دخل الإمام الحسین(علیه السلام) على الولید. فسلّم فرحب به الولید وأجلسه قربه، وکان فی المجلس مروان بن الحکم الذی کان یکنُّ للولید العداء. فقال(علیه السلام):
«هَلْ أَتاکُمْ مِنْ مُعاوِیَةَ کائِنَةُ خَبَر فَإِنَّهُ کانَ عَلیلا وَقَدْ طالَتْ عِلَّتُهُ، فَکَیْفَ حالُهُ الآنَ؟».
فأقرأه الولید الکتاب ونعى له معاویة ودعاه إلى البیعة.
فقال (علیه السلام): (إِنّا للهِ وَإِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ).
قال الولید: دعوناک لتبایع یزید فقد بایعته الأُمّة. فقال(علیه السلام):
«إِنَّ مِثْلی لا یُعْطی سِرّاً، وَإِنَّما أُحِبُّ أَنْ تَکُونَ الْبَیْعَةُ عَلانِیَةً بِحَضْرَةِ الْجَماعَةِ، وَلکِنْ إِذا کانَ مِنَ الْغَدِ وَدَعَوْتَ النّاسَ إِلىّ الْبَیْعَةِ دَعَوْتَنا مَعَهُمْ فَیَکُونُ أَمْرُنا واحِداً»(1).
وروى الشیخ المفید أنّ الإمام(علیه السلام) قال:
«إِنّی لا أَراک تَقْنَعُ بِبَیْعَتی لِیَزیدَ سِرّاً حَتّى أُبایِعَهُ جَهْراً فَیَعْرِفَ النّاسُ».
قال الولید: بلى. فقال(علیه السلام):
«فَتُصْبِحُ وَتَرى رَأْیَکَ فِی ذلِکَ»(2).
وطبق نقل أبی مخنف فإنّ الإمام(علیه السلام) لما سمع بخبر وفاة معاویة قال: (إِنّا للهِ وَإِنّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ) ثم قال:
«وَأَمّا ما سَأَلْتَنِی مِنَ الْبَیْعَةِ، فَإِنَّ مِثْلی لا یُعْطی بَیْعَتَهُ سِرّاً، وَلا أَراک أَنْ تَجْتَزِئَ بِها مِنّی سِرّاً دُونَ أَنْ تُظْهِرَها عَلى رُؤُوسِ النّاسِ عَلانِیَةً».
فقال الولید: بلى. قال (علیه السلام):
«فَإِذا خَرَجْتَ إِلَى النّاسِ فَدَعَوْتَهُمْ إِلَى الْبَیْعَةِ دَعَوْتَنا مَعَ النّاسِ، فَکانَ أَمْراً واحِداً»(3).
قال الولید: انصرف على اسم الله حتّى تأتینا مع جماعة الناس.
فقال له مروان: والله لئن فارقک الحسین الساعة ولم یبایع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتى یکثر القتلى بینکم وبینه، إحبس الرجل فلا یخرج من عندک حتى یبایع أو تضرب عنقه.
فوثب عند ذلک الحسین(علیه السلام) وقال:
«یا ابْنَ الْزَّرْقاءِ أَنْتَ تَقْتُلُنِی أَمْ هُوَ؟ کَذِبْتَ وَاللهِ وَأَثِمْتَ»(4).
وحسب روایة ابن الأعثم قال له الإمام(علیه السلام):
«وَیْلی عَلَیْکَ یَا بْنَ الزَّرْقاءَ أَتَأْمُرُ بِضَرْبِ عُنُقی؟! کَذِبْتَ وَاللهِ، وَاللهِ لَوْ رامَ ذلِکَ أَحَدٌ مِنَ النّاسِ لَسَقَیْتُ الاَْرْضَ مِنْ دَمِهِ قَبْلَ ذلِکَ، وَإِنْ شِئْتَ ذلِکَ فَرُمْ ضَرْبَ عُنُقی إِنْ کُنْتَ صادِقاً»(5).