الفعل الآخر على عهد عثمان الذی أدى إلى تقویة جبهة النفاق ولاسیما بنی أمیة، الإغداق العجیب والطائش للأموال على هذه الفئة، والذی شد بنیتهم المالیة، ونشیر هنا إلى بعض نماذج ذلک:

1. وهب مروان بن الحکم خمس غنائم أفریقیا ومقدارها 500 ألف دینار (مثقال من الذهب) ومنحه مئة ألف درهم (فضة) من بیت المال فاعترض زید بن أرقم خازن بیت المال.

2. وهب أبا سفیان مئتی ألف درهم.

3. وهب أخاه عبد الله بن أبی سرح مئة ألف دینار من غنائم معرکة أخرى فی أفریقیا.

4. وهب الحارث بن الحکم (شقیق مروان بن الحکم) ثلاثمائة ألف درهم.

5. وهب سعید بن العاص مئة ألف درهم.

6. وهب عبد الله بن خالد الأموی ثلاثمائة ألف درهم، وذکر الیعقوبی أنّ عثمان زوّج إبنته من عبد الله بن خالد ووهبها 600 ألف درهم.

7. بعث أبو موسى الأشعری (والی البصرة)(1) إلى عثمان أموالاً طائلة من العراق فوزعها على بنی أمیة.

وهذه الهبات هی غیر تلک الأموال التی أدخرها عثمان. فقد جاء فی الخبر أنّ عثمان لما قتل کان قد أدخر ملایین الدراهم وأکثر من 500 ألف دینار وألف ناقة وألف عبد وعدد من الخیول وأموال أخرى(2). نعم کانت هذه النماذج من الهبات التی  أغدقها الخلیفة دون حساب والتی أثارت غضب المسلمین علیه لتنتهی بثورة عارمة.

قال أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)بشأن خلافة عثمان وإستغلاله بطانته لبیت المال:

«وَقامَ مَعَهُ بَنُو أَبِیهِ یَخْضِمُونَ مَالَ اللهِ خَضْمَةَ الإبلِ نَبْتَةَ الرَّبیعِ»(3).

والواقع أنّ عثمان خلق بهذه الإمتیازات طبقة جدیدة مترفة کان من نتائجها تلک الإنتفاضات الشعبیة والآثار التی انعکست خطورتها على الإسلام.

على کل حال فقد کان لبنی أمیة على عهد عثمان قدرة وسلطة، کما تمتعوا بثروات طائلة، وممّا لا شک فیه أنّ هذه الإمتیازات أدّت إلى تقویة شوکة حزب النفاق ضد الإسلام والمدرسة النبویة الحقّة.

ونختتم هذا الفصل بما کتبه الأدیب المعاصر «جورج جرداق»، فقد قال بشأن تقویة بنی أمیة من جانب عثمان: «وجَعَل عثمان فی أیدیهم مفتاح بیت المال، وسیف السلطان»(4).

1 . کتب الطبری، ولّى أبو موسى الأشعری البصرة لستة أشهر ثم عزله عثمان وولّى مکانه ابن خالته عبد الله بن عامر (تاریخ الطبری، ج 3، ص 319).
2 . نقل المرحوم العلاّمة الأمینی فهرستاً عن هبات عثمان بالاستناد إلى الکتب والمصادر التاریخیة المعتبرة (الغدیر، ج 8، ص 257-286) وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 1، ص 198-199; مروج الذهب، ج2، ص 332; وحیاة الإمام الحسین بن علی (علیه السلام)، ج 1، ص 354-363.
3 . نهج البلاغة، الخطبة الثالثة.
4 . الإمام علی صوت العدالة الإنسانیة، ج 1، ص 124.