ثلاثة أنبیاء کبار اُطلقت علیهم صفة (أوّاب) فی هذه السورة، وهم: داود وسلیمان وأیّوب، وفی سورة (ق) فی الآیة 32 اُطلق هذا الوصف على کلّ أهل الجنّة، قوله تعالى: (هذا ما توعدون لکلّ أوّ ا ب حفیظ ).
هذه العبارات تبیّن أنّ مقامه فی المقام الأعلى، وعندما نرجع إلى مصادر اللغة نشاهد أنّ کلمة (أوّاب) مشتقّة من کلمة (أوب) وتعنی الرجوع والعودة.
وهذا الرجوع والعودة (خاصّة وأنّ کلمة (أوّاب) هی اسم مبالغة تعنی کثرة الرجوع وتکراره) یشیر إلى أنّ الأوّابین حسّاسون جدّاً تجاه الأسباب والعوامل التی تبعدهم عن الله، کالرزق وبریق الزخارف الدنیویة فی أعینهم، ووساوس النفس والشیطان، وإن إبتعدوا لحظة واحدة عن الله عادوا إلیه بسرعة، وإن غفلوا عنه لحظة تذکّروه وسعوا فی جبرانها.
هذه العودة یمکن أن تکون بمعنى العودة إلى طاعة أوامر الله وإجتناب نواهیه، أی أنّ أوامره هی مرجعهم وسندهم أینما کانوا.
وکلمة (أوّاب) التی جاءت فی الآیة العاشرة من سورة سبأ (یاجبال أوّبی معه والطّیر )والخاصّة بداود ـ أیضاً ـ تعطی معناً آخر، وهو تردید الصوت، إذ إنّ الأوامر صدرت إلى الجبال والطیور أن ردّدی الصوت مع داود، ولهذا فإنّ (أوّاب) تعنی کلّ من یردّد الأوامر الإلهیّة والتسبیح والحمد الذی تردّده کلّ موجودات الکون حسب قوانین الخلقة، وممّا یذکر أنّ أحد معانی کلمة (أیّوب) هی (أوّاب).