ما یفهم من تحلیل هذه الثورة أنّ قتل الحسین(علیه السلام) أثر فیهم إلى درجة حیث لم یفکروا سوى فی غسل عار غدرهم بالإمام(علیه السلام) وعدم نصرته. فهم لم ینشدوا نصراً أو فتحاً ولم یقاتلوا لمغنم أو منصب. وقد علموا حین خرجوا من دیارهم وأهلیهم أن لا عودة إلیها، وهذا ما ذکرهم به سلیمان بن صرد الخزاعی فأجابه التوابون أنّهم إنّما خرجوا للتوبة من ذنوبهم والطلب بدم ابن بنت رسول الله(صلى الله علیه وآله)(1). فالواقع أراد أولئک الأفراد الخلاص من عذاب الضمیر وغسل ذنوبهم بدمائهم. ولذلک کان المختار یسعى آنذاک لتعبئة الناس ضد الحکومة الظالمة، مع ذلک لم یکن مستعداً للتعاون مع سلیمان ویراه یطلب بهذه الحرکة قتل نفسه وأصحابه ولا درایة له بالحرب(2).

فقد انطلقوا بادىء الأمر إلى قبر الإمام الحسین(علیه السلام)وبدأوا حرکتهم من هناک وکانوا أول من حمل شعار «یالَثاراتِ الْحُسَیْنِ». وکانت تلک الجهود والتضحیات من جانب أفراد شعروا بالخوف من تهدیدات ابن زیاد حین وردوا الکوفة بعدد قلیل وترکوا مسلم بن عقیل(علیه السلام) سفیر الإمام الحسین(علیه السلام) وحده فی الساحة وسلموا العدو الکوفة، إلاّ أنّ حادثة کربلاء فعلت فعلها فی نفوسهم بحیث استماتوا فی القتال حتى نالوا الشهادة.

1 . الکامل لابن الأثیر، ج 4، ص 176.
2 . المصدر السابق، ص 163.