الفصل الأول

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
تنویهالفصل الثانی

حقّاً لا یمکن أن تکون مسألة بسیطة وعابرة ثورة دمویة کثورة کربلاء وتحمل الإمام الحسین(علیه السلام) لکل أحداثها المفجعة واستعداده وصحبه وأهل بیته للقتل والنساء والصبیة للسبی. ولابدّ من الیقین بأنّ ذلک الإمام الهمام وصحبه الأوفیاء کانوا ینشدون هدفاً مهمّاً بحیث استرخصوا من أجله أنفسهم وأموالهم وتحملوا فی سبیل تحقیقه أفدح الخطوب، وهو الهدف الذی یسمو على حیاة أولئک الأبطال الذین سطروا ملحمة کربلاء. ونرى بادئ ذی بدء إلقاء نظرة على بعض الآیات لنعرف متى یأذن الله للمسلم بذلک، وما هو الهدف الذی یوجب من أجله التضحیة بالأموال والأنفس.

فقد ورد الکلام فی عدّة مواضع من القرآن عن «القتال فی سبیل الله» وبشّر فیه المجاهدین وأثنى علیهم(1). وأشاد بالعباد الذین یقتلون فی سبیل الله إلى جانب الأنبیاء(2)، وتحدث عن عظمة الشهداء(3).

والواقع أنّ القدر المشترک لهذه الآیات الثناء على الجهاد الذی یهدف إلى تقویة الدین وإعلاء کلمة الحق: (وَکَلِمَةُ اللهِ هِیَ الْعُلْیَا)(4).

نعم، فالتضحیة بالنفس والمال والمقام عمل نبیل وقیم حین یتعرض الدین لخطر ویطغى الشرک والکفر والظلم والإلحاد على المجتمع الإسلامی. والحق إنّ دین الله الذی یسوق الناس إلى السعادة الأبدیة، على درجة من الأهمیة بحیث یضحی بعض الأفراد کالإمام الحسین(علیه السلام)وصحبه المیامین بأنفسهم من أجل إنقاذه من براثن المنافقین وأعداء الحق. وحسب تصریح الإمام الخمینی(قدس سره): «إن الإسلام لعزیز بحیث ضحى من أجله أبناء رسول الله(صلى الله علیه وآله). فقد قاتل سید الشهداء(علیه السلام)مع أولئک الفتیة والأصحاب من أجل الإسلام فضحوا بأنفسهم لإحیاء الدین»(5).

وقال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام):

«فإذا نَزَلَتْ نَزِلَةٌ فَاَجْعَلوا أَنفُسَکُم دُونَ دِینِکُم»(6).

ویفید التاریخ بوضوح أنه منذ استیلاء بنی أمیة على المقدرات الإسلامیة فقد ذهبت جهود النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وسعی مجاهدی صدر الإسلام لنشر مبادئ الدین، أدراج الریاح، وغیبت القیم الإسلامیة وانتشرت البدع وشاع الفسوق والفجور، وجرى الحدیث عن إزالة أسم رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وتمیزت هذه السلطة بالظلم والجور وتعقیب المؤمنین وتعذیبهم والتنکیل بهم وقد مر علینا ذلک فی الفصل السابق. فالانحراف عن الإسلام الأصیل الذی انطلق من حادثة السقیفة إنّما تعمق فی عهد معاویة، فکان معاویة یسعى إلى تحقیق مآربه من خلال سیاسته القائمة على أساس النفاق فی الإبقاء على الدین ظاهریاً وهدمه باطنیاً. ورغم اشتداد واتضاح جرأته على الدین کلما أشتد ساعد سلطته، مع ذلک کان یتظاهر ببعض العناوین من قبیل «خال المؤمنین» و«صحابی رسول الله» و«کاتب الوحی»، حتى أعتقد أغلب عامة  الناس أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) ومعاویة من صحابة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)واختلافهما إنّما یتعلق باختلاف رؤاهما الدینیة وتفسیرهما للقرآن والسنة! وعلى هذا الأساس بدأ الإمام الحسین(علیه السلام) أواخر عمر معاویة المرحلة العلنیة للمواجهة، فتعرض لمعاویة فی خطبته المعروفة بمنى بطائفة من الصحابة والتابعین وأبنائهم لیمهد السبیل لقیام ثورة (سیرد فی الفصل القادم شرح هذه الخطبة).

کما أنّ الرسائل التی وجهها الإمام(علیه السلام)لمعاویة وتعرض له فیها بالذم بکل شجاعة(7) تفید هی الأخرى حقیقة انطلاقة الإمام(علیه السلام)بنهضته; ورغم عدم لجوئه إلى عمل مسلح التزاماً منه ببنود معاهدة الصلح التی أمضاها أخوه الإمام الحسن(علیه السلام)، لکن من الواضح أنّه کان یخطط لثورة کبرى یتطلع إلى تفجیرها بعد معاویة.

فقد کتب الإمام الحسین(علیه السلام) لجماعة من الکوفة استعدوا لمواکبته فی نهضته:

«... فَاَلْصِقُوا بِالاَْرْضِ، وَأخْفُوا الشَّخْصَ، وَاکْتُمُوا الْهَوى، وَاحْتَرِسُوا مِنَ الاَْظِنّاءِ مادامَ ابْنُ هِنْدَ حَیّاً، فَإِنْ یَحْدُثْ بِهِ حَدَثٌ وَأَنَا حَیٌّ یَأْتِکُمْ رَأْیِی»(8).

ورغم إطلاع معاویة على هذه الأمور، وکان أحیاناً یهدد الإمام(علیه السلام)، لکنه کان یتجنب مواجهته والإصطدام به، ولکن کان من الواضح أنّ ذلک الوضع سوف لن یستمر إلى ما بعد وفاة معاویة. فقد تغیرت الأوضاع بعد معاویة; فمن جانب اشتهر یزید بفسقه وفجوره وإلحاده ولم یتورع عن ارتکاب الذنوب علانیة، ومن جانب آخر لم یکن لیزید أیّة سابقة (ولو بصورة ظاهرة) فی الإسلام، فهو لیس أکثر من فتى خامل وطائش، ومن هنا لم یکن لدیه أی امتیاز یجعله مقبولاً لدى الصحابة وأبنائهم، ومن جانب ثالث فإنّ طائفة عریضة من أهل الکوفة أعربت عن تأهبها لمواکبة الإمام الحسین(علیه السلام).

 

فرأى الإمام(علیه السلام) إن لم یستغل تلک الفرصة لفضح الصورة الحقیقیة لبنی أمیة ونصرة الدین، فسوف لن یبقى سوى الاسم للإسلام والقرآن والنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، فبادر الحسین(علیه السلام)لنهضته لإحیاء دین الله، حیث یمکنه تحقیق هذا الهدف فی المرحلة الأولى ـ إن أمکن ذلک ـ بواسطة تشکیل الحکومة الإسلامیة أو بشهادته وأصحابه.

على کل حال فقد کان ینبغی إحیاء الذی اندثر والسنّة النبویة المنسیة ومن أولى من ابن رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی القیام بهذه المهمة. وقد استهل الإمام الحسین(علیه السلام)حرکته بالقول:

«وَعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ إِذ قَدْ بُلِیَتِ الأمَّةُ بِراع مِثلَ یَزِیدَ»(9).

کما أشار فی رسالة إلى أشراف البصرة إلى البدع السائدة فی المجتمع، وإنّ هدفه من الثورة على حکومة یزید القضاء على تلک البدع وإحیاء السنة فقال:

«وَأَنَا أَدْعُوکُمْ إِلى کِتابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِیِّهِ(صلى الله علیه وآله) فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ أُمِیتَتْ وَإِنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ أُحْیِیَتْ، وَإِنْ اسْتَمِعُوا قَوْلی وَتُطِیعُوا أَمْرِی، أَهْدِکُمْ سَبِیلِ الرَّشادِ»(10).

ثم إلتقى فی طریقه إلى کربلاء «الفرزدق» فتطرق(علیه السلام) إلى بدع حکام الشام ونهضته من أجل نصرة الدین فقال:

«یا فَرَزْدَقُ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لَزِمُوا طاعَةَ الشَّیْطانِ، وَتَرَکُوا طاعَةَ الرَّحْمنِ، وَأَظْهَرُوا الْفَسادَ فِی الاَْرْضِ، وَأَبْطَلُوا الْحُدُودَ، وَشَرِبُوا الْخُمُورَ، وَاسْتَأْثَرُوا فِی أَمْوالِ الْفُقَراءِ وَالْمَساکِینِ، وَأَنَا أَوْلى مَنْ قامَ بِنُصْرَةِ دِینِ اللهِ وَإِعْزازِ شَرْعِهِ، وَالْجِهادِ فِی سَبِیِلِه، لِتَکُونَ کَلِمَةُ اللهِ هِیَ الْعُلْیا»(11).

وکثیراً ما نرى هذه المضامین فی عبارات خطب الإمام الحسین(علیه السلام) والتی  سنتعرض إلیها فی القسم القادم، ونختتم هذا المطلب بعبارة أخرى للإمام(علیه السلام) إذ قال:

«أَلا تَرَوْنَ إِلَى الْحَقِّ لا یُعْمَلُ بِهِ، وَإِلَى الْباطِلِ لا یُتَناهى عَنْهُ، لِیَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِی لِقاءِ رَبِّهِ حَقّاً حَقّاً»(12).

فقد بین الإمام الحسین(علیه السلام) بهذه الکلمات هدفه من النهضة، کما أعلن استعداده للشهادة فی مقارعته للباطل وإحیاء دین الله.

وعلیه بات من الواضح أنّ أحد أهداف ثورة الإمام الحسین(علیه السلام) إحیاء الدین وإماتة بدع ومفاسد بنی أمیة وإنقاذ الدین من مخالب المنافقین وأعداء الله، وقد حقق الحسین(علیه السلام)انتصاراً باهراً فی هذا المجال، رغم قتله وصحبه المیامین، فبقتلهم أیقظوا أفکار المسلمین وهزوا عروش الجبابرة الظالمین، وبالنتیجة أحیوا الدین وحالوا دون ضیاع مکتسبات النهضة النبویة وأنقذوا المسلمین من الحیرة والضلال. فقد جاء فی زیارة الأربعین:

«وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فیکَ لِیَسْتَنْقِذَ عِبادَک مِنَ الْجَهالَةِ وَحَیْرَةِ الضَّلالَةِ».

کما ورد فی روایة الإمام الصادق(علیه السلام) حین قال إبراهیم بن طلحة بن عبید الله بعد قتل الإمام الحسین(علیه السلام) للإمام السجاد:

«یا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ مَنْ غَلَبَ؟ قال(علیه السلام): إِذا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ غَلَبَ وَدَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ فَأَذِّنْ ثُمَّ أَقِمْ»(13).

فالسجاد(علیه السلام) أراد أن یقول إنّ هدف حکومة یزید محو اسم رسول الله(صلى الله علیه وآله)، لکن الإمام الحسین(علیه السلام) منع ذلک بدمه، فاسم محمد(صلى الله علیه وآله) الدال على بقاء مدرسته مازال یذکر عند الأذان والإقامة (وتتضح هذه الحقیقة کلما تقادم الزمان).


1 . سورة آل عمران، الآیة 195; النساء، الآیة 74، 95، 96; والتوبة، الآیة 20، 22، 111; والعدید من الآیات الأخرى.
2 . سورة آل عمران، الآیة 146.
3 . سورة آل عمران، الآیة 169-171.
4 . سورة التوبة، الآیة 40.
5 . صحیفه نور (بالفارسیة للإمام الخمینی) ، ، ج 8، ص 151 (یوم 15 / 6 /1980).
6 . الکافی، ج 2، ص 216، ح 2.
7 . سنورد هذه الخطبة فی القسم القادم.
8 . أنساب الأشراف للبلاذری، ج 3، ص 366.
9 . اللهوف، ص 99; بحار الأنوار، ج 44، ص 326; وفتوح ابن الأعثم، ج 5، ص 24.
10 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 266; بحار الأنوار، ج 44، ص 340.
11 . تذکرة الخواص، ص 217-218.
12 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 305; بحار الأنوار، ج 44، ص 381.
13 . بحار الأنوار، ج 45، ص 177.

 

تنویهالفصل الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma