الفصل الثانی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
الفصل الأولالفصل الثالث

رغم الصورة الظاهریة التی تفید انتصار یزید فی عاشوراء 61 هـ وحسم الموقف فی القتال غیر المتکافىء فی کربلاء لصالح جبهة الکفر، إلاّ أنّ نظرة عمیقة تکشف إنّ النصر الحقیقی کان للإمام الحسین(علیه السلام) وصحبه المیامین. فالحسین(علیه السلام) خلف منهجاً فی تلک النهضة وأرسى بدمه مدرسة للمسلمین، بل لقاطبة أحرار العالم طیلة التاریخ فأضحت کعبة لدعاة الحق فی العالم.

قال «موسیو ماریین» الألمانی: «فقد أثبت الحسین(علیه السلام) للعالم أن لا دیمومة للظلم والجور ولا یصمد بناء الظلم أمام الحق مهما کان عظیماً»(1).

یتساءل سید قطب المفسر والعالم المصری المعروف عند تفسیره للآیة 51 من سورة غافر(2): «إنّ وعد الله بالنصر للأنبیاء والمؤمنین جازم قاطع فأمّا فی الآخرة فلا یجادل فیه أحد وأمّا فی الدنیا، فإننا نشاهد أنّ الرسل منهم من یقتل ومنهم من یهاجر. فأین وعد الله لهم بالنصر فی الحیاة الدنیا؟ إنّ الناس یقیسون بفترة قصیرة من الزمان وحیز محدود من المکان وهی مقاییس بشریة صغیرة. فأمّا المقیاس الشامل فیعرض القضیة فی الرقعة الفسیحة من الزمان والمکان ولا یضع الحدود بین عصر وعصر ولا بین مکان ومکان ولو نظرنا إلى قضیة الاعتقاد والإیمان فی هذا المجال لرأیناها تنتصر من غیر شک وانتصار قضیة الاعتقاد هو انتصار أصحابها.
والناس کذلک یقصرون معنى النصر على صورة معینة معهودة لهم قریبة الرؤیة لأعینهم، ولکن صور النشر شتى وقد یتلبس بعضها بصورة الهزیمة عند النظرة القصیرة. إبراهیم(علیه السلام) وهو یلقى فی النار فلا یرجع عن عقیدته ولا عن الدعوة إلیها. أکان فی موقف نصر أم فی موقف هزیمة. ما من شک ـ فی منطق العقیدة ـ أنه کان فی قمة النصر وهو یلقى فی النار، کما أنّه انتصر مرة أخرى وهو ینجو من النار(3).

ثم أشار السید قطب إلى الحسین(علیه السلام) فقال: والحسین رضوان الله علیه وهو یستشهد فی تلک الصورة العظیمة من جانب والمفجعة من جانب آخر. أکانت هذه نصرا أم هزیمة؟ فی الصورة الظاهریة وبالمقیاس الصغیر کانت هزیمة، فأمّا فی الحقیقة الخالصة وبالمقیاس الکبیر فقد کانت نصراً.

ثم قال: فما من شهید فی الأرض تهتز له الجوانح بالحب والعطف، وتهفو له القلوب وتجیش بالغیرة والفداء کالحسین ـ رضوان الله علیه ـ یستوی فی هذا المتشیعون وغیر المتشیعین من المسلمین وکثیر من غیر المسلمین.

واختتم قوله: وکم من شهید ما کان یملک أن ینصر عقیدته ودعوته ولو عاش ألف عام کما نصرها باستشهاده، وما کان یملک أن یودع القلوب من المعانی الکبیرة ویحفز الألوف إلى الأعمال الکبیرة بخطبة مثل خطبته الأخیرة التی یکتبها بدمه. فتبقى حافزاً محرکاً للأبناء والأحفاد. وربّما کانت حافزاً محرکاً لخطى التاریخ کله مدى أجیال»(4).

نعم أضحت نهضة الإمام الحسین(علیه السلام) وشهادته وصحبه البررة درساً لأحرار العالم، ممّا حدا بالعدید من القادة والزعماء الأحرار للإستلهام من تلک النهضة لیسطروا تلک الانتصارات.

فقد صرح الزعیم الهندی (المهاتما غاندی): «إنّه لم یأت بجدید لشعب الهند وکل ما قدمته حصیلة مطالعاتی لتاریخ وسیرة أبطال کربلاء فإن أردنا تحریر الهند فما علینا إلاّ السیر على خطى الحسین بن علی»(5).

کما صرح الزعیم الباکستانی (محمد علی جناح): «أن لیس هنالک من شجاعة وتضحیة تفوق شجاعة الحسین(علیه السلام). وأعتقد أنّه یجب على جمیع المسلمین التأسی بذلک الشهید الذی ضحى بنفسه فی کربلاء»(6).

ویبدو هذا التأسی واسعاً وجلیاً فی عالم التشیع بالنهضة الحسینیة. فقد تمکن زعماء الشیعة طیلة التاریخ من تحقیق الانتصارات الباهرة من خلال تعبئة الجماهیر بالاستلهام من ملحمة کربلاء العظیمة وتضحیاتها الجسام. ولعل الانتصار الذی حققه الشعب الإیرانی فی الإطاحة بالنظام الشاهنشاهی الغاشم وملحمة الدفاع المقدس لثمان سنوات فی جبهات صراع الحق ضد الباطل والجهاد الذی یخوضه شباب حزب الله فی جنوب لبنان فی مواجهة الکیان الصهیونی وبتلک الترسانة من الأسلحة، من النماذج البارزة للتأسی والاقتداء بالنهضة الحسینیة فی عصرنا الراهن.


1 . انظر: «درس که حسین(علیه السلام) به انسانها آموخت» بالفارسیة یعنی (الدرس الذی لقّنه الحسین العالم)، للمرحوم الشهید عبدالکریم هاشمی نجاد، ص284 .
2 . (إنّا لننصر رسلنا والذین آمنوا فی الحیاة الدنیا ویوم یقوم الأشهاد).
3 . عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی شرح الآیة 45 من سورة غافر: (فوقاه الله سیئات ما مکروا...) قال: «یَعْنی مُؤْمنَ آلِ فِرْعَوْنَ، وَاللهِ لَقَدْ قَطَّعُوهُ إرْباً إرْباً، وَلکِنْ وَقاهُ اللهُ أَنْ یَفْتِنُوهُ فِی دینِهِ». (بحارالأنوار، ج 13، ص 162).
4 . فی ظلال القرآن، ج 7، ص 189-190 (بقلیل من التصرف والتلخیص).
5 . مجلة الغری، النجف الأشراف ربیع الأول 1381.
6 . مرد ما فوق انسانها، بالفارسیة یعنی الإنسان الذی فاق الآخرین للسید على أکبر القریشی، ص 286.
الفصل الأولالفصل الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma