المتقون یدخلون الجنّة افواجاً!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 73 ـ 75

هذه الآیات ـ التی هی آخر آیات سورة (الزمر) ـ تواصل بحثها حول موضوع المعاد، حیث تتحدّث عن کیفیة دخول المؤمنین المتقین الجنّة، بعد أن کانت الآیات السابقة قد استعرضت کیفیة دخول الکافرین جهنم، لتتوضح الاُمور أکثر من خلال هذه المقارنة.

فی البدایة تقول: (وسیق الّذین اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمراً ).

استعمال عبارة (سیق) (والتی هی من مادة (سوق) على وزن (شوق) وتعنی الحث على السیر) أثار التساؤل، کما لفت أنظار الکثیر من المفسّرین، لأنّ هذا التعبیر یستخدم فی موارد یکون تنفیذ العمل فیها من دون أىّ اشتیاق ورغبة فی تنفیذه، ولذلک فإنّ هذه العبارة صحیحة بالنسبة لأهل جهنم، ولکن لم استعملت بشأن أهل الجنّة الذین یتوجّهون إلى الجنّة بتلهّف واشتیاق؟

قال البعض: إنّ هذه العبارة استعملت هنا لأنّ الکثیر من أهل الجنّة ینتظرون أصدقاءهم.

والبعض الآخر قال: إنّ تلهّف وشوق المتقین للقاء الباریء عزّوجلّ یجعلهم یتحیّنون الفرصة لذلک اللقاء بحیث لا یقبلون حتّى بالجنّة.

فیما قال البعض: إنّ هناک وسیلة تنقلهم بسرعة إلى الجنّة.

مع أنّ هذه التّفسیرات جیّدة ولا یوجد أىّ تعارض فیما بینها، إلاّ أنّ هناک نقطة اُخرى یمکن أن تکون هی التّفسیر الأصح لهذه العبارة، وهی مهما کان حجم عشق المتقین للجنّة، فإنّ الجنّة وملائکة الرحمة مشتاقة أکثر لوفود اُولئک علیهم، کما هو الحال بالنسبة إلى المستضیف المشتاق للضیف والمتلهّف لوفوده علیه إذ أنّه لا یجلس لانتظاره وإنّما یذهب لجلبه بسرعة قبل أن یأتی هو بنفسه إلى بیت المستضیف، فملائکة الرحمة هی کذلک مشتاقة لوفود أهل الجنّة.

والملاحظ أنّ (زمر) تعنی هنا المجموعات الصغیرة، وتبیّن أنّ أهل الجنّة یساقون إلى الجنّة على شکل مجموعات مجموعات کلّ حسب مقامه.

ثم تضیف الآیة (حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام علیکم طبتم فادخلوها خالدین ) (1) .

الملفت للنظر أنّ القرآن الکریم یقول بشأن أهل جهنم: إنّهم حینما یصلون إلى قرب جهنم تفتح لهم الأبواب، ویقول بشأن أهل الجنّة، إنّ أبواب الجنّة مفتحة لهم من قبل، وهذه إشارة إلى الاحترام والتبجیل الذی یستقبلون به من قبل ملائکة الرحمة، کالمستضیف المحب الذی یفتح أبواب بیته للضیوف قبل وصولهم، ویقف عند الباب بانتظارهم.

وقد قرأنا فی الآیات السابقة أنّ ملائکة العذاب یستقبلون أهل جهنم باللوم والتوبیخ الشدیدین، عندما یقولون لهم: قد هیّئت لکم أسباب الهدایة، فلم ترکتموها وانتهیتم إلى هذا المصیر المشؤوم؟

أمّا ملائکة الرحمة فإنّها تبادر أهل الجنّة بالسلام المرافق للاحترام والتبجیل، ومن ثمّ تدعوهم إلى دخو ل الجنّة.

عبارة «طبتم» من مادة (طیب) على وزن (صید) وتعنی الطهارة، ولأنّها جاءت بعد السلام والتحیة، فمن الأرجح القول بأنّ لها مفهوماً إنشائیاً، وتعنی: لتکونوا طاهرین مطهّرین، ونتمنى لکم السعادة والسرور.

وبعبارة اُخرى: طابت لکم هذه النعم الطاهرة، یا أصحاب القلوب الطاهرة.

ولکن الکثیر من المفسّرین ذکروا لهذه الجملة معنىً خبریاً عند تفسیرها، وقالوا: إنّ الملائکة تخاطبهم بأنّکم تطهّرتم من کلّ لوث وخبث، وقد طهّرتم بإیمانکم وبعملکم الصالح قلوبکم وأرواحکم، وتطهّرتم من الذنوب والمعاصی، ونقل البعض روایة تقول: إنّ هناک شجرة عند باب الجنّة، تفیض من تحتها عینان صافیتان، یشرب المؤمنون من إحداهما فیتطهر باطنهم، ویغتسلون بماء العین الاُخرى فیتطهر ظاهرهم، وهنا یقول خزنة الجنّة لهم: (سلام علیکم طبتم فادخلوها خالدین ) (2) .

الملاحظ أنّ «الخلود» استخدم بشأن کلّ من أهل الجنّة وأهل النّار، وذلک لکی لا یخشى أهل الجنّة من زوال النعم الإلهیّة، ولکی یعلم أهل النّار بأنّه لا سبیل لهم للنجاة من النّار.

الآیة التّالیة تتکون من أربع عبارات قصار غزیرة المعانی تنقل عن لسان أهل الجنّة السعادة والفرح اللذین غمراهم، حیث تقول: (وقالوا الحمد لله الّذی صدقنا وعده ).

وتضیف فی العبارة التالیة (وأورثنا الأرض ).

المراد من الأرض هنا أرض الجنّة. واستخدام عبارة (الإرث) هنا، إنّما جاء لکونهم حصلوا على کلّ هذه النعم فی مقابل جهد قلیل بذلوه، إذ ـ کما هو معروف ـ أنّ المیراث هو الشیء الذی یحصل علیه الإنسان من دون أىّ عناء مبذول.

أو أنّها تعنی أنّ لکل إنسان مکان فی الجنّة وآخر فی جهنم، فإن إرتکب عملا استحق به جهنم فإنّ مکانه فی الجنّة سوف یمنح لغیره، وإن عمل عملا صالحاً استحق به الجنّة، فیمنح مکاناً فی الجنّة ویترک مکانه فی جهنم لغیره.

أو تعنی أنّهم یتمتعون بکامل الحریة فی الاستفادة من ذلک الإرث، کالمیراث الذی یحصل علیه الإنسان إذ یکون حرّاً فی استخدامه.

هذه العبارة ـ فی الواقع ـ تحقق عینی للوعد الإلهی الذی ورد فی الآیة 63 من سورة مریم (تلک الجنّة الّتی نورث من عبادنا من کان تقیّاً ).

العبارة الثّالثة تکشف عن الحریة الکاملة التی تمنح لأهل الجنّة فی الاستفادة من کافة ما هو موجود فی الجنّة الواسعة، إذ تقول: (نتبوّأ من الجنّة حیث نشاء ).

یستشف من الآیات القرآنیة أنّ فی الجنّة الکثیر من البساتین والحدائق، وقد أطلقت علیها فی الآیة 72 من سورة التوبة عبارة (جنّات عدن )، وأهل الجنّة وفقاً لدرجاتهم المعنویة یسکنون فیها، وأنّ لهم کامل الحریة فی التحرک فی تلک الحدائق والبساتین الخالدة.

أمّا العبارة الأخیرة فتقول: (فنعم أجر العالمین ).

وهذه إشارة إلى أنّ هذه النعم الواسعة إنّما تعطى فی مقابل العمل الصالح (المتولد من الایمان طبعاً) لیکون صاحبه لائقاً ومستحقاً لنیل مثل هذه النعم.

وهنا یطرح هذا السؤال وهو: هل أنّ هذا القول صادر عن أهل الجنّة، أم أنّه کلام الله جاء بعد کلام أهل الجنّة؟

ذهب المفسّرون الى کلا الرأیین، ولکنّهم رجّحوا المعنى الأوّل الذی یقول: إنّه کلام أهل الجنّة وینسجم اکثر مع سیاق الآیة.

وفی النهایة تخاطب الآیة ـ مورد بحثنا وهی آخر آیة من سورة الزمر ـ الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) قائلة: (وترى الملائکة حافّین من حول العرش ) یسبّحون الله ویقدّسونه ویحمدونه.

إذ تشیر إلى وضع الملائکة الحافین حول عرش الله، أو أنّها تعبّر عن إستعداد اُولئک الملائکة لتنفیذ الأوامر الإلهیّة، أو أنّها إشارة إلى خفایا قیّمة تمنح فی ذلک الیوم للخواص والمقرّبین من العرش الإلهی، مع أنّه لا یوجد أىّ تعارض بین المعانی الثلاثة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل أنسب.

ولهذا تقول العبارة التالیة: (وقضى بینهم بالحقّ ).

وباعتبار أنّ هذه الاُمور دلائل على ربوبیة الباریء عزّوجلّ واستحقاق ذاته المقدّسة والمنزّهة لکل أشکال الحمد والثناء، فإنّ الجملة الأخیرة تقول: (وقیل الحمدلله ربّ العالمین ).

وهنا یطرح هذا السؤال: هل أنّ هذا الخطاب صادر عن الملائکة، أم عن أهل الجنّة المتقین، أم أنّه صادر عن الاثنین؟

المعنى الأخیر أنسب من غیره، لأنّ الحمد والثناء على الله هو منهاج کلّ أولی الألباب، ومنهاج کلّ الخواص والمقرّبین، واستعمال کلمة (قیل) وهی فعل مبنی للمجهول یؤیّد ذلک.

نهایة سورة الزّمر


1. ماهو جواب الجملة الشرطیة (إذا جاؤها)؟ ذکر المفسّرون آراء متعددة، أنسبها الذی یقول: إنّ عبارة (قال لهم خزنتها) جوابها والواو زائدة. کما احتملوا أنّ جواب الجملة محذوف، والتقدیر (سلام من الله علیکم)، أو أنّ حذف الجواب إشارة إلى أنّ سعة الموضوع وعلوّه لا یمکن وصفه، والبعض قال: (فتحت) هی الجواب و(الواو) زائدة.
2. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5730.
سورة الزّمر / الآیة 73 ـ 75
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma