16 . صرخة زینب الکبرى(علیها السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
15 . فی قصر یزید17 . الخطبة التی هزت قصر یزید

ولمّا رأت زینب اُم المصائب(علیها السلام) رأس أخیها أهوت إلى جیبها فشقّته ثم نادت بصوت حزین یمزق القلوب: «یا حُسَیْناهُ! یا حَبیبَ رَسُولِ اللهِ! یَاابْنَ مَکَّةَ وَ مِنى، یَاابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَیِّدَةَ النِّساءِ، یَاابْنَ بِنْتِ الْمُصْطَفى».

قال الراوی: فأبکت والله کلّ من کان فی المجلس...!!

ویزید ساکت، ثم دعا بقضیب خیزران فجعل ینکت به ثنایا الإمام الحسین(علیه السلام)، فأقبل علیه أبو برزة الأسلمی (الذی کان من أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)وکان حاضراً فی المجلس) فقال: ویحک یا یزید! أتنکتُ بقضیبک ثغر الحسین بن فاطمة؟ أشهد لقد رأیتُ النبی یرشفُ ثنایاه وثنایا أخیه الحسن ویقول: «أَنْتُما سَیِّدا شَبابِ أهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَتَلَ اللهُ قاتِلَکُما وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّلَهُ جَهَنَّمَ َوساءَتْ مَصیراً».

فغضب یزید من قوله وأمر بإخراجه فاُخرج سحباً.

فجعل یزید ینکت ثنایا أبی عبدالله الحسین ویبتسم ویتمثّل بأبیات ابن الزبعری (الذی أنشدها فی غزوة اُحد):(1)

لَیْتَ أَشْیاخی بِبَدْر شَهِدُوا *** جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الاَْسَلْ

لاََهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحاً *** ثُمَّ قالُوا یایَزیدُ لا تَشَلْ

لَسْتُ مِنْ خِنْدَفَ(2) إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ *** مِنْ بَنی أَحْمَدَ، ما کـانَ فَعَلْ

ولمّا أخذ یزید مجلسه یلقی على الناس بأراجیفه ویفتخر على آل محمّد وأنشد أبیات الکفر والنفاق متباهیاً بفتحه وانتصاره، قامت إلیه زینب بنت علیّ ابن أبی طالب(علیه السلام) کالطود الشامخ فی ذلک المجلس وافتتحت خطبتها «أَلْحَمْدُللهِِ رَبِّ الْعالَمینَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَآلِهِ أجْمَعینَ، صَدَقَ اللهُ حَیْثُ یَقُولُ: (ثُمَّ کَانَ عَاقِبَةُ الَّذِینَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ کَذَّبُوا بِآیَاتِ اللهِ وَکَانُوا بِهَا یَسْتَهْزِئُون)(3).

أَظَنَنْتَ یا یَزِیدُ حَیْثُ أَخَذْتَ عَلَیْنا أَقْطارَ الاَْرْضِ وَآفاقَ السَّماءِ، فَأَصْبَحْنا نُساقُ کَما تسُاقُ الأُسارى أَنَّ بِنا عَلَى اللهِ هَواناً، وَبِکَ عَلَیْهِ کَرامَةً وَأَنَّ ذلِکَ لِعِظَمِ خَطَرِکَ عِنْدَهُ، فَشَمَخْتَ بِأَنْفِکَ، وَنَظَرْتَ فِی عِطْفِکَ جَذْلانَ مَسْرُوراً حِینَ رَأَیْتَ الدُّنْیا لَکَ مُسْتَوْثِقَةٌ وَالاُْمُورَ مُتَّسِقَةٌ وَحِینَ صَفا لَکَ مُلْکُنا وَسُلْطانُنا، فَمَهْلاً مَهْلاً، أَنَسِیتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ: (وَلاَ یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَیْرٌ لاَِّنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِینٌ)»(4).

ثم قالت فی استمرار خطبتها الغرّاء:

أَ مِنَ الْعَدْلِ یَاابْنَ الطُّلَقاءِ(5)! تَخْدِیرُکَ حَرائِرَکَ وَإِماءَکَ، وَسَوْقُکَ بَناتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم سَبایا، قَدْ هَتَکْتَ سُتُورَهُنَّ، وَأَبْدَیْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الاَْعداءُ مِنْ بَلد اِلى بَلد، یَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَناهِلِ وَالْمَناقِلِ، وَیَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِیبُ وَالْبَعِیدُ، وَالدَّنِیُّ وَالشَّرِیفُ، لَیْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجالِهِنَّ وَلِیُّ، وَلا مِنْ حُماتِهِنَّ حَمِیٌّ، وَکَیْفَ یُرْتَجى مُراقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَکْبادَ الاَْزْکِیاءِ، وَنَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ دِماءِ الشُّهَداءِ، وَکَیْفَ یُسْتَبْطَأُ فِی بُغْضِنا أَهْلَ الْبَیْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَیْنا بِالشَّنَفِ وَالشَّنَآنِ وَالاِْحَنِ وَالاَْضْغانِ، ثُمَّ تَقُولُ غَیْرَ مُتَّأَثِّم وَلا مُسْتَعْظِم:

لاََهَلُّوا واسْتَهَلُّوا فَرَحاً *** ثُمَّ قالُوا یا یَزیدُ لا تَشَلْ

مُنْتَحِیاً عَلى ثَنایا أَبِی عَبْدِاللهِ سَیِّدِ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، تَنْکُتُها بِمِخْصَرَتِکَ، وَ کَیْفَ لا تَقُولُ ذلِکَ وَقَدْ نَکَأْتَ الْقَرْحَةَ، وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأْفَةَ بِإِراقَتِکَ دِماءَ ذُرّیَةِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَنُجُومِ الاَْرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِالمُطَّلِبِ، وَتَهْتِفُ بِأَشْیاخِکَ، زَعَمْتَ أَنَّکَ تُنادِیهِمْ، فَلَتَرِدَنَّ وَشِیکاً مَوْرِدَهُمْ وَلَتَوَدَّنَّ أَنَّکَ شَلَلْتَ وَبَکِمْتَ، وَلَمْ تَکُنْ قُلْتَ ما قُلْتَ وَفَعَلْتَ ما فَعَلْتَ.

ثم قالت:

أَللّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنا، وَانْتَقِمْ مِنْ ظالِمِنا، وَأَحْلِلْ غَضَبَکَ بِمَنْ سَفَکَ دِماءَنا، وَقَتَلَ حُماتَنا، فَوَاللهِ ما فَرَیْتَ إِلاّ جِلْدَکَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاّ لَحْمَکَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ بِما تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْکِ دِماءِ ذُرِّیَّتِهِ، وَانْتَهَکْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِی عَتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ، حَیْثُ یَجْمَعُ اللهُ شَمْلَهُمْ، وَیَلُمُّ شَعْثَهُمْ، وَیَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِى سَبِیلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْیَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ)(6). وَحَسْبُکَ بِاللهِ حاکِماً، وَ بِمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَصِیماً، وَبِجَبْرَئِیلَ ظَهِیراً، وَسَیَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَکَ وَ مَکَّنَکَ مِنْ رِقابِ المُسْلِمِینَ، بِئْسَ لِلظّالِمِینَ بَدَلاً، وَأَیُّکُمْ شَرٌّ مَکاناً، وَأَضْعَفُ جُنْداً.

وعند ذاک ختمت خطبتها بهذه الکلمات المهینة لمقام یزید وقالت:

وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَیَّ الدَّواهِی مُخاطَبَتَکَ، إِنِّی لاََسْتَصْغِرُ قَدْرَکَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِیعَکَ، وَأَسْتَکْثِرُ تَوْبِیخَکَ، لکِنَّ العُیُونَ عَبْرى، وَالصُّدُورَ حَرّى، أَلا فَالْعَجَبُ کُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجَباءِ بِحِزْبِ الشَّیْطانِ الطُّلَقاءِ، فَهذِهِ الاَْیْدِی تَنْطِفُ مِنْ دِمائِنا، وَالأَفْواهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنا، وَتِلْکَ الجُثَثُ الطَّواهِرُ الزَّواکِی تَنْتابُها العَواسِلُ، وَتُعَفِّرُها اُمَّهاتُ الْفَراعِلِ.

وَلَئِنِ اتَّخَذْتَنا مَغْنَماً لَتَجِدَ بِنا وَشِیکاً مَغْرَماً حِیْنَ لا تَجِدُ إلاّ ما قَدَّمَتْ یَداکَ، وَما رَبُّکَ بِظَلاَّم لِلْعَبِیدِ، وَإِلَى اللهِ الْمُشْتَکى، وَعَلَیْهِ الْمُعَوَّلُ، فَکِدْ کَیْدَکَ، وَاسْعَ سَعْیَکَ، وَناصِبْ جُهْدَکَ، فَوَاللهِ لا تَمْحُو ذِکْرَنا، وَلا تُمِیتُ وَحْیَنا، وَلا تُدْرِکُ أَمَدَنا، وَلا تَرْحَضُ عَنْکَ عارَها، وَهَلْ رَأیُکَ إِلاّ فَنَدٌ، وَأَیّامُکَ إِلاّ عَدَدٌ، وَجَمْعُکَ إِلاّ بَدَدٌ؟ یَوْمَ یُنادِی الْمُنادِی: أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِینَ.

وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِینَ، أَلَّذِی خَتَمَ لاَِوَّلِنا بِالسَّعادَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَلاِخِرِنا بِالشَّهادَةِ وَالرَّحْمَةِ. وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ یُکْمِلَ لَهُمُ الثَّوابَ، وَیُوجِبَ لَهُمُ الْمَزیدَ، وَیُحْسِنَ عَلَیْنَا الْخِلافَةَ، إِنَّهُ رَحیمٌ وَدُودٌ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَکیلُ(7).

تعدّ هذه الخطبة الغرّاء إحدى أفصح وأقوى الخطب فی تاریخ الإسلام، وکأنّ زینب(علیها السلام) قد استمدت هذه الخطبة من روح أبیها علیّ بن أبی طالب(علیه السلام) وتحلّت بشجاعته الفائقة، فکانت کلمات أمیرالمؤمنین(علیه السلام) تجری على لسان ابنته زینب الکبرى(علیها السلام) التی تحدّثت للناس بمنطق أبیها.

إنّ شرح هذه الخطبة وما تتضمّنه من دقائق ومضامین عالیة یحتاج لتألیف کتاب مستقلّ، ولکنّنا فی هذا المختصر نشیر إلى مقطفات من هذه المضامین الرائعة، فهذه الخطبة تتألف من سبعة مقاطع مختلفة، وناظرة لسبعة أهداف مهمة:

1. فی البدایة کسرت هذه المرأة الشجاعة غرور یزید بعدّة کلمات قلائل وتلاوتها لآیة من القرآن الکریم بیّنت مکانته أمام الله تعالى، وقالت: إنّ جمیع ما تملکه من قدرة وثروة وجنود لا تعتبر امتیازاً إلهیّاً لک، فأنت من مصادیق الذین أملى لهم الله تعالى لیزدادوا إثماً، ثم تزول عنهم کلّ هذه الأمور الظاهریة ویفقدون کلّ شیء ویصیر مصیرهم إلى جهنّم.

2. وفی المقطع الثانی تحدّثت زینب الکبرى(علیها السلام) عن معاملة النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)لأجداد یزید فی فتح مکة حیث شملهم بالعفو، وقارنت بینه وبین عمل یزید القبیح الذی قتل ابن رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأبناء الرسالة واحتزّ رؤوسهم وساق نساءهم وأطفالهم أسرى یقادون من مدینة إلى مدینة وبذلک وصمت على جبین یزید وصمة العار والخزی.

3. وفی المقطع الثالث ذکرت العبارة التی نطق بها یزید من منطلق الکفر والتی تؤکد على عدم إیمانه، وأنّه سوف یواجه سریعاً مصیر أشیاخه وأجداده ویلقى فی جهنّم وبئس المصیر.

4. ثم أکدت الحوراء زینب(علیها السلام) على مقام الشهداء الشامخ ولا سیما شهداء آل بیت النبوة فی کربلاء واعتبرت ذلک افتخاراً کبیراً لهذه الاُسرة الهاشمیة.

5. ثم إنّ زینب الکبرى(علیها السلام) أشارت إلى حضور یزید فی محکمة العدل الإلهی یوم القیامة، وفی تلک المحکمة التی یکون فیها القاضی الله تعالى، وخصمه النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والشهود هم ملائکة الله، ومعلوم مسبقاً; نتیجة مثل هذه المحکمة الإلهیّة العادلة.

6. ثم انطلقت الحوراء زینب(علیها السلام) تخاطب یزید من موقع الاحتقار والازدراء إلى حدّ أنّها قالت له: «وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَیَّ الدَّواهِی مُخاطَبَتَکَ، إِنِّی لاََسْتَصْغِرُ قَدْرَکَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِیعَکَ..» ولا تتصور أنّک عندما جئت بی إلى هنا أسیرة فی قصرک، أنّنی سوف أحترمک وأهابک، فإنّک فی نظری لا تستحق أن أتحدّث معک، وعندما اُکلمک الآن فهذا من باب الاضطرار.

7. وفی آخر مقطع من خطبتها شکرت زینب الکبرى(علیها السلام) الباری تعالى على نعمه العظیمة التی اختصها بآل بیت النبوة(علیهم السلام)، وتتمثّل فی نزول الرحمة والسعادة للأوائل من هذا البیت النبوی وختمها بالشهادة والرحمة.


1 . البیت الثانى لهذه الأبیات ل- «عبدالله بن الزَبْعَرِی» من أعداء رسول الله(صلى الله علیه وآله) الألداء، وقد أنشد هذه الأبیات بعد معرکة غزوة اُحد للتعریض بقتلى المسلمین من أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وفیها یتمنى أن قتلاه فی یوم بدر کانوا موجودین فی هذا الیوم لیروا قتلى قبیلة الخزرج (من قبائل المسلمین فی المدینة). وکیف عاشوا الذلة والمهانة، وقد استفاد یزید من هذا البیت من شعر ابن الزبعری وأنشد الباقی منه.
2 . یعتبر خندف من أجداد قریش الأعلون ومنهم یزید. (انظر: تاریخ الطبری، ج 1، ص 24-25).
3. سورة الروم، الآیة 10.
4. سورة آل عمران، الآیة 178.
5 . إشارة لواقعة فتح مکّة عندما قال النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)، لزعماء قریش ومنهم أبو سفیان و معاویة: «إذْهَبُوا فَأَنتُمُ الطُّلَقاءُ». (انظر: بحار الأنوار، ج 21، ص 106 وتاریخ الطبری، ج 2، ص 337).
6. سورة آل عمران، الآیة 169.
7 . الاحتجاج، ج 2، ص122-130 ; بحارالأنوار، ج 45، ص 132-135 ; مقتل الحسین، المقرّم، ص 357-359 (مع اختلاف یسیر) .

 

15 . فی قصر یزید17 . الخطبة التی هزت قصر یزید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma