البحث عن رفیق السوء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 50 ـ 61 1ـ الرابطة بین أهل الجنّة وأهل النار

عباد الله المخلصون الذین إستعرضت الآیات السابقة النعم المادیة والمعنویة التی أغدقت علیهم، کالفاکهة، والحور، وکأس المعین الذی یطاف به علیهم، والسرر المتقابلة التی یجلسون علیها، والأصدقاء الطیبین الذین یجالسونهم ویتحدّثون معهم، وفجأة ـ خلال جلسات سمرهم فی الجنّة ـ یتذکّرون أصدقاءهم فی الدنیا، أصدقاءهم الذین إنفصلوا عنهم فی الطریق، ولم یجدوا لهم أی أثر فی الجنّة، فیسعون إلى معرفة مصیرهم.

نعم، ففی الوقت الذی کانوا فیه منشغلین بالحدیث والسؤال عن أحوال بعضهم البعض، (فأقبل بعضهم على بعض یتساءلون ).

فجأةً خطر فی ذهن أحدهم أمر، فالتفت إلى أصحابه قائلا: لقد کان لی صدیق فی الدنیا (قال قائل منهم إنّی کان لی قرین ).

ومع الأسف، فإنّه انحرف عن الطریق الصحیح، وصار منکراً لیوم البعث، وکان دائماً یقول لی: هل تصدّق هذا الکلام وتعتقد به؟ (یقول أإنّک لمن المصدّقین ).

هل أنّنا إذا متنا وکنّا تراباً وعظاماً نحیا مرّة اُخرى، لنساق إلى الحساب، والجزاء على ما

اقترفناه من أعمال؟ إنّ هذا ممّا لا ینبغی أن یصدق: (ءإذا متنا وکنّا تراباً وعظاماً ءإنّا لمدینون ) (1) .

وهنا یخاطب من کان یتحدّث معهم من أهل الجنّة، بالقول: لیتنی أعرف أین هو الآن؟ وفی أیّة ظروف یعیش؟ فمکانه خال بیننا.

ویضیف: أیّها الأصدقاء، هل تستطیعون البحث عنه، ومعرفة حاله، (قال هل أنتم مطّلعون ) (2) .

وأثناء بحثه عن قرینه وصدیقه ینظر إلى جهنّم، ویرى فجأةً صدیقه وسط جهنّم (فاطّلع فرآه فی سواء الجحیم ) (3) .

فیخاطبه قائلا: أقسم بالله لقد کدت أن تهلکنی وتسقطنی فیما سقطت فیه (قال تالله إن کدت لتردین ) (4) .

لقد أوشکت أن تؤثّر على صفاء قلبی بوساوسک، وأن تزجّ بی فی الخطّ المنحرف الذی کنت فیه، فلولا لطف الله الذی منعنی من ذلک ونعمته التی سارعت لمساعدتی، لکنت الیوم من المحضرین للعذاب مثلک فی نار جهنّم (ولولا نعمة ربّی لکنت من المحضرین ).

فالتوفیق الإلهی کان رفیق دربی، ولطف هدایته کان الموجّه لی.

وهنا یلقی نظرة اُخرى إلى صدیقه فی جهنّم، ویقول له موبّخاً إیّاه: ألم تکن أنت القائل لی فی الدنیا بأنّنا لا نموت (أفما نحن بمیّتین ) سوى مرّة واحدة فی الدنیا، وبعدها لا حیاة اُخرى ولا عذاب (إلاّ موتتنا الاُولى وما نحن بمعذّبین

الآن انظر ولاحظ الخطأ الکبیر الذی وقعت فیه! فبعد الموت کانت هذه الحیاة وهکذا ثواب وعقاب، والآن توضّحت لک کافة الحقائق، ولکن ما الفائدة فلیس هناک طریق للعودة.

طبقاً لتفسیر الآیتین الأخیرتین، فإنّ حدیث المؤمن الذی فی الجنّة مع صدیقه الذی فی جهنّم، کان مرکّزاً على تذکیره بإنکاره للمعاد فی الحیاة الدنیا.

لکن بعض المفسّرین یحتملون وجود تفسیر آخر للآیتین المذکورتین، وهو أنّه بعد إنتهاء حدیث الجنّتی مع صدیقه الجهنّمی، یعود إلى أصحابه فی الجنّة للتسامر فیما بینهم، فیقول أحدهم من شدّة الفرح: أحقّاً أنّنا لن نموت مرّة اُخرى وأنّنا سنعیش هنا خالدین؟ وهل أنّه بعد الموت الأوّل لا یوجد موت آخر، وتبقى هذه النعم الإلهیّة معنا، وما نحن بمعذّبین؟

بالطبع هذا الکلام لیس مصدره الشکّ والتردّد، إنّما هو نتیجة شدّة الفرح والسرور، فمثلهم کمثل الإنسان الذی یحصل بعد مدّة من الأمل والإنتظار على بیت واسع وفخم، فیقول وهو متعجّب: کلّ هذا لی؟ یاربّی! ما هذه النعمة! وهل ستبقى عندی؟

على کلّ حال، هنا اختتم الحدیث بجملة عمیقة المعانی وحسّاسة ومؤثّرة جدّاً، ومؤکّدة بأنواع التأکیدات (إنّ هذا لهو الفوز العظیم ).

ما أعظم هذا الفوز الذی یغرق فیه الإنسان بنعمة الخلود والحیاة الأبدیة، وتشمله الألطاف الإلهیّة؟ وماذا یتصوّر أفضل وأعظم من ذلک؟

ثمّ یقول تبارک وتعالى فی ختام البحث جملة واحدة قصیرة توقظ القلوب وتهزّ الأعماق، (لمثل هذا فلیعمل العاملون ) أی لمثل هذا فلیعمل الناس، ومن أجل نیل هذه النعم فلیسع الساعون.

بعض المفسّرین یحتملون فی الآیة الأخیرة أنّها من کلام أصحاب الجنّة، وهذا الاحتمال مستبعد جدّاً، لأنّ الإنسان فی ذلک الیوم غیر مکلّف، وبعبارة اُخرى لا یوجد أی تکلیف فی ذلک الیوم حتى یستنتج من الکلام أنّه تشجیع للآخرین، فی الوقت الذی یوضّح فیه ظاهر الآیة إنّها إستنتاج للآیات السابقة، وأنّها تدفع الناس إلى الإیمان والتوجّه إلى العمل، لذا کان من المناسب أن یورد الباری عزّوجلّ هذا الحدیث فی نهایة هذا البحث.


1. «مدینون» من مادّة «دین» وتعنی الجزاء، وهنا تعنی: هل أنّنا سنجزى.
2. «مطّلعون» من مادّة «إطّلاع» وتعنی التفتیش والبحث، والإشراف على شیء من مکان عال، وأخذ المعلومات.
3. «سواء» تعنی الوسط.
4. «تردین»من مادّة «إرداء» وتعنی السقوط من مکان عال، وهلاک الساقط.
سورة الصافات / الآیة 50 ـ 61 1ـ الرابطة بین أهل الجنّة وأهل النار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma