کان رجلاً عظیم الشأن وکثیر الصلاة(1).
ینقل المؤرخون أنّه استأذن الإمام الحسین(علیه السلام) فی البروز إلى المیدان، فأذن له الإمام، فتقدم وهو یرتجز ویقول:
اُقْدِمُ حُسَیْنُ الْیَوْمَ نَلْقى أَحْمَدا *** وَشَیْخَکَ الْحِبْرَ عَلِیّاً ذَا النَّدى
وَحَسَناً کَالْبَدْرِ وافِی الاَْسْعَدا *** وَعَمَّک الْقَرْمَ الْهُمامَ الاَْرْشَدا
حَمْزَةَ لَیْثَ اللهِ یُدْعى أَسَدا *** وَذَا الْجَناحَیْنِ تَبَوّا مَقْعَدا
فِی جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ یَعْلُو صَعَدا(2)
وقد کان یقاتل قتالاً شدیداً ویهجم على القوم کالأسد الشجاع، وبعد أن قاتل الأعداء سقط على الأرض مضرجاً بدمائه مغمیاً علیه، فظنّ الأعداء أنّه قُتِل فترکوه ولکنّه انتبه من إغمائه بعد استشهاد الإمام الحسین(علیه السلام)، وسمعهم یقولون قتل الحسین(علیه السلام)، وتحرک من مقامه وقام على قدمیه، وبما أنّ الأعداء أخذوا سیفه فإنّه استل خنجراً کان قد شدّه إلى ساقه وهجم به على الأعداء، فأحاط به جیش عمر بن سعد وطعنوه بالسیوف والرماح حتى استشهد وکان سوید آخر من استشهد فی کربلاء بعد استشهاد الإمام الحسین(علیه السلام)(3).
وممّا تقدم من سیرة أنصار الإمام الحسین(علیه السلام) الأوفیاء نستوحی هذه الحقیقة الناصعة، وهی أنّ الکثیر من هؤلاء الأصحاب المخلصین للإمام الحسین(علیه السلام) الذین قاتلوا دفاعاً عن إمامهم ودینهم إلى آخر قطرة من دمائهم کانوا سابقاً من خلّص أصحاب وأنصار الإمام علی(علیه السلام) وقد ساروا فی خط الولایة والعشق للإمام علی(علیه السلام)حتى أنّ بعض أعداء أمیرالمؤمنین عندما واجه هذه الحادثة العظیمة فی کربلاء ورأى فی الواقع مواجهة الحق والباطل، عاش انقلاباً روحیاً وغیّر مسیرته والتحق بمعسکر الإمام الحسین، هذا فی حین أنّ کبار قادة جیش الأعداء کانوا فی السابق یمثّلون رموز الجاهلیة العربیة.