وکان من أشراف الشیعة فی البصرة ومورد احترام أهالی هذه المدینة، وعندما کان ابن زیاد فی البصرة وقد وضع العیون على الطرق والأزقة لضبط حرکات الشیعة، عزم یزید بن ثُبیط على التوجّه إلى مکة المکرمة للالتحاق برکب الإمام الحسین(علیه السلام).

وقد کان لیزید بن ثُبیط عشرة أولاد، فأطلعهم على عزمه على الالتحاق بالحسین(علیه السلام)؟ وقال لهم: «من منکم مستعد للسفر معی إلى مکة وبذل مهجته للإمام الحسین(علیه السلام)؟» فأعلن اثنان من أولاده وهما عبدالله و عبیدالله استعدادهم للسفر معه والالتحاق بالإمام.

ثم إنّ ابن ثبیط توجه إلى بیت «ماریة» بنت «مُنقذِ العبدی» وهو أحد رموز الشیعة فی البصرة وکان بیته محل اجتماع الشیعة، فأعلن هناک وأمام جماعة من الشیعة عزمه على تلبیة نداء الإمام الحسین(علیه السلام) ودعاهم للتوجه إلى مکة، فانظم إلیه عامر وغلامه «سیف بن مالک» و«أدهم بن اُمیة» وتوجّهت المجموعة المکونة من سبعة رجال إلى مکّة(1).

عند وصول ابن ثُبیط إلى مکة کان الإمام الحسین(علیه السلام) مقیماً فی الأبطح، وهو أحد أحیاء مکة، وبعد أن أخذ ابن ثبیط قسطاً من الراحة توجه إلى منزل الإمام الحسین(علیه السلام). وما أن طرق سمع الإمام ورود ابن ثُبیط إلى مکة حتى توجه إلى خیمة ابن ثُبیط، عندما وصل إلى خیمته قالوا له: إنّ ابن ثُبیط خرج للقائک فی محل اقامتک. فانتظر الإمام(علیه السلام) ابن ثُبیط فی ذلک المکان، وعندما علم ابن ثبیط أنّ الإمام الحسین ذهب إلى خیمته أسرع بالعودة إلى مکانه، وعندما رأى الإمام الحسین(علیه السلام)قرأ بصوت عال الآیة الشریفة:(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِکَ فَلْیَفْرَحُوا)(2).

ثم قال: «السّلام عَلَیکَ یاابنَ رَسُولِ اللهِ».

وأجابه الإمام(علیه السلام) على سلامه وجلس ابن ثُبیط مع الإمام(علیه السلام)وذکر له هدفه من حضوره إلى مکة، فدعا له الإمام الحسین وألحقه بخیامه، وصار ابن ثُبیط مع قافلة الإمام الحسین إلى کربلاء، وفی یوم عاشوراء کان ابناه عبدالله وعبیدالله من أول المستشهدین فی الحملة الاُولى ثم لحق بهم أبوهم فی المواجهات اللاحقة ونال وسام الشهادة(3).

1 . إبصار العین، ص 110; أعیان الشیعة، ج 10، ص 305 .
2 . سورة یونس، الآیة 57 .
3 . تاریخ الطبری، ج 4، ص 263; إبصارالعین، ص 111.