْتُلُ هذا الْجَبّارَ الَّذی نَحْنُ فِی سِجْنِهِ، وَتَطَأُ بِقَدَمِکَ هذا عَلى جَبْهَتِهِ وَخَدَّیْهِ»(3).

قطعاً هذا الکلام لیس لمیثم وإنّما سمعه من مولاه علی(علیه السلام). ولم تمض مدّة حتى حکم ابن زیاد على المختار بالإعدام، فلما أتى به أمر یزید بإطلاق سراحه بعد أن شفع له عبدالله بن عمر زوج أخت المختار. فالتحق المختار بعبدالله بن الزبیر بمکة بعد أن ترک الکوفة بأمر ابن زیاد(4).

ویرى بعض علماء الشیعة الذین یثنون على المختار أنّه التحق بابن الزبیر  لمصلحة ولمخالفته لبنی أمیة وقد دافع عن الحرم الإلهی حین حوصر ابن الزبیر هناک من قِبل جیش الشام، وما أن علم بانحراف ابن الزبیر حتى تخلى عنه وانطلق إلى الکوفة(5).

کان المختار یفکر فی ذلک الهدف الکبیر ـ الطلب بدم الحسین(علیه السلام) ولا یفارق سمعه کلام صاحب أمیر المؤمنین(علیه السلام) میثم التمار، فکان یشعر بوظیفته فی القیام بهذا الأمر. ولذلک قصد أحد أبناء أمیر المؤمنین(علیه السلام) وهو محمّد بن الحنفیة(6).

وقد تزامن دخول المختار للکوفة مع قیام التوابین، لکنّه کان یحدث أهل الکوفة بعدم جدوى القیام، مع ذلک لم یستطع جمع الشیعة، وبالنتیجة حبس ثانیة من جانب عبدالله بن یزید بمساعی أشراف الکوفة، فکان فی السجن لما فشلت ثورة التوابین(7). ثم اطلق سراحه بشفاعة عبدالله بن عمر، فتمهد السبیل لثورته. فاستجاز الإمام السجاد(علیه السلام) بدعوة الناس والبدء بالثورة. إلاّ أنّ الإمام(علیه السلام) لم یجبه، وإن صرحت بعض الروایات برضاه عمّا فعله بقتلة الإمام الحسین(علیه السلام)(8). فذهب إلى محمد بن الحنفیة وبدأ دعوته باسمه(9). قال الطبری فی تاریخه: أجابه محمد بن الحنفیة:

«فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنا مِنْ عَدُوِّنا بِمَنْ شاءَ مِنْ خَلْقِهِ»(10).

فجمع المختار الشیعة وبعث ببعضهم للحجاز لیسمعوا ما قاله ابن الحنفیة(11) .

وکانت حمایة إبراهیم الأشتر (ابن مالک الأشتر) أحد زعماء قبیلة مذحج والذی عرف بولائه لأمیرالمؤمنین(علیه السلام) وأهل بیته کأبیه، دعماً کبیراً للمختار. وکان إبراهیم معروفاً من الجمیع لکنّه کان متردداً فی أمر قیام المختار ولم یشترک حتى فی ثورة التوابین. وقد شق على المختار تردد إبراهیم فسعى للحصول على نصرته حتى وفق فی ذلک(12).

فاتفق المختار وإبراهیم على القیام لیلة الخمیس 14 ربیع الأول سنة 66 هـ(13).

وبلغ عبد الله بن مطیع خبر المختار فبث جنوده وحاصر الکوفة. فدفع ذلک المختار للتعجیل بالقیام، لأنّ إبراهیم الأشتر ذهب مع جمع من أصحابه لیلة الثلاثاء 12 ربیع الأول سنة 66 هـ إلى دار المختار فاعترضه الجنود فقتل رئیس شرطة الکوفة فهرب الآخرون واطلعوا حاکم الکوفة على الخبر فسارع المختار بثورته وشعاره «یالثارات الحسین»(14) فنهض الشیعة وقاتلوا بشدّة حتى سیطروا على الکوفة بعد ثلاثة أیّام وهرب عبد الله بن مطیع والی الکوفة إلى البصرة. فصعد المختار المنبر وقال:

«تُبایِعُنی عَلى کِتابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِیِّهِ وَالطَّلَبِ بِدِماءِ أَهْلِ الْبَیْتِ، وَجِهادِ الُْمحِلِّینَ وَالدَّفْعِ عَنِ الضُّعَفاءِ»(15).

لکن کان هنالک ثلاثة أعداء یشکلون خطراً على حکومة المختار:

1. حکومة الشام بقیادة بنی مروان من الشمال.

2. حکومة عبدالله بن الزبیر من ناحیة الجنوب (مکة).

3. قتلة الإمام الحسین والأشراف من داخل العراق.

وکان من الطبیعی أن لا یتحمل بنو أمیة حکومة الشیعة فی قلب العالم الإسلامی فی العراق، فأمر عبد الملک بن مروان عبید الله ابن زیاد بالتصدی للمختار والسیطرة على الکوفة. ولما تجمع جیش ابن زیاد فی الموصل سار المختار وإبراهیم بسبعة آلاف. لکن قتلة الإمام الحسین مثل شبث بن ربعی وشمر بن ذی الجوشن استغلوا غیاب إبراهیم فهجموا على الکوفة وحاصروا دار الإمارة فأشار المختار على إبراهیم بالرجوع إلى الکوفة فقضى علیهم ثم بعثه ثانیة للقتال فقضى على جند ابن زیاد بعد أن فروا وألقوا بأنفسهم فی النهر وقد هلک فی هذه المعرکة التی صادفت فی عاشوراء سنة 67 هـ العدید من أفراد بنی أمیة مثل عبید الله بن زیاد والحصین بن نمیر حیث قتل إبراهیم الأشتر ابن زیاد وبعث برأسه إلى المختار فی الکوفة فبعث به المختار إلى الإمام السجاد فی المدینة(16). قال الإمام الصادق(علیه السلام):

«مَا اکْتَحَلَتْ هاشِمِیَّةٌ، وَلاَ اخْتَضَبَتْ، وَلاَ رُئِیَ فَی دارِ هاشِمِیّ دُخانٌ خَمْسَ حِجَج، حَتّى قُتِلَ عُبَیْدُ اللهِ بْنُ زِیاد»(17).

وهکذا تمّ القصاص من جمیع قتلة الإمام الحسین(علیه السلام) قال العقاد المصری: «فسلط الله على قاتلی الحسین(علیه السلام)کفؤاً لهم من القمة والنکل بغل حدیدهم بحدیده وبکیل لهم بالکیل الذی یرفعوفه وهو مختار بن أبی عبید الثقفی داعیة التوابین من طلاّب ثأر الحسین، فاهاب أهل الکوفة أن یکّفروا عن تقصیرهم من نصرته، أن یتعاهدوا على الأخذ بثأره فلا یبقین من قاتلیه أحد ینعم بالحیاة وهو دفین مذال القبر فی العراء، ولا أحد ممن أحصیت علیهم ضربة أوکلمة أو مدوا أیدیهم بالسلب والمهانة إلى الموتى والأحیاء»(18).

وذکر العلاّمة المجلسی فی بحار الأنوار عن ابن نما (وکان الشمر بن ذی الجوشن قد أخذ من الإبل التی کانت تحت رحل الحسین(علیه السلام) فنحرها وقسم لحمها على قوم من أهل الکوفة فأمر المختار فأحصوا کل دار دخلها ذلک اللحم فقتل أهلها وهدمها)(119).

طبعاً لم تکن أعمال المختار هذه سوى إجراء العدل فجنایات أولئک الأشرار إنّما فاقت حد التصور والخیال.



1 . تاریخ الطبری، ج 2، ص 628; مروج الذهب، ج 2، ص 315.
2 . بحار الأنوار، ج 45، ص 344; رجال الکشی ص 127. لعل تکرارها مرّتین لأنّه ملقب بالکیسان، ویرى البعض أنّ الفرقة الکیسانیة تنسب إلیه (بحار الأنوار، ج3، ص 345).
3 . شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 2، ص 293.
4 . راجع تاریخ الطبری، ج 4، ص 442-444.
5 . راجع تاریخ الطبری، ج 4، ص 446.
6 . بحار الأنوار، ج 45، ص 352 «رحل المختار إلى المدینة وکان یجالس محمّد بن الحنفیة ویأخذ منه الأحادیث».
7 . راجع تاریخ الطبری، ج 4، ص 470.
8 . یعتقد بعض الشیعة أن فعل الإمام السجاد (علیه السلام) لا یعنی رفض مشروع المختار، بل کان ذلک بسبب صعوبة ظروف الإمام (علیه السلام) (راجع تنقیح المقال للعلاّمة المامقانی، سیرة المختار).
9 . مروج الذهب، ج3، ص 74.
10 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 492; الکامل لابن الأثیر، ج 4، ص 214.
11 .تاریخ الطبری، ج4، ص 292.
12 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 494.
13 . تاریخ الطبری، ج4، 496; الکامل لابن الأثیر، ج 4، ص 216.
14 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 498; فتوح ابن الأعثم، ج 6، ص 103 وکذلک تاریخ الیعقوبی، ج 2، ص 258.
15 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 508 وجاء فی أمالی الشیخ الطوسی: «بایعوه على کتاب الله وسنّة رسوله والطلب بدم الحسین والدفع عن الضعفاء».
16 .انظر: بحارالأنوار،ج34،ص383-386; تاریخ الطبری، ج4، ص 513، 516 و 556، وجاء فی تاریخ الیعقوبی أنّ علی بن الحسین (علیه السلام) لم یر ضاحکاً قط منذ قتل أبوه إلاّ فی ذلک الیوم (تاریخ الیعقوبی، ج 2، ص 259).
17 . بحار الأنوار، ج 45، ص 386.
18 . أبو الشهداء، لمؤلفه عباس محمود العقّاد، ص 205 (بتصرف).
19 . بحارالأنوار، ج 45، ص 377.

 

نقد وتحلیلالمعرکة الأخیرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma