ثم رکب الإمام(علیه السلام) فرسه وخاطب جیش الأعداء قائلاً:
«یا أَهْلَ الْکُوفَةِ! قُبْحاً لَکُمْ وَتَرْحاً، وَبُؤْساً لَکُمْ وَتَعْساً، اِسْتَصْرَخْتُمُونا وَالِهینَ فَأَتَیْناکُمْ مُوجِبینَ، فَشَحَذْتُمْ عَلَیْنا سَیْفاً کانَ فِی أَیْمانِنا، وَجِئْتُمْ عَلَیْنا نَحْنُ أَضْرَمْنا عَلى عَدُوِّکُمْ وَعُدُوِّنا، فَأَصْبَحْتُمْ وَقَدْ آثَرْتُمُ الْعَداوَةَ عَلَى الصُّلْحِ مِنْ غَیْرِ ذَنْب کانَ مِنّا إِلَیْکُمْ، وَقَدْ أَسْرَعْتُمْ إِلَیْنا بِالْعِنادِ، وَتَرَکْتُمْ بَیْعَتَنا رَغْبَةً فِی الْفَسادِ، ثُمَّ نَقَضْتُمُوها سَفَهاً وَضِلَّةً لِطَواغیتِ الاُْمَّةِ، وَبَقِیَّةِ الاَْحْزابِ، وَنَبَذَةِ الْکِتابِ، ثُمَّ أَنْتُم هؤُلاءِ تَتَخاذَلُونَ عَنّا وَتَقْتُلُوننا، أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمینَ»(1).
کلّنا نعلم أنّ أهل الکوفة بایعوا سفیر الإمام(علیه السلام) وتعهدوا فی رسائلهم بالتضحیة والفداء، إلا أن هذه الفئة الضعیفة والعاجزة والجاهلة المسلوبة الإرادة ما لم تواجه أول مشکلة، أی تهدیدات ابن زیاد حتى ولّت ظهرها لکل شیء; فلم تنقض عهودها وتتخلى عن نصرة الإمام(علیه السلام) فحسب، بل شهرت علیه سیوفها التی أعدتها لنصرته فلطختها بدمه! وهذه هی عاقبة الجبناء والمسلوبی الإرادة. وهذه نهایة الغدرة ناکثی العهود.