127 . لحظات الشهادة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
126 . المناجاة الأخیرة128 . تغیّر عالم الطبیعة

یقول «هلال بن نافع»: لما وقع الحسین(علیه السلام) من على ظهر جواده إلى الأرض خرجت بین الصفّین فوقفت علیه وهو یجود بنفسه: «فَواللهِ ما رَأَیتُ قَطُّ قَتیلاً  مُخَضَّباً بِدمِهِ أَحسنُ مِنهُ وَلا أنورَ وَجهاً، وقد شَغَلنِی نُورُ وَجهِهِ وَجَمالِ هَیأَتِهِ عَنْ الفِکرةِ فِی قَتلِهِ»(1).

وفی ذلک الوقت طلب الإمام الحسین(علیه السلام) شربة من الماء، وسمعت رجلاً من الأعداء یقول له: (وَاللهِ لا تَذُوقُ الْماءَ حَتَّى تَرِدَ الْحامِیَةَ فَتَشْرَبَ مِنْ حَمیمِها).

فأجابه الإمام(علیه السلام): «إِنَّما أَرِدُ عَلى جَدِّی رَسُولِ اللهِ وَأَسْکُنُ مَعَهُ فِی دارِهِ فِی مَقْعَدِ صِدْق عِنْدَ مَلیک مُقْتَدِر وَأَشْکُو إِلَیْهِ ما ارْتَکَبْتُمْ مِنِّی وَفَعَلْتُمْ بِی».

فلما سمع جیش عمر بن سعد هذا الکلام غضبوا على الحسین وکأنّ الله تعالى لم یجعل فی قلبهم شیئاً من الرحمة(2).

وعندما حلت المصیبة العظمى، استولى على الإمام الحسین(علیه السلام) الضعف وبان علیه الارهاق، وجاء إلیه الأعداء وأخذوا یضربونه بکل ما لدیهم من سلاح، ولکن کل رجل منهم یتقدّم لقتل الحسین تصیبه رجفة ویبتعد ویتراجع.

وجاء «مالک بن نمیر» إلى الحسین(علیه السلام) وضربه بالسیف على رأسه المبارک فسال الدم من رأسه، فقال الإمام(علیه السلام): «لا أَکَلتَ بِیَمینِکَ وَلا شَرِبْتَ بِها وَحَشَرَکَ اللهُ مَعَ الظّالِمِینَ». وجاء فی التواریخ أنّ مالک بن نمیر عاش حیاته فی أشد حالات الفقر والذلّ وشلت یداه(3).

وجاء «زُرعة بن شریک» وضرب الإمام الحسین(علیه السلام) على یده الیسرى.

وجاء «سنان بن أنس» وضرب الحسین(علیه السلام) بالسیف والرمح عدّة ضربات وکان یفتخر بذلک !

ومرّت اللحظات الأخیرة ببطء وکان العالم ینتظر حادثة عظیمة، وکان عمر بن سعد یرید انهاء المسألة بسرعة، فأمر خولی بن یزید الذی کان یقف إلى جانبه أن یتقدم ویریح الحسین(علیه السلام)وینهی الأمر. وفتقدم خولی لیحتز رأس الحسین(علیه السلام)ولکن أصابته رعدة فی بدنه فتراجع عن هذا الأمر.

فتقدم «سنان بن أنس» على روایة وضرب الإمام الحسین بالسیف على رقبته وقال: «وَاللهِ إنّی لأحتَزُّ رأسَک وَأَعلمُ أَنّکَ ابن رَسولِ اللهِ وَخَیرُ النّاسِ أباً واُمّاً»، وأنّ أباک واُمّک أحبّ الخلق إلى الله، ثم احتز رأس الحسین(علیه السلام)(4)، وهکذا وصل الجهل والحمق والطغیان بهؤلاء أنّهم کانوا یعترفون بهذا الذنب العظیم ویفتخرون به.

وفی روایة أخرى، فغضب شمر لعنه الله وجلس على صدر الحسین وقبض على لحیته وهمّ بقتله، فضحک الحسین(علیه السلام)، فقال له: «أتَقتُلُنی وَلا تَعلَم مَن أنا؟».

فقال شمر: أعرفک حقّ المعرفة، أُمّک فاطمة الزهراء، وأبوک علی المرتضى، وجدّک محمد المصطفى، وخصمک العلی الأعلى، أقتلک ولا اُبالی، فضربه بسیفه اثنتا عشرة ضربة ثم حزّ رأسه صلوات الله وسلامه علیه، فلعن الله قاتله والسائرین إلیه بجموعهم(5).

ویتبیّن ممّا تقدّم هذه الحقیقة، وهی أنّه کلما کان قتلة الشهداء فی سبیل الله أکثر جُرماً وطغیاناً وتوغلاً فی الظلم والعدوان، فإنّ مقام الشهداء یتجلى أکثر ویشتد إشراق نورهم على البشریة، والحقیقة المحیرة أنّ حکومة بنی اُمیّة المجرمة أرسلت مثل هؤلاء المجرمین لمواجهة ابن رسول الله الإمام الحسین وأصحابه المخلصین المضحین ومع ذلک تدعی أنّها حکومة إسلامیة ویدعی یزید بأنّه خلیفة رسول الله(صلى الله علیه وآله)، ومن هنا یمکن القول: قبحاً وترحاً لهذا الدهر الذی تنقلب فیه المعاییر.

إنّ المجتمع الإسلامی یصل به الأمر إلى درجة من اهتزاز القیم وذبول الإیمان أنّ أفراده بدلاً من التصدی للظالمین ومواجهة قوى الظلم والانحراف، یعیشون الخنوع والذلة فی اطاعة مثل هذه الحکومة الجائرة.

عندما ینظر الإنسان إلى هاتین الجبهتین والجیشین وقد اصطفا فی مقابل البعض، فإنّه یرى من جهة عبّاد اللیل واُسود النهار الذین یعیشون الالتزام الحقیقی والواعی بالقیم الرسالیة والمثل الأخلاقیة والإنسانیة ویبذلون أنفسهم فی سبیل الدین والإیمان ویرى فی الجهة المقابلة جماعة من الکفار والطواغیت الذین لا یعیرون أیة أهمیة للقیم والمبادیء الإنسانیة، أجل إنّ هذه النظرة العابرة توحی لنا بأهمیة هذه النهضة وتکشف عن أبعادها وأهدافها وتبیّن کیف أنّ الإنسان العزیز أضحى أسیراً بید هذه الفئة الطاغیة، فلو أنّ هذه النهضة المبارکة لم تقع فی تاریخ الإسلام فإنّ الإسلام یواجه خطر الفناء والاضمحلال.

صلوات الله على هذه الأجساد الطاهرة وتحیاته وبرکاته على الإمام الحسین(علیه السلام)وأصحابه المیامین(رحمهم الله) الذین ضحوا کل غال ونفیس لإزاحة النقاب عن وجه الإسلام وسقوا الاُمّة الإسلامیة بدمائهم، ومنذ ذلک الوقت شرعت النهضات والحرکات ضد حکومة بنی اُمیّة الذین یمثّلون عصارة عصر الجاهلیة حتى استطاعت قلع هذه الشجرة الخبیثة من أرض الإسلام.


1 . الإرشاد، ج 1، ص 610 نقلاً عن أعیان الشیعة، اللهوف، ص 128.
2 . بحار الأنوار، ج 45، ص 57; مقتل الحسین، المقرّم، ص 282 انظر: نفس المهموم، ص 196 .
3. أنساب الأشراف، ج 3، ص 408 .
4. الکامل، لابن الأثیر، ج 4، ص 78; أنساب الأشراف، ج 3، ص 409 .
5. بحار الأنوار، ج 45، ص 56 .

 

126 . المناجاة الأخیرة128 . تغیّر عالم الطبیعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma