103 . اللّهم اشهد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
عاشوراء جذورها، أهدافها، حوادثها، معطیاتها
102 . سوید بن عمرو104 . والله عزیز على عمّک

قالوا: ثم تقدم علی بن الحسین(علیه السلام) وهو یومئذ ابن ثمانی عشرة سنة وقیل ابن خمس وعشرین سنة، وکان من أصبح الناس وجهاً وأول شهداء الطف من آل أبی طالب، وجاء إلى أبیه یستأذنه فی القتال، فنظره إلى الحسین(علیه السلام) نظرة الیأس من الحیاة، وأذن له فی القتال وقد انهرمت عیناه بالدموع، وقال ابن شهر آشوب: ورفع الحسین سبابته نحو السماء وقال:

«اَللّهُمَّ اشْهَدْ عَلى هؤُلاءِ الْقَوْمِ، فَقَدْ بَرَزَ إِلَیْهِمْ غُلامٌ أَشْبَهُ النّاسِ خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِکَ مُحّمَّد(صلى الله علیه وآله) کُنّا إِذَا اشْتَقْنا إِلى نَبِیِّکَ نَظَرْنا إِلى وَجْهِهِ، اَللّهُمَّ امْنَعْهُمْ بَرَکاتِ الاَْرْضِ، وَفَرِّقْهُمْ تَفْریقاً، وَمَزِّقْهُمْ تَمْزیقاً، وَاجْعَلْهُمْ طَرائِقَ قِدَداً، وَلا تُرْضِ الْوُلاةَ عَنْهُمْ أَبَداً، فَإِنَّهُمْ دَعَوُونا لِیَنْصُرُونا ثُمَّ عَدَوا عَلَیْنا یُقاتِلُونَنا».

ثم صاح الحسین(علیه السلام) بعمر بن سعد:

«مالَکَ؟ قَطَعَ اللهُ رَحِمَکَ! وَلا بارَک اللهُ لَکَ فِی أَمْرِک، وَسَلَّطَ عَلَیْکَ مَنْ یَذْبَحُکَ بَعْدی عَلى فِراشِکَ، کَما قَطَعْتَ رَحِمی وَلَمْ تَحْفَظْ قَرابَتی مِنْ رَسُولِ اللهِ(صلى الله علیه وآله)».

ثم رفع الحسین(علیه السلام) صوته وتلا: (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِیمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِینَ * ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ)(1).

ثم حمل علی بن الحسین على القوم وهو یقول:

أَنَا عَلیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنُ عَلِیّ *** نَحْنُ وَبَیْتِ اللهِ أَوْلى بِالنَّبِیِّ

وَاللهِ لاَ یَحْکُمُ فِینَا ابْنُ الدَّعِیِّ *** أَطْعَنُکُمْ بِالرُّمْحِ حَتّى یَنْثَنی

أَضْرِبُکُمْ بِالسَّیْفِ أَحْمی عَنْ أَبی *** ضَرْبَ غُلام هاشِمِیّ عَلَویّ

فلم یزل یقاتل حتى ضج الناس من کثرة من قتل منهم، وروی أنّه قتل على عطشه مائة وعشرین رجلاً ثم رجع إلى أبیه وقد أصابته جراحات کثیرة فقال:

«یا أَبَهْ! ألْعَطَشُ قَدْ قَتَلَنی، وَثِقْلُ الْحَدیدِ أَجْهَدَنی، فَهَلْ إِلى شَرْبَة مِنْ ماء سَبِیلٌ أَتَقَوّى بِها عَلَى الاَْعْداءِ».

فبکى الحسین(علیه السلام) وقال: یا بنی یعزّ على محمّد وعلى علیٍّ وعلى أبیک أن تدعوهم فلا یجیبونک وتستغیث بهم فلا یغیثونک یا بنی هات لسانک، فأخذ بلسانه فمصّه ودفع إلیه خاتمه وقال:

 «خُذْ هذَا الْخاتَمَ فِی فیکَ وَارْجِعْ إِلى قِتالِ عَدُوِّک، فَإِنّی أَرْجُو أَنَّکَ لا تُمْسی حَتّى یَسْقِیَکَ جَدُّک بِکَأْسِهِ الاَْوْفى شَرْبَةً لا تَظْمَأُ بَعْدَها أَبَداً»(2).

عاد علی الأکبر(علیه السلام) إلى المیدان، وهجم على میمنة جیش الکوفة ومیسرته کما کان یکرّ أبوه وجدّه علی المرتضى(علیه السلام)، وکلما کان یهجم على جماعة کبیرة من الأعداء کانوا یتفرقون بین یدیه أو یسقطون صرعى على الأرض.

فهجم علیه «مُرّة بن مُنقِذ» برمحه من خلفه وطعنه طعنة شدیدة فانحنى علی الأکبر على قربوس سرجه، فضربه مرّة بالسیف على رأسه، وأحاط به الأعداء من کل جانب فأخذوا یضربونه بالسیوف حتى قطعوا بدنه أرباً إرباً(3).

وفی آخر لحظات حیاة علی الأکبر(علیه السلام) صاح بصوت ضعیف: «یا أَبَتاهُ اَلسَّلامُ عَلَیْکَ: هذا جَدِّی رَسُولُ اللهِ قَدْ سَقانِی بِکَأْسِهِ الاَْوْفى وَیُقْرِئُکَ السَّلامَ وَ یَقُولُ: عَجِّلْ الْقُدُومَ إِلَیْنا فَإِنَّ لَکَ کَأساً مَذْخُورَةً»(4).

ثم صرخ صرخة واستشهد(علیه السلام).

فلما سمع الإمام الحسین(علیه السلام) صوت علی الأکبر(علیه السلام) هجم على القوم کالصقر ووصل إلى جسد ولده فوجده سابحاً بالدماء.

وینقل السید بن طاووس: «فَجاءَ الْحُسَیْنُ(علیه السلام) حَتَّى وَقَفَ عَلَیْهِ، وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلى خَدِّهِ»(5).

وهذه الحالة المأساویة المفجعة أثرت فی قلب الإمام الحسین(علیه السلام) بشدّة بحیث إنّ الإمام رفع یدیه للدعاء على هؤلاء القوم: «قَتَلَ اللهُ قَوْماً قَتَلُوکَ»(6).

وفی تلک الحالة من التأثر الشدید بکى الإمام الحسین(علیه السلام) بکاءً شدیداً بحیث  سمع الجیش صوت بکائه ولم یکن أحد قد سمع صوت بکاء الحسین(7).

ثم قال الإمام(علیه السلام): «عَلَى الدُّنْیا بَعْدَکَ الْعَفا»(8).

وورد فی الزیارة بسند صحیح عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی بیان شدّة هذه المصیبة أنّه قال: «وَلا تَسْکُنُ عَلَیْکَ مِنْ أَبیکَ زَفَرَةٌ»(9).

ویروی الطبری عن «حمید بن مسلم» قال: کأنّی أنظر إلى امرأة قد خرجت من فسطاط الحسین(علیه السلام) وهی تنادی «واحَبِیباه، یَاابْنَ أُخَیّاه» فوثب الحسین فردّها إلى الخیمة، فسألت عنها فقیل لی: هذه زینب بنت أمیرالمؤمنین(علیه السلام) ثم بکى الحسین رحمة لبکائها وقال:«إنّا للهِ وإنّا إلیهِ راجِعُون»(10).

وأقبل علیه فتیان بنی هاشم فقال لهم الحسین(علیه السلام): «یا فِتْیانَ بَنِی هاشِم إحْمِلُوا أَخاکُمْ إلى الْفُسْطاطِ»(11).

کلمات الإمام(علیه السلام) التی تفید تسلیمه ورضاه المطلق إزاء القیام برسالته السماویة واستعداده للشهادة وکذلک کلمات ولده الشجاع التی تعکس عمق إیمانه وإخلاصه دروس عظیمة لدعاة الحق وسالکیه سیما الشباب المسلم والتی تمثل مواقع الأمل فی حیاتهم العصیبة. فإنّ طلب شربة ماء من أبیه لا یقصد بها مواصلة الحیاة الدنیا لبضعة أیّام، بل لاستشعار قوة أعظم فی مقارعة أعداء الحق، وحین واجه الشهادة بکل
عظمتها وروعتها بشره أبوه بکأس من شراب الجنة الطهر من ید جده وسوف لن یظمأ بعدها أبداً، فهل هناک مفخرة أعظم من هذه؟!.


1 . سورة آل عمران، الآیة 33-34.
2 . أعیان الشیعة، ج 1، ص 607; فتوح ابن الأعثم، ج 5، ص 207-208; بحار الأنوار، ج 45، ص 42-43.
3. إرشاد المفید، ص 459 .
4. انظر: مقاتل الطالبیین، ص 52; بحار الأنوار، ج 45، ص 44 .
5. الملهوف (اللهوف)، ص 167 .
6. إرشاد المفید، ص 459 .
7. نفس المهموم، ص 162 .
8. إرشاد المفید، ص 459 .
9. کامل الزیارات، باب 79 (الزیارات). علّم الإمام الصادق(علیه السلام) هذه الزیارة لأبی حمزة الثمالی. وبحارالأنوار، ج 98، ص 185 .
10 . تاریح الطبری، ج 6، ص 256.
11. تاریخ الطبری، ج 4، ص 340 .

 

 

102 . سوید بن عمرو104 . والله عزیز على عمّک
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma