إستند الإمام(علیه السلام) على سیفه وقال: أتعرفوننی؟ قالوا: بلى أنت سبط رسول الله.
فقال(علیه السلام): «أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدّی رَسُولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله)».
قالوا: بلى. قال:
«أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبی عَلِیُّ بْنُ أَبی طالِب(علیه السلام)؟».
قالوا: بلى. قال:
«أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمّی فاطِمَةُ الزَّهْراءُ(علیه السلام) بِنْتُ مُحَمَّد الْمُصْطَفى(صلى الله علیه وآله)؟».
قالوا: بلى. قال:
«أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتی خَدیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلد أَوَّلُ نِساءِ هذِهِ الاُْمَّةِ إِسْلاماً؟».
قالوا: بلى. قال:
«أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَمْزَةَ سَیِّدَ الشُّهَداءِ عَمُّ أَبی؟».
قالوا: بلى. قال:
«أُنْشِدُکُمُ اللهَ! هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّیّارَ فِی الْجَنَّةِ عَمّی؟».
قالوا: بلى. ثم قال (علیه السلام):
«فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ َدمی؟».
قالوا: قد علمنا ذلک کلّه ونحن غیر تارکیک حتى تذوق الموت عطشاً(1).
فالإمام(علیه السلام) کان یعلم من خلال الشواهد الکثیرة التی مرت فی الأبحاث السابقة، أنّه لیس أمامه سوى الشهادة فی سبیل الله. لکن کان المهم أن توقظ تلک الشهادة قاطبة المسلمین وتهز أفکار الرأی العام، ولا یتسنى هذا الأمر إلاّ من خلال إتمام الحجّة وتبیین الظروف من جمیع الجوانب، حتى لا یدعى أحد من جیش یزید غداً أنّه لم یکن عارفاً بالإمام(علیه السلام)ویظن أنّه کان فرداً خارجیاً فأریق دمه.
فقد سلبهم الإمام(علیه السلام) بخطبه المختلفة والمتکررة کل هذه الذرائع وثبّت وثیقة فضیحتهم وعارهم فی صفحات تاریخ الإسلام والبشریة.