قال الراوی: فوقف(علیه السلام) یستریح ساعة وقد ضعف عن القتال فبینما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع فی جبهته فأخذ الثوب لیمسح الدم عن وجهه فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم فی صدره وفی بعض الروایات على قلبه فقال الحسین(علیه السلام):
«بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَعَلى مِلِّةِ رَسُولِ اللهِ».
ورفع رأسه إلى السماء وقال:
«إِلهی إِنَّکَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَقْتُلُونَ رَجُلا لَیْسَ عَلى وَجْهِ الاَْرْضِ اِبْنُ بِنْتِ نَبِیّ غَیْرُهُ».
ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم کالمیزاب فوضع یده على الجرح فلما امتلأت رمى به إلى السماء فما رجع من ذلک الدم قطرة وما عرفت الحمرة فی السماء حتى رمى الحسین(علیه السلام) بدمه إلى السماء، ثم وضع یده ثانیاً فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحیته وقال:
«هکَذا وَاللهِ أَکُونُ حَتّى أَلْقى جَدّی رَسُولَ اللهِ وَأَنَا مَخْضُوبٌ بِدَمی، وَأَقُولُ یا رَسُولَ اللهِ قَتَلَنی فُلانٌ وَفُلانٌ»(1).
نعم رمى الإمام الحسین(علیه السلام) بدمه إلى السماء لیدخر له فی السماء لیوم المعاد، ثم لطخ وجهه بکف آخر من دمه لیدخره على جسده الطاهر فی الأرض، لأنّ شهیداً مثل الإمام الحسین(علیه السلام) یرد المحشر بتلک الهیئة فیضیء ذلک الوسط بنوره القدسی. فهذا الدم الطاهر والزکی یجری فی عروق التاریخ البشری وفی شرایین المؤمنین الأحرار فیرسم به خطوط العدالة والحریة على جبین أتباع هذه المسیرة. کما یغلی هذا الدم فی عروش الظلمة لیزیل الظلم عن العالم.