إنّ قوى الکفر والسلطة فی الشام وأذنابهم المجرمین، ومن أجل إبراز عضلاتهم وقوّتهم وبثّ الرعب بین أهالی القرى والمناطق الواقعة فی الطریق أمروا بأن یسار بالأسرى والرؤوس من مدینة إلى أخرى، وقد غفلوا عن أنّهم بهذا العمل إنّما یدقّون مسماراً فی تابوت حکومتهم الزائفة.

ویروی السید ابن طاووس: بعد أن أمر یزید بن معاویة عبیدالله بن زیاد بنقل الرؤوس مع الأسرى إلى الشام، أوعز لـ «محفّر بن ثعلبة العائذی» أن یقود قافلة الأسرى عبر المدن کما تقاد أسرى الکفّار، ویوصلهم إلى الشام(1).

وقد مرّت قافلة الأسرى على منازل فی الطریق بین الکوفة والشام، ولم تذکر هذه المنازل فی التواریخ حسب الترتیب، ولکن ذکرت فی کتب المقاتل أسماء بعض هذه المنازل(2)، وهنا نشیر باختصار إلى بعض الحوادث الملفتة للنظر والتی وقعت فی الطریق:

مشهد النقطة

عندما وصلت القافلة إلى منطقة فی الطریق قام حامل رأس الإمام الحسین(علیه السلام)بوضع الرأس على صخرة کبیرة، فقطرت من الرأس قطرة دم على تلک الصخرة، وقد ورد فی الروایة أنّ تلک الصخرة کانت تفور بالدم فی کلّ سنة فی یوم عاشوراء ویجتمع الناس من الأطراف المجاورة فی ذلک المکان ویقیمون مأتماً على سیّدالشهداء الحسین(علیه السلام)ویبکون وینوحون علیه، وقد استمرت هذه الحالة إلى زمان عبدالملک بن مروان، الذی أمر بنقل تلک الصخرة إلى مکان مجهول حیث لم یشاهد أحد من الناس بعد ذلک تلک الصخرة، ولکن الناس شیّدوا بناءً على ذلک المکان وسموه «مشهد النقطة»(3).

حلب

فی مدینة حلب (فی سوریة) هناک مزار معروف یدعى «مشهد السقط»، وقیل: السبب فی هذه التسمیة: إنّ قافلة الأسرى لما وصلت إلى هذا المکان، کانت إحدى نساء الحسین(علیه السلام) حاملا وقد أسقطت جنینها الذی یسمّى محسناً فی ذلک المکان، وقد دفن هناک(4).

بعلبک

ویروی المرحوم العلاّمة المجلسی: أنّه وجد فی بعض الکتب أنّ قافلة الأسرى لما وصلت إلى مدینة بعلبک أخبروا والی هذه المدینة بمجیء الأسرى، فأمر بنشر الرایات (رایات النصر) فی الشوارع وأمر الناس باستقبال الأسرى، فخرج الناس والأطفال أیضاً لمشاهدة الأسرى، فلما رأت اُم کلثوم ذلک دعت علیهم وقالت: «أَبادَ اللهُ کَثْرَتَکُمْ، وَ سَلَّطَ عَلَیْکُمْ مَنْ یَقْتُلُکُمْ»(5).

1. الملهوف (اللهوف)، ص 208 .
2 . ذکر کتاب «قصة کربلاء» تألیف العالم المحترم حجة الإسلام والمسلمین نظری منفرد 20 منزلاً، ونقل لکلّ منزل موقفاً وحادثة. (انظر: قصة کربلاء، ص 465-480) .
3 . مقتل الحسین، المقرّم، ص 346; وذکر المرحوم الحاج الشیخ عباس القمی فی «نفس المهموم»، ص 238 هذه الواقعة أیضاً.
4. المصدر السابق.
5. بحار الأنوار، ج 45، ص 126 .