من هم الذین یتقبّلون إنذارک؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 11 ـ 12 1ـ أنواع الکتب التی تثبت بها أعمال الناس

کان الحدیث فی الآیات السابقة عن مجموعة لا تملک أی إستعداد لتقبّل الإنذارات الإلهیّة ویتساوى عندهم الإنذار وعدمه، أمّا هذه الآیات فتتحدّث عن فئة اُخرى هی على النقیض من تلک الفئة، وذلک لکی یتّضح المطلب بالمقارنة بین الفئتین کما هو اُسلوب القرآن.

تقول الآیة الاُولى من هذه المجموعة (إنّما تنذر من اتّبع الذکر وخشی الرحمن بالغیب فبشّره بمغفرة وأجر کریم ).

هنا ینبغی الإلتفات إلى اُمور:

ذکرت فی هذه الآیة صفتان لمن تؤثّر فیهم مواعظ وإنذارات النّبی (صلى الله علیه وآله): وهی «إتّباع الذکر» و«الخشیة من الله فی الغیب». لا شکّ أنّ المقصود من هاتین الصفتین هو ذلک الإستعداد الذاتی وما هو موجود فیهم «بالقوّة». أی إنّ الإنذار یؤثّر فقط فی اُولئک الذین لهم أسماع واعیة وقلوب مهیّأة، فالإنذار یترک فیهم أثرین: الأوّل إتّباع الذکر والقرآن الکریم، والآخر الإحساس بالخوف بین یدی الله والمسؤولیة.

وبتعبیر آخر فإنّ هاتین الحالتین موجودتان فیهم بالقوّة، وإنّها تظهر فیهم بالفعل بعد الإنذار، وذلک على خلاف الکفّار عمی القلوب الغافلین الذین لا یملکون اُذناً صاغیة ولیسوا أهلا للخشیة من الله أبداً.

هذه الآیة کالآیة من سورة البقرة حیث یقول تعالى: (ذلک الکتاب لا ریب فیه هدىً للمتّقین ).

بإعتقاد الکثیر من المفسّرین أنّ المقصود من «الذکر» هو «القرآن المجید». لأنّ هذه الکلمة جاءت بهذه الصورة مراراً فی القرآن الکریم لتعبّر عن هذا المعنى (1) ، ولکن لا مانع من أن یکون المقصود من هذه الکلمة أیضاً المعنى اللغوی لها بمعنى مطلق التذکیر، بحیث یشمل کلّ الآیات القرآنیة وسائر الإنذارات الصادرة عن الأنبیاء والقادة الإلهیین.

«الخشیة» کما قلنا سابقاً، بمعنى الخوف الممزوج بالإحساس بعظمة الله تعالى، والتعبیر بـ «الرحمن» هنا والذی یشیر إلى مظهر رحمة الله العامّة یثیر معنى جمیلا، وهو أنّه فی عین الوقت الذی یُستشعر فیه الخوف من عظمة الله، یجب أن یکون هنالک أمل برحمته، لموازنة کفّتی الخوف والرجاء، اللذین هما عاملا الحرکة التکاملیة المستمرة.

الملفت للنظر أنّه ذکرت کلمة «الله» فی بعض من الآیات القرآنیة فی مورد «الرجاء» والتی تمثّل مظهر الهیبة والعظمة (لمن کان یرجو الله والیوم الآخر ) (2) إشارة إلى أنّه یجب أن یکون الرجاء ممزوجاً بالخوف، والخوف ممزوجاً بالرجاء على حد سواء (تأمّل!!).

التعبیر بـ «الغیب» هنا إشارة إلى معرفة الله عن طریق الاستدلال والبرهان، إذ إنّ ذات الله سبحانه وتعالى غیب بالنسبة إلى حواس الإنسان، ویمکن فقط مشاهدة جماله وجلاله سبحانه ببصیرة القلب ومن خلال آثاره تعالى.

کذلک یحتمل أیضاً أنّ «الغیب» هنا بمعنى «الغیاب عن عیون الناس» بمعنى أنّ مقام الخشیة والخوف یجب أن لا یتّخذ طابعاً ریائیاً، بل إنّ الخشیة والخوف یجب أن تکون فی السرّ والخفیة.

بعضهم فسّر «الغیب» أیضاً بـ «القیامة» لأنّها من المصادیق الواضحة للاُمور المغیبة عن حسّنا، ولکن یبدو أنّ التّفسیر الأوّل هو الأنسب.

جملة «فبشّره» فی الحقیقة تکمیل للإنذار، إذ إنّ الرّسول (صلى الله علیه وآله) فی البدء ینذر، وحین یتحقّق للإنسان اتّباع الذکر والخشیة وتظهر آثارها على قوله وفعله، هنا یبشّره الباری عزّوجلّ.

بماذا یبشّر؟ أوّلا یبشّره بشیء قد شغل فکره أکثر من أی موضوع آخر، وهو تلک الزلاّت التی إرتکبها، یبشّره بأنّ الله العظیم سیغفر له تلک الزلاّت جمیعها، ویبشّره بعدئذ بأجر کریم وثواب جزیل لا یعلم مقداره ونوعه إلاّ الله سبحانه.

الملفت للنظر هو تنکیر «المغفرة» و«الأجر الکریم» ونعلم بأنّ استخدام النکرة فی مثل هذه المواضع إنّما هو للتدلیل على الوفرة والعِظم.

یرى بعض المفسّرین أنّ (الفاء) فی جملة «فبشّره» للتفریع والتفصیل، إشارة إلى أنّ (اتّباع التذکر والخشیة) نتیجتها «المغفرة» و«الأجر الکریم» بحیث إنّ الاُولى وهی المغفرة تترتّب على الأوّل، والثانیة على الثانی.

بعد ذلک وبما یتناسب مع البحث الذی کان فی الآیة السابقة حول الأجر والثواب العظیم للمؤمنین والمصدّقین بالإنذارات الإلهیّة التی جاء بها الأنبیاء، تنتقل الآیة التالیة إلى الإشارة إلى مسألة المعاد والبعث والکتاب والحساب والمجازاة، تقول الآیة الکریمة: (إنّا نحن نحیی الموتى ).

الإستناد إلى لفظة «نحن» إشارة إلى القدرة العظیمة التی تعرفونها فینا! وکذلک قطع الطریق أمام البحث والتساؤل فی کیف یحیی العظام وهی رمیم، ویبعث الروح فی الأبدان من جدید؟ ولیس نحیی الموتى فقط، بل (ونکتب ما قدّموا وآثارهم ) وعلیه فإنّ صحیفة الأعمال لن تغادر صغیرة ولا کبیرة إلاّ وتحفظها إلى یوم الحساب.

جملة «ما قدّموا» إشارة إلى الأعمال التی قاموا بها ولم یبق لها أثر، أمّا التعبیر «وآثارهم» فإشارة إلى الأعمال التی تبقى بعد الإنسان وتنعکس آثارها على المحیط الخارجی، من أمثال الصدقات الجاریة (المبانی والأوقاف والمراکز التی تبقى بعد الإنسان وینتفع منها الناس).

کذلک یحتمل أیضاً أن یکون المعنى هو أنّ «ما قدّموا» إشارة إلى الأعمال ذات الجنبة الشخصیة، و«آثارهم» إشارة إلى الأعمال التی تصبح سنناً وتوجب الخیر والبرکات بعد موت الإنسان، أو تؤدّی إلى الشرّ والمعاصی والذنوب. ومفهوم الآیة واسع یمکن أن یشمل التّفسیرین.

ثمّ تضیف الآیة لزیادة التأکید (وکلّ شیء أحصیناه فی إمام مبین ).

أغلب المفسّرین اعتبروا أنّ معنى «إمام مبین» هنا هو «اللوح المحفوظ» ذلک الکتاب الذی أثبتت فیه وحفظت کلّ الأعمال والموجودات والحوادث التی فی هذا العالم.

والتعبیر بـ «إمام» ربّما کان بلحاظ أنّ هذا الکتاب یکون فی یوم القیامة قائداً وإماماً لجمیع المأمورین بتحقیق الثواب والعقاب، أو لکونه معیاراً لتقییم الأعمال الإنسانیة ومقدار ثوابها وعقوبتها.

الجدیر بالملاحظة أنّ تعبیر (إمام) ورد فی بعض آیات القرآن الکریم للتعبیر عن «التوراة» حیث یقول سبحانه وتعالى: (أفمن کان على بیّنة من ربّه ویتلوه شاهد منه ومن قبله کتاب موسى إماماً ورحمة ). (3)

وإطلاق کلمة «إمام» فی هذه الآیة على «التوراة» یشیر إلى المعارف والأحکام والأوامر الواردة فی التوراة، وکذلک للدلائل والإشارات المذکورة بحقّ نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، ففی کلّ هذه الاُمور یمکن للتوراة أن تکون قائداً وإماماً للخلق، وبناءً على ذلک فإنّ الکلمة المزبورة لها معنى متناسب مع مفهومها الأصلی فی کلّ مورد استُعملت فیه.


1. اُنظر النحل، 44 وفصّلت، 41، والزخرف، 44 والقمر، 25، وفی نفس الوقت فإنّ لفظة «ذکر» تکرّرت فی القرآن کثیراً بمعنى «التذکیر المطلق».
2. الأحزاب، 21. 3. هود، 17. 
سورة یس / الآیة 11 ـ 12 1ـ أنواع الکتب التی تثبت بها أعمال الناس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma