نقل المؤرخ المعروف الخوارزمی أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) سار حتى نزل «الثعلبیة»(1) وذلک فی وقت ونزل أصحابه فوضع رأسه فاغفى ثم انتبه باکیاً فقال له ابنه علی بن الحسین: یا أبة لا أبکى الله عینیک.
«یا بُنَیَّ إِنَّها ساعَةٌ لا تُکْذِبُ الرُّؤْیا، فَأُعْلِمُکَ أَنِّی خَفَقْتُ بِرَأْسِی خَفْقَةً فَرَأَیْتُ فارِساً عَلى فَرَس وَقَفَ عَلَیَّ فَقالَ یا حُسَیْنُ! إِنَّکُمْ تُسْرِعُونَ الْمَسیرَ وَالْمَنایا بِکُمْ تُسْرِعُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَعَلمتُ أنّ أَنفُسنا نُعیتْ إِلینا».
فقال له ولده علی بن الحسین(علیه السلام): «أَفَلَسْنا علَى الحَقَّ؟!».
قال(علیه السلام): «بَلَى یا بنی والَذّی إلِیةِ مَرِجِعُ العِبادُ».
قال: «إِذاً لا نُبالی بالمَوتِ».
فقال(علیه السلام): «جَزَاک اللهُ یا بُنَیَّ خَیْرَ ما جُزِیَ بِهِ وَلَدٌ عَنْ والِد»(1).
قطعاً لم یکن بکاء الإمام(علیه السلام) على نفسه، فقد أعرب کراراً فی أقواله السابقة عن رغبته بالشهادة، ولیس لهذه الرؤیا من جدید بهذا الخصوص، وعلیه فإما کان یبکی على ولده وصحبه، أو على الإسلام والمسلمین. کما کان على کل حال اختباراً لولده علی الأکبر(علیه السلام)، وقد کشف حقیقة الأمر بجوابه الشجاع والمخلص وبیّن أنّ أهل البیت لا یخشون فی الحق أحداً ویفتحون صدورهم للشهادة.