ثم سار(علیه السلام) حتى انتهى إلى «زبالة»(1). فبلغه خبر عبد الله بن یقطر أخوه من الرضاعة مضافاً إلى اسشتهاد مسلم بن عقیل، فأخرج للناس کتاب وقرأه علیهم:
«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمّا بَعْدُ; فَقَدْ أَتانا خَبَرٌ فَضیعٌ! قَتْلُ مُسْلِمِ بْنِ عَقیل وَهانِی بْنِ عُرْوَةَ بْنِ یَقْطُرَ، وَقَدْ خَذَلَتْنا شیعَتُنا، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْکُمُ الاِْنْصِرافَ فَلْیَنْصَرِفْ، لَیْسَ عَلَیْهِ مِنّا ذِمامٌ».
فتفرق الناس عنه وأخذوا یمیناً وشمالاً حتى بقی من أصحابه الذین جاءوا معه من المدینة ونفر یسیر ممن انضموا إلیه وإنّما فعل ذلک لأنّه(علیه السلام) علم أنّ الأعراب الذین اتبعوه إنّما اتبعوه وهم یظنون أنّه یأتی بلداً قد استقامت له طاعة أهلها فکره أن یسیروا معه إلاّ وهم یعلمون على ما یقدمون(2).
تشیر هذه العبارة إلى أنّ الإمام(علیه السلام) کان ینهض برسالة ومهمّة خاصة فی هذا السفر الخطیر، وإلاّ لانبغى له بعد العلم والإطلاع نقض أهل الکوفة لعهدهم وقتل مسلم وهانی وعبد الله بن یقطر العودة إلى مکة أو المدینة، لا أن یتجه إلى الکوفة الخاضعة لحکم ابن زیاد، ولاسیما دفعه البیعة من مرافقیه حین أبلغهم بخطورة المهمّة فمن شاء فلیرجع.