بعد خطبة الإمام زین العابدین(علیه السلام) وزینب الکبرى(علیها السلام) فی الشام وتغییر الأوضاع وإقامة المأتم على الحسین(علیه السلام) وأصحابه(رحمهم الله)، من قِبل الحوراء زینب وأهل البیت(علیهم السلام)فی الشام، رأى یزید أنّه لیس من المصلحة إبقاء هؤلاء الأسرى فی الشام، فأمرهم بالعودة إلى المدینة، وطبقاً لما أورده العلاّمة المجلسی، فإنّ یزید طلب من النعمان بن بشیر وکان صحابیّاً أن یجهّز هؤلاء النسوة بما یصلحهنّ، ویبعث معهم رجلاً من أهل الشام صالحاً ویبعث معهم خیلاً وأعواناً إلى المدینة.
وعندما استعدّت القافلة للسفر، طلب یزید الإمام زین العابدین(علیه السلام) وقال له: لعن الله ابن مرجانة إذ قدم على قتل الحسین بن فاطمة، أما والله لو کنت أنا صاحبه لما سألنی خصلة إلاّ أعطیته إیّاها، ولدفعت عنه الحف بکلّ ما استعطت ولو بهلاک بعض ولدی ولکن إذا قضى الله أمراً لم یکن له مردّ، فکاتبنی بکلّ حاجة تکون لک.
فتحرّکت قافلة السبایا من أهل بیت النبوّة، فخرج بهم الرسول یسایرهم، فیکون أمامهم حیث لا یفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحّى عنهم وتفرّق هو وأصحابه کهیئة الحرس، ثم ینزل بهم حیث أراد أحدهم الوضوء ویعرض علیهم حوائجهم ویلطف بهم حتى دخلوا المدینة(1).
لا شک أنّ هذه المظاهر وردود الأفعال الإیجابیة من قِبل الحکومة الأمویة لم تکن بسبب ندم یزید على فعله وجنایته، لأنّ التاریخ یشیر إلى أنّ الحکومة الأمویة بعد واقعة کربلاء کانت تشدد الخناق على أهل البیت(علیهم السلام) وشیعتهم، بل إنّ الجو الاجتماعی لأهل الشام وبسبب یقظتهم ووعیهم نتیجة خطبة الإمام زین العابدین(علیه السلام)وزینب الکبرى(علیها السلام) أدى إلى اتخاذ یزید بن معاویة هذا القرار الملائم، ولو أنّه اتخذ موقفاً آخر غیر ذلک فربّما أدى ذلک إلى زیادة التهاب نیران الثورة فی صدور الناس وبالتالی انقلابهم وثورتهم على حکومة یزید.