کان الإمام الحسین(علیه السلام) یتحدث لعبدالله بن الزبیر فعاد مبعوث الولید وقال للإمام(علیه السلام) أنّ الأمیر یطلبک. فقال الإمام الحسین(علیه السلام):
«اِنْطَلِقْ إِلى أَمیرِک لا أُمَّ لَکَ! فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یَصیرَ إِلَیْهِ مِنّا فَإِنَّهُ صائِرٌ إِلَیْهِ، وَأَمّا أَنَا فَإِنَّی أََصیرُ إِلَیْهِ السّاعَةَ إِنْ شاءَ اللهُ تَعالى».
ثم ألتفت الإمام(علیه السلام) إلى الحاضرین وقال:
«قُومُوا إِلى مَنازِلِکُمْ فَإِنّی صائِرٌ إِلى هذَا الرَّجُلِ فَأَنْظُرُ ما عِنْدَهُ وَما یُریدُ».
فقال عبد الله بن الزبیر للإمام(علیه السلام): «جعلت فداک یا ابن رسول الله! أخشى أن لا یترکوک حتى تبایع أو تقتل». فقال الإمام (علیه السلام):
«إِنّی لَسْتُ أَدْخُلُ عَلَیْهِ وَحْدی، وَلکِنْ أَجْمَعُ أَصْحابِی إِلَیَّ وَخَدَمی وَأَنْصاری وَأَهْلَ الْحَقِّ مِنْ شیعَتی، ثُمَّ آمُرُهُمْ أَنْ یَأْخُذَ کُلُّ واحِد سَیْفَهُ مَسْلُولا تَحْتَ ثِیابِهِ، ثُمَّ یَصیروُا بِإِزائی، فَإِذا أَنَا أَوْمَأْتُ إِلَیْهِمْ وَقُلْتُ یا آلَ الرَّسُولِ دْخُلُوا! دَخَلُوا وَفَعَلُوا ما أَمَرْتُهُمْ بِهِ، فَأَکُونَ عَلَى الاِْمْتِناعِ، وَلا أُعْطی الْمَقادَةَ وَالْمَذَلَّةَ مِنْ نَفْسی، فَقَدْ عَلِمْتُ وَاللهِ أَنَّهُ جاءَ مِنَ الاَْمْرِ مالا قِوامَ بِهِ، وَلکِنْ قَضاءُ اللهِ ماض فِیَّ، وَهُوَ الَّذی یَفْعَلُ فِی بَیْتِ رَسُولِهِ ما یَشاءُ وَیَرْضى»(1).
نعم فقد عزم والی المدینة الولید على أخذ البیعة من الإمام(علیه السلام) مهما کلف الأمر، وقد غفل عن إتخاذ الإمام(علیه السلام) التدابیر کافّة وهو یقدم علیه لیفشل خطته. ولکن لم یُرجّح الإمام(علیه السلام)تلبیة دعوة الولید وذهب إلیه لیلاً؟ یبدو أنّ الإمام(علیه السلام) أراد أن یقف حسب الظاهر على ما یجری خلف الکوالیس لکی لا یسلب زمام المبادرة، ویتحدث من موقع القوة إزاء موت معاویة وبیعة یزید.