أکّدت العدید من آیات القرآن على ضرورة تفعیل وحفظ ذکر الأنبیاء(علیهم السلام) وکبار شخصیات التاریخ وسرد سیرتهم التی تنطوی على الدروس والعبر. ومطالعة هذه الطائفة من الآیات التی تبدأ عادة بقوله تعالى: (وأُتلُ عَلَیْهِمْ، وَأُذْکُرْ فِی الْکِتَابِ)تفید أنّ الغرض من ذکر صفوة الله لا یمکن فی إستعراض حیاتهم وبیان أسمائهم وقضایاهم الشخصیة، بل دلیل ذکرهم فی هذه الآیات صفاتهم الحمیدة وخصالهم الحسنة وأسالیبهم الربانیة والإنسانیة. فإننا نقرأ فی هذه الآیات:

(وَاذْکُرْ فِی الْکِتابِ إِبْراهِیمَ إِنْهُ کانَ صِدیقاً نَبِیاً)(1).

(وَاذْکُرْ فِی الْکِتابِ مُوسى إِنَّهُ کانَ مُخْلَصاً وَکانَ رَسُولا نَبِیاً)(2).

(وَاذْکُرْ فِی الْکِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ کانَ صادِقَ الْوَعْدِ)(3).

(وَاذْکُرْ عِبادَنا إِبْراهِیمَ وَإِسْحقَ وَیَعْقُوبَ اُولِى الاَْیْدِی وِالاْبصارِ)(4).

وکما نلاحظ لم ترد فی هذه الآیات إشارة إلى الجوانب الشخصیة والسریة وماهم علیه من حیاة اعتیادیة، بل کان الکلام عن فضائلهم الخلقیة وأسالیبهم البناءة، وهذا یشیر إلى أنّ لزوم إحیاء ذکرهم إنّما یعزى إلى وجود هذه الصفات والملکات الحمیدة، ولیست هنالک من موضوعیة وخصوصیة لذکر أسمائهم، بل إحیاء ذکر کل مَن اتّصف بهذه السجایا الإنسانیة والربانیة لمن الوظائف الإنسانیة والدینیة.

ومن هنا نرى استغلال أئمّة الهدى(علیهم السلام)لکل فرصة وفی مختلف المناسبات فی إحیاء وتخلید شهداء کربلاء بصفتهم أکمل أسوة فی التضحیة والفداء فی سبیل نجاة الأمّة، ولاسیما سید الشهداء أبو عبد الله الحسین(علیه السلام).

حقّاً إنّ تخلید ذکر هؤلاء الأولیاء سیلهم الأجیال ویجعل حیاتهم هادفة ویثیر لدیهم روح التضحیة والفداء ویمنحهم قوّة الصمود بوجه الخطوب والمحن. وبالتالی فإن ذکر هؤلاء الصلحاء والتذکیر بسجایاهم الخلقیة سیؤدّی بکل أمّة ـ خاصة الأمّة المسلمة ـ إلى التأسی والإقتداء بهم.

1 . سورة مریم، الآیة 41.
2 . سورة مریم، الآیة 51.
3 . سورة مریم، الآیة 54.
4 . سورة ص، الآیة 45.