وکان من رموز الشیعة المرموقین ورجلاً شجاعاً من قراء وحفاظ القرآن، وبما أنّه کان رجلاً متکلّماً ومنطیقاً فإنّ الإمام الحسین(علیه السلام) أرسله بالنیابة عنه إلى عمر بن سعد، وفی یوم عاشوراء وبعد أن استأذن الإمام الحسین(علیه السلام) فی جهاد الأعداء توجّه إلى المیدان وأخذ ینصح القوم ویعظهم ویقول:
(یَا قَوْمِ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ مِّثْلَ یَوْمِ الاَْحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُودَ وَالَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ یُرِیدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ * وَیَا قَوْمِ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ یَوْمَ التَّنَادِ * یَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِینَ مَا لَکُمْ مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِم وَمَنْ یُضْلِلْ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد)(1)، یَا قَوْمُ لا تَقْتُلُوا حُسَیْناً فَیُسْحِتَکُمُ اللهُ بِعَذاب وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى»(2).
فقال له الإمام الحسین(علیه السلام):
«رَحِمَکَ اللهُ إنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا الْعَذَابَ حینَ رُدّوُا عَلَیْکَ ما دَعَوْتَهُمْ إلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ وَنَهَضُوا إلَیْکَ لَیَسْتَبیحُوکَ وَأَصْحابَکَ، فَکَیْفَ بِهِمُ الاْنَ وَقَدْ قَتَلُوا إخْوانَکَ الصّالِحِینَ».
فقال حنظلة للإمام(علیه السلام): «صدقت، جعلت فداک، أنت أعلم منّی وأجدر على کلام الحق»(3).
ثم إنّ حنظلة سأل من الإمام(علیه السلام): «أفلا نروح إلى ربّنا فنلحق بإخواننا؟».
فقال الإمام(علیه السلام): «رُحْ إلَى خَیْر مِنَ الدُّنْیا وَما فیها وَإلى مُلْک لا یَبْلى».
فودعه حنظلة وقال: «السَّلامُ عَلَیْکَ یَا أَبَاعَبْدِالله، صَلَّى اللهُ عَلَیْکَ وَعَلَى أَهْلِ بَیْتِکَ وَعَرَّفَ بَیْنَکَ وَ بَیْنَنَا فِی الْجَنَّةِ».
ثم إنّه هجم على الأعداء وأخذ یقاتلهم قتالاً شدیداً فحملوا علیه من کل جانب إلى أن اُستشهد(رحمه الله)(4).