لولا لطف الله ورحمته!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة فاطر / الآیة 45 محتوى السورة:

الآیة مورد البحث وهی الآیة الأخیرة من آیات سورة فاطر، وبعد تلک البحوث الحادّة والتهدیدات الشدیدة التی مرّت فی الآیات المختلفة للسورة، تنهی هذه الآیة السورة ببیان اللطف والرحمة الإلهیّة بالبشر، تماماً کما ابتدأت السورة بذکر إفتتاح الله الرحمة للناس، وعلیه فإنّ البدء والختام متّفقان ومنسجمان فی توضیح رحمة الله.

زیادة على ذلک، فإنّ الآیة السابقة التی تهدّد المجرمین والکفّار بمصیر الأقوام الغابرین، تطرح کذلک السؤال التالی، وهو إذا کانت السنّة الإلهیّة ثابتة على جمیع الطغاة والعاصین، فلماذا لا یُعاقب مشرکو مکّة؟! وتجیب على السؤال قائلة: (ولو یؤاخذ الله الناس بما کسبوا )ولا یمنحهم فرصة لإصلاح أنفسهم والتفکّر فی مصیرهم وتهذیب أخلاقهم (ما ترک على ظهرها من دابّة ).

نعم لو أراد الله مؤاخذتهم على ذنوبهم لأنزل علیهم عقوبات متتالیة، صواعق، وزلازل، وطوفانات، فیدمّر المجرمین ولا یبقى أثراً للحیاة على هذه الأرض. (ولکن یؤخّرهم إلى أجل مسمّى ) ویعطیهم فرصة للتوبة وإصلاح النفس.

هذا الحلم والإمهال الإلهی له أبعاد وحسابات خاصّة، فهو إمهال إلى أن یحلّ أجلهم (فإذا جاء أجلهم فإنّ الله کان بعباده بصیراً ) (1) فانّه تعالى یرى أعمالهم ومطّلع على نیّاتهم.

هنا یطرح سؤالان، جوابهما یتّضح ممّا ذکرناه أعلاه:

السؤال الأوّل: هل أنّ هذا الحکم العام (ما ترک على ظهرها من دابة ) یشمل حتى الأنبیاء والأولیاء والصالحین أیضاً؟

الجواب واضح، لأنّ المعنیّ بأمثال هذا الحکم هم الأغلبیة والأکثریة منهم، والرسل والأئمّة والصلحاء الذین هم أقلّیة خارجون عن ذلک الحکم، والخلاصة أنّ کلّ حکم له استثناءات، والأنبیاء والصالحون مستثنون من هذا الحکم، تماماً مثلما نقول: إنّ أهل الدنیا غافلون وحریصون ومغرورون، والمقصود الأکثریة منهم، فی الآیة 41 من سورة الروم نقرأ (ظهر الفساد فی البرّ والبحر بما کسبت أیدی الناس لیذیقهم بعض الذی عملوا لعلّهم یرجعون ). فبدیهی أنّ الفساد لیس نتیجة لأعمال جمیع البشر، بل هو نتیجة لأعمال أکثریتهم.

وکذلک فإنّ الآیة 32 من نفس هذه السورة، التی قسّمت الناس إلى ثلاث مجموعات «ظالم» و«مقتصد» و«سابق بالخیرات» شاهد آخر على هذا المعنى.

وعلیه فإنّ الآیة أعلاه لیس فیها ما ینافی عصمة الأنبیاء إطلاقاً.

السؤال الثانی: هل أنّ التعبیر بـ «دابّة» فی الآیة أعلاه یشیر إلى شمول غیر البشر، أی أنّ تلک الدواب أیضاً سوف تتعرّض للفناء نتیجة إیقاع الجزاء على البشر؟!

الجواب على هذا السؤال یتّضح إذا علمنا أنّ أصل فلسفة وجود الدواب هو تسخیرها لمنفعة الإنسان، فإذا إنعدم الإنسان من سطح الکرة الأرضیة فلیس من داع لوجود تلک الدواب (2) .

وأخیراً نختم هذا البحث بالحدیث التالی الوارد عن الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله)حیث یقول: «سبق العلم، وجفّ القلم، ومضى القضاء، وتمّ القدر بتحقیق الکتاب وتصدیق الرسل، وبالسعادة من الله لمن آمن واتّقى، وبالشقاء لمن کذّب وکفر، وبالولایة من الله عزّوجلّ للمؤمنین، وبالبراءة منه للمشرکین» ثمّ قال: «إنّ الله عزّوجلّ یقول: یاابن آدم، بمشیئتی کنت أنت الذی تشاء لنفسک ما تشاء، وبإرادتی کنت أنت الذی ترید لنفسک ما ترید، وبفضل نعمتی علیک قویت على معصیتی، وبقوّتی وعصمتی وعافیتی أدّیت إلیّ فرائضی، وأنا أولى بحسناتک منک، وأنت أولى بذنبک منّی، الخیر منّی إلیک واصل بما أولیتک به، والشرّ منک إلیک بما جنیت جزاء، وبکثیر من تسلّطی لک إنطویت على طاعتی، وبسوء ظنّک بی قنطت من رحمتی، تلی الحمد والحجّة علیک بالبیان، ولی السبیل علیک بالعصیان، ولک الجزاء الحسن عندی بالإحسان. لم أدع تحذیرک ولم آخذک عند غرّتک، وهو قوله عزّوجلّ: (ولو یؤاخذ الله الناس بما کسبوا ما ترک على ظهرها من دابّة ) لم اُکلّفک فوق طاقتک، ولم اُحمّلک من الأمانة إلاّ ما قرّرت بها على نفسک، ورضیت لنفسی منک ما رضیت به لنفسک منّی، ثمّ قال عزّوجلّ: (ولکن یؤخّرهم إلى أجل مسمّى فإذا جاء أجلهم فإنّ الله کان بعباده بصیراً ) (3) .

إلهی، إجعلنا ممّن ینتفعون من الفرصة قبل فواتها، فیرجعون إلى وجهک الکریم، ونوّر ما مضى من أیّامنا بنور حسناتک ورضاک.

إلهی، إذا لم تشملنا برحمتک فإنّ جهنّم التی أشعلناها بأعمالنا السیّئة ستمتدّ بألسنتها إلینا وتلقی بنا فی لهواتها، وإن لم تضیء قلوبنا بنور غفرانک فإنّ قلوبنا ستصبح مرتعاً للشیطان اللعین.

إلهی، أعذنا من کلّ شرک، وأسرج مصباح الإیمان والتوحید الخالص فی أعماق قلوبنا وزوّدنا بالتقوى فی أقوالنا وأعمالنا، إنّک مجیب الدعاء.

نهایة سورة فاطر


1. جملة ( إذا جاء أجلهم ) جملة شرطیة، وجزاؤها یقع فی تقدیر جواب الشرط هکذا «فإذا جاء أجلهم یجازى کلّ واحد بما عمل»، وعلیه فإنّ جملة «فإنّ الله» من قبیل «علّة الجزاء» وهی تقوم مقام المعلول المحذوف. ویحتمل کذلک أنّ الجزاء هو ( لا یستأخرون ساعة ولا یستقدمون ) کما ورد فی آیات اُخرى من القرآن الکریم کالآیة 61 من سورة النحل، وعلیه فإنّ جملة «إنّ الله کان بعباده بصیراً» إشارة إلى أنّ الله یعرفهم جمیعاً، ویعلم أیّاً منهم بلغ أجله لکی یأخذه بقدرته تعالى.
2. «دابّة» من مادّة «دبّ» والدبّ والدبیب مشی خفیف، ویستعمل ذلک فی الحیوان وفی الحشرات أکثر، ویستعمل فی کلّ حیوان وإن اختّصت فی التعارف بالخیل. وکذلک تطلق کلمة «الدواب» خاصّة على الحیوانات التی تستعمل للرکوب.
3. تفسیر علی بن إبراهیم، طبقاً لنقل تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 370، ح 122.
سورة فاطر / الآیة 45 محتوى السورة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma