مقدّمة سماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه العالی)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
الطریقة المثلی لمطالعة التاریخ

إنّ مراسم العزاء فی عاشوراء الحسین التی تقام کل سنة بصورة أروع وأحسن وأوسع من سابقتها مفعمة بدموع وتأوهات عشاق مدرسة سید الشهداء(علیه السلام)، لا ینبغی أن تنسینا روحها الملحمیة، ولو ألقینا نظرة إجمالیة لکنها دقیقة على تاریخ کربلاء منذ الیوم الأول لحدّ الآن، لشهدنا تغییرات عظیمة فی الاستنتاجات من هذا التاریخ إزاء هذه المدرسة. فقد انبثق عاشوراء بصیغة ملحمة، ثم تحول إلى مجرّد حادثة مأساویة مصحوبة بالدموع والآهات، وارتدت فی القرن الأخیر حلتها الأولى، أی برزت روحها الملحمیة فی خضم سیل الدموع والآهات لعشاق المدرسة الحسینیة وبثت الحرکة فی صفوف الجماهیر المسلمة .کما أنّ الشعارات الثوریة «هیهات منّا الذلة» و«إنّ الحیاة عقیدة وجهاد» المقتبسة من تاریخ کربلاء، إلى جانب القصائد المؤلمة للشعراء والأدباء خلقت حرکة فکریة لدى الخطباء والمداحین وخاضت فی شرح أبعاد ملحمة کربلاء من خلال مراسم العزاء بمعطیاتها وصورها التقلیدیة التی لا ینبغی نسیانها على الدوام. کما کان لهذه الملحمة دورها الحیوی ولاسیما فی الثورة الإسلامیة ومشاریع حزب الله جنوب لبنان وأخیراً مراسم عاشوراء والأربعین فی العراق، لیدوی نداء «کل أرض کربلاء، وکل یوم عاشوراء» فی أوساط البلدان الإسلامیة. أجل! حقّاً کانت عاشوراء  ملحمة، فالإمام الحسین(علیه السلام) حین أراد آنذاک الحرکة من مکة إلى العراق قال:

«مَنْ کَانَ فِینا باذِلا مُهْجَتَهُ وَمُوَطِّناً عَلى لِقاءِ اللهِ نَفْسَهُ فَلْیَرْحَلْ مَعَنا»(1).

وأکد ذلک قرب کربلاء فقال:

«أَلا وَإِنَّ الدَّعِیَّ ابْنَ الدَّعیِّ قَدْ تَرَکَنی بَیْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ، هَیْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة»(2).

ووقع أصحاب الحسین (علیه السلام) لیلة عاشوراء تلک الوثیقة فقالوا:

«لَوْ قُتِلنا سَبْعینَ مَرة بَل ألفَ مَرة لَما تَرَکنا نصرتک»(3).

کما توّجت تلک الملحمة فی الطریق إلى کربلاء بعبارة علی الأکبر(علیه السلام): «إذَنْ لانُبالی بِالْمَوْتِ»(4). وأذهل أصحاب الإمام الحسین(علیه السلام) العدو برجزهم فی المیدان وهم یطلقون تلک العبارات التی تعکس مدى صمودهم أمام جیشه.

ثم جاء دور العقیلة زینب الکبرى(علیها السلام) التی جلست عند مصرع أخیها الحسین لترفع جسده الطاهر متضرعة: «اللهم تقبل منّا هذا القربان»(5). کما ورد صراحة فی خطبتها فی الکوفة: «أتبکون وتنتحبون. فابکوا کثیراً واضحکوا قلیلاً ... فلن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنى ترحضوها بقتل سلیل خاتم النبوة(صلى الله علیه وآله) ومعدن الرسالة وملاذکم»(6). ثم ردت بتلک الشجاعة الفائقة على ذلک المجرم السفاح ابن زیاد قائلة: «ما رأیت إلا جمیلا، هؤُلاءِ قَوْمٌ کَتَبَ اللهُ عَلَیْهِمُ الْقَتْلَ، فَبَرزُوا إلى مَضَاجِعِهِمْ...»(7).

وقالت(علیها السلام) فی خطبتها بالشام مخاطبة یزید: «وَلئن جرتْ علیّ الدواهی مخاطبتَک فإنّی لأستصغر قدرک وأستکثر تقریعک ... فاسع سعیک وناصب جهدک، فوالله لا تُمیت وحینا ولا تَمحوا ذکرنا»(8).

وکذلک ما ورد فی خطب الإمام السجاد(علیه السلام) فی الشام والمدینة والتی تعکس کل منها الروح الملحمیة لتلک الحادثة التاریخیة الکبرى. وسعى أغلب شعراء أهل البیت(علیهم السلام)طیلة التاریخ إلى تجسید تلک الروح الملحمیة فی أشعارهم. فقد استهل دعبل ذلک الشاعر الشجاع المخلص تائیته المعروفة بهذا البیت:

مَدارِسُ آیات خَلَتْ مِنْ تِلاوَة *** وَمَنْزِلُ وَحْی مُقْفِرُ الْعَرَصاتِ(9)

کما أضفى علیها الشعراء المعاصرون صبغة جدیدة من خلال ما نظموا من قبیل:

إنْ کَانَ دینُ مُحَمَّد لَمْ یَسْتَقِمْ *** إِلاَّ بِقَتْلی یا سُیوُفُ خُذینی(10)

أو ما أنشده الشاعر مصوراً لسان حال سید الشهداء(علیه السلام):

قِفْ دُونَ رَأْیِکَ فی الْحَیاةِ مُجاهِداً *** إِنَّ الْحَیاةَ عَقیدَةٌ وَجِهادُ

یسعى أعداء الإسلام الیوم للقضاء على هذه الشریعة السمحاء التی تهدد مصالحهم اللامشروعة من خلال إفراغ هذه المراسم الحسینیة من مضمونها ومصادرة روحها الملحمیة وإیداع دروسها الکامنة فی کافة تفاصیل هذه الملحمة التاریخیة العظمى فی وادی النسیان. ومن هنا یطالب الخطباء الواعون والمداحون الهادفون والکتاب الشجعان والیقظون بالسعی لحفظ مضامین هذه الملحمة الخالدة ویستخلصون منها الدروس والعبر بغیة إنقاذ الشعوب المظلومة بصورة عامة ولاسیما الشعوب المسلمة المستضعفة.


1 . بحار الأنوار، ج44، ص 367.
2 . الاحتجاج للطبرسی، ج2، ص 242.
3 . أنظر، ناسخ التواریخ، ج2، ص180.
4 . بحار الأنوار، ج44، ص 367.
5 . مقتل الحسین للمقرم، ص 307.
6 . بحار الأنوار، ج 45، ص 109 و 165.
7 . المصدر السابق، ص 116.
8 . بحارالأنوار، ج 45، ص 133-135.
9 . بحارالأنوار، ج 49، ص 147.
10 . أعیان الشیعة، ج1، ص 581. هذا بیت من قصیدة طویلة أنشدها الشاعر والخطیب الکربلائی المرحوم الشیخ محسن أبو الحب (المتوفى عام 1305ه) (تراث کربلاء لسلمان هادی الطعمة، ص86).
 

 

 

الطریقة المثلی لمطالعة التاریخ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma