ذهب الإمام الحسین(علیه السلام) إلى داره فارتدى ثیابه وتوضأ وصلى رکعتین، ولما فرغ من الصلاة بعث إلى فتیة بنی هاشم وموالیهم وأطلعهم على عزمه ثم قال:

«کُونُوا بِبابِ هذَا الرَّجُلِ فَإِنّی ماض إِلَیْهِ وَمُکَلِّمُهُ، فَإِنْ سَمِعْتُمْ أَنَّ صَوْتِی قَدْ عَلا وَسَمِعْتُمْ کَلامی وَصِحْتُ بِکُمْ فَادْخُلُوا یا آلَ الرَّسُولِ وَاقْتَحَمُوا مِنْ غَیْرِ إِذْن، ثُمَّ اشْهَرُوا السُّیُوفَ وَلا تَعْجَلُوا، فَإِنْ رَأَیْتُمْ ما تَکْرَهُونَ فَضَعُوا سُیُوفَکُمْ ثُمَّ اقْتُلُوا مَنْ یُریدُ قَتْلی».

وطبق روایة أخرى أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) خرج من الدار وبیده عصا رسول الله(صلى الله علیه وآله)ومعه ثلاثون رجلاً من بنی هاشم وأشیاعهم. فجعلهم(علیه السلام) خارج دار الولید وقال:

«أُنْظُروُا ماذا أَوْصَیْتُکُمْ، فَلا تَعْتَدُوهُ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَخْرُجَ إِلَیْکُمْ سالِما إِنْ شاءَ اللهُ»(1).

فشجاعة الحسین(علیه السلام) کانت تتطلب عدم التخلف عن تلبیة دعوة حاکم المدینة خوف المؤامرة، لکن حکمة الإمام(علیه السلام)کانت تقتضی رعایة جانب الإحتیاط، ومن هنا انطلق إلى حاکم المدینة (الولید) بتلک الطائفة الشجاعة من فتیة بنی هاشم، فإن تطلب الأمر دعاهم للدخول وإفشال خطة العدو.

والطریف أنّ الإمام(علیه السلام) لم یحمل تلک العصابة معه إلى الدار وأبقاهم على الباب لیدخل وحده. وتفید الأحداث اللاحقة مدى صلابة الإمام(علیه السلام)وشدّته فی الحدیث للولید وجعله یشعر بالیأس من طرح قضیة البیعة وکشف له(علیه السلام)عن موقفه.

1 . مقتل الحسین للخوارزمی، ج 1، ص 183; الفتوح، ج 5، ص 16-17.