الأموی الآخر الذی لعب دوراً مهماً فی ممارسات عثمان کان مروان بن الحکم، فقد أعاد عثمان فی السنین الأولى من حکومته عمّه «الحکم بن أبی العاص» وابنه «مروان بن الحکم» طرید رسول الله(صلى الله علیه وآله) إلى المدینة.
قال ابن قتیبة وابن عبد ربه والذهبی وکلهم من مشاهیر أهل السنّة إنّ الأمور التی أنکرها المسلمون على عثمان تقریبه الحکم بن أبی العاص، بینما لم یفعل ذلک أبو بکر وعمر(1).
فقد قرّبه عثمان وألبسه جبة من الخز وأمره بجمع زکاة قبیلة «قضاعة» ثم وهبه إیّاها وکانت ثلاثمائة ألف درهم. والأهم من کل ذلک إجلاله لمروان بن الحکم(2). فکان مروان ابن عم الخلیفة وموضع عنایته وقد زوجه من بنته ثم جعله مستشاراً له. یرى بعض المحققین أنّ الخلافة وإن کانت لعثمان، إلاّ أنّ الخلیفة الحقیقی أنّما کان مروان وعثمان خلیفة بالاسم(3).
وقد أشار علی(علیه السلام) إلى هذه الحقیقة ومدى سلطة مروان فی خلافة عثمان وتأثره به حین خاطب عثمان قائلاً:
«أَما رَضِیتَ مِنْ مَرْوانَ وَلا رَضِیَ مِنْکَ إِلاَّ بِتَحَرُّفِکَ عَنْ دِینِکَ، وَعَنْ عَقْلِکَ مِثْلُ جَمَلَ الظَّعِینَةِ یُقادُ حَیْثُ یُسارُ بِهِ»(4).
کما تصدت المصادر التاریخیة المعتبرة لذکر قضیة شکوى وتظلم الناس من ولاة عثمان وقدومهم إلى المدینة ووعود عثمان بالنظر فی شکاواهم ومن ثم نقض الخلیفة لتلک العهود والتی کان الدور الأساسی فیها لمروان بن الحکم. وقد کانت له سطوته فی الخلافة بحیث لم یجعل الناس یحصلون على أدنى حقوقهم المشروعة وکان یحث عثمان دائماً على معاقبة المتظلمین حتى طلبت منه زوجته «نائلة» عدم سماع مروان، حیث کانت تعتقد بأنّ مروان وسائر أفراد بنی أمیة إنّما یقودون عثمان للهلکة(5). نعم کان عثمان مفرطاً فی حبّه لقبیلته ورهطه، ولذلک سلطهم على رقاب المسلمین وأموالهم وولاّهم العدید من المناطق الإسلامیة، وقد بلغ شغف عثمان ببنی أمیة درجة جعلته یقول:
«لَو أنَّ بِیَدِی مفاتیحَ الجنَّةِ لأَعطَیتُها بَنی أُمَیّة حتى یَدخُلُوها مِنْ عِندِ آخِرِهِم»(6).