ما إن رسخ معاویة دعائم سلطته وبعد سّمِّه الإمام الحسن(علیه السلام) وخلافاً لبنود الصلح(1) والمبادئ الإنسانیة والدینیة کافّة مارس أبشع المجازر بحق شیعة أمیر المؤمنین(علیه السلام) لیعزز استبداده من خلال القضاء على المعارضة. وقد أشار ابن أبی الحدید إلى هذا العصر وما حلّ بالشیعة من الظلم والحرمان واستمرار الإرعاب والضغوط إلى أن استشهد الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام)وبعده ازدادت تعسفات بنی أمیة یوماً بعد یوم وفی کل مکان بحیث لم یأمن أی شیعی على نفسه من بطشهم وقتلهم ونهب أمواله ونفیه من بلده وإلى هذا، یشیر الإمام الباقر(علیه السلام) وإلى ذلک الجو الرهیب فی عصر معاویة فقال:
«وَکَانَ عِظَمُ ذلِکَ وَکِبَرُهُ زَمَنَ مُعاوِیَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَسَنِ(علیه السلام) فَقُتِلَتْ شِیعَتُنا بِکُلِّ بَلْدَة وَقُطِّعَتِ الاَْیْدِی وَالاَْرْجُلُ عَلَى الظَّنَّةِ وَکَانَ مَنْ یُذْکَرُ بِحُبِّنَا وَالاِْنْقِطاعِ إِلَیْنَا سُجِنَ أَوْ نُهِبَ مَالُهُ أَوْ هُدِّمَتْ دارُهُ»(2).
وولى معاویة «زیاد بن أبیه»(3) آنذاک الکوفة; وحیث کان یعرف شیعة علی(علیه السلام)فبدأ یتتبعهم حتى قتل خلص أشیاع علی(علیه السلام) من المعروفین. وقد وصف ابن أبی الحدید ذلک فقال:
«فَقَتَلهُمْ تَحتَ کُلِ حَجَر وَمَدَر، وأَخَافَهمُ، وَقَطَعَ الأیدِیَ وَالأَرجُلَ وَسمَلَ العُیونَ وَصَلَبَهمُ عَلى جُذوعِ النخلِ، وَطَرَدهُم وَشَرَّدَهُم عَنْ العراق، فَلَمْ یُبْقِ بَها مَعرُوفاً مِنْهُم»(4).
کما وردت جنایات زیاد فی رسالة الإمام الحسین(علیه السلام) لمعاویة ومنها:
«ثُمَّ سَلَّطْتَهُ عَلى أَهْلِ الاِْسْلامِ، یَقْتُلُهُمْ وَیَقْطَعُ أَیْدِیَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلاف، وَیُصَلِّبُهُمْ عَلى جُذُوعِ النَّخْلِ»(5).