التهم القبیحة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 149 ـ 160 سورة الصافات / الآیة 161 ـ 170

بعد إستعراض ستّ قصص من قصص الأنبیاء السابقین، وإستخلاص الدروس التربویة منها، یغیّر القرآن موضوع الحدیث، ویتناول موضوعاً آخر یرتبط بمشرکی مکّة آنذاک، ویستعرض لنا أنماطاً مختلفة من شرکهم ویحاکمهم بشدّة، ثمّ یدحض بالأدلّة القاطعة أفکارهم الخرافیة.

والقضیّة هی أنّ مجموعة من المشرکین العرب وبسبب جهلهم وسطحیّة تفکیرهم کانوا یقیسون الله عزّوجلّ بأنفسهم، ویقولون: إنّ لله عزّوجلّ أولاداً، وأحیاناً یقولون: إنّ له زوجة.

قبائل (جهینة) و(سلیم) و(خزاعة) و(بنی ملیح) کانوا یعتقدون أنّ الملائکة هی بنات الله عزّوجلّ، ومجموعة اُخرى من المشرکین کانت تعتقد أنّ (الجنّ) هم أولاد الله عزّوجلّ، فیما قال البعض الآخر: إنّ (الجنّ) هم زوجات الله عزّوجلّ.

الأوهام الخرافیة هذه، کانت السبب الرئیسی لإنحرافهم عن طریق الحقّ بصورة زالت

معها کلّ آثار التوحید والإعتقاد بوحدانیة الله سبحانه وتعالى من قلوبهم.

وقد ورد فی أحد الأحادیث أنّ النمل یتصوّر أنّ لخالقه قرنین إثنین مثلما هی تمتلک. (1)

نعم، العقل الناقص للإنسان یدفعه إلى المقارنة، المقارنة بین الخالق والمخلوق، وهذه المقارنة من أسوأ الأسباب التی تؤدّی بالإنسان إلى الضلال عن معرفة الله.

على أیّة حال، فالقرآن الکریم یردّ على الذین یتصوّرون أنّ الملائکة هی بنات الله بثلاث طرق، أحدها تجریبی، والآخر عقلی، والثالث نقلی، وفی البدایة یقول، اسألهم هل أنّ الله تعالى خصّ نفسه بالبنات، وخصّهم بالبنین، (فاستفتهم ألربّک البنات ولهم البنون ). (2)

وکیف تنسبون ما لا تقبلون به لأنفسکم إلى الله، حیث إنّهم طبق عقائدهم الباطلة کانوا یکرهون البنات بشدّة ویحبّون الأولاد کثیراً، فالأولاد کان لهم دوراً مؤثّراً خلال الحرب والإغارة على بقیّة القبائل، فی حین أنّ البنات عاجزات عن تقدیم مثل هذه المساعدة.

ومن دون أی شکّ فإنّ الولد والبنت من حیث وجهة النظر الإنسانیة، ومن حیث التقییم عند الله سبحانه وتعالى متساوون، ومیزان شخصیتهم هو التقوى والطهارة، وإستدلال القرآن هنا إنّما یأتی من باب (ذکر مسلّمات الخصم) ومن ثمّ ردّها علیه. وشبیه هذا المعنى ورد فی سور اُخرى من سور القرآن، ومنها ما جاء فی الآیة 21 و22 من سورة النجم (ألکم الذکر وله الاُنثى * تلک إذاً قسمة ضیزى )!.

ثمّ ینتقل الحدیث إلى عرض دلیل حسّی على المسألة هذه، وبشکل إستفهام إستنکاری، قال تعالى: (أم خلقنا الملائکة إناثاً وهم شاهدون ).

ومن دون أی شکّ فإنّ جوابهم فی هذا المجال سلبی، إذ لم یستطع أحداً منهم الإدّعاء بأنّه کان موجوداً أثناء خلق الملائکة.

مرّة اُخرى یطرح القرآن الدلیل العقلی المقتبس من مسلّماتهم الذهنیة ویقول: (ألا إنّهم من إفکهم لیقولون * ولد الله وإنّهم لکاذبون * أصطفى البنات على البنین ).

هل تدرکون ما تقولون وکیف تحکمون: (ما لکم کیف تحکمون

ألم یحن الوقت الذی تترکون فیه هذه الخرافات والأوهام القبیحة والتافهة؟ (أفلا تذکرون

إذن أنّ هذا الکلام باطل من الأساس بحیث لو أنّ أی إنسان له ذرّة من عقل ودرایة، ویتفکّر فی الأمر جیّداً، لأدرک بطلان هذه المزاعم.

بعد إثبات بطلان إدّعاءاتهم الخرافیة بدلیل تجریبی وآخر عقلی، ننتقل إلى الدلیل الثالث وهو الدلیل النقلی، حیث یقول القرآن الکریم مخاطباً إیّاهم: لو کان ما تزعمونه صحیحاً لذکرته الکتب السابقة، فهل یوجد لدیکم دلیل واضح علیه، (أم لکم سلطان مبین ).

وإذا کنتم صادقین فی قولکم فأتوا بذلک الکتاب (فأتوا بکتابکم إن کنتم صادقین ).

هذا الإدّعاء فی أی کتاب موجود؟ وفی أی وحی مذکور؟ وعلى أی رسول نزل؟

هذا القول یشبه بقیّة الأقوال التی یخاطب بها القرآن عبدة الأصنام (وجعلوا الملائکة الذین هم عباد الرحمن إناثاً اشهدوا خلقهم ستکتب شهادتهم ویسألون * وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلک من علم إن هم إلاّ یخرصون * أم آتیناهم کتاباً من قبله فهم به مستمسکون ). (3)

کلاّ، إنّها لم ترد فی الکتب السماویة، بل انّها خرافات إنتقلت من جیل إلى جیل ومن جهلة إلى آخرین، وإنّها دعاوی مرفوضة ولا أساس لها، کما اُشیر إلیها فی نهایة الآیات المذکورة أعلاه (أم آتیناهم کتاباً من قبله فهم به مستمسکون ). (4)

الآیة اللاحقة تطرّقت إلى خرافة اُخرى من خرافات مشرکی العرب، والتی تزعم بوجود نسبة بین الله عزّوجلّ والجنّ، فالآیة هنا لا تخاطبهم بصورة مباشرة وإنّما تخاطبهم بضمیر الغائب، لأنّهم اُناس تافهون، ولا تتوفّر فیهم الکفاءة واللیاقة للردّ على زعمهم (وجعلوا بینه وبین الجنّة نسباً ).

فما هی النسبة الموجودة بین الله والجن؟

وردت عدّة تفاسیر مختلفة لهذا السؤال، منها:

قال البعض: إنّهم کانوا ثنویین، ویعتقدون (نعوذ بالله) أنّ الله والشیطان إخوة، الله خالق المحبّة، والشیطان خالق الشرور.

وهذا التّفسیر مستبعد، لأنّ المذهب الثنوی لم یکن معروفاً عند العرب، بل کان منتشراً فی إیران خلال عهد الساسانیین.

واعتبر البعض الآخر الجنّ هم نفس الملائکة، لأنّ الجنّ موجودات لا تدرکها الأبصار، والملائکة کذلک، ولذلک أطلقوا کلمة «الجنّ» علیها. إذاً، فالمراد من النسبة هی النسبة التی کان یدّعیها عرب الجاهلیة من أنّ الملائکة بنات الله.

ویرد على هذا التّفسیر أنّ ظاهر آیات بحثنا أنّها تبحث فی موضوعین، إضافةً إلى أنّ إطلاق کلمة (الجنّ) على الملائکة غیر وارد وخاصّة فی القرآن الکریم.

وهناک تفسیر ثالث یقول: إنّهم کانوا یعتبرون (الجنّ) زوجات الله، فیما یعتبرون الملائکة بناته.

وهذا التّفسیر مستبعد أیضاً، لأنّ إطلاق کلمة «نسب» على الزوجة غیر وارد.

والتّفسیر الذی یعدّ أنسب من الجمیع، هو أنّ المراد من کلمة (نسب) کلّ أشکال الرابطة والعلاقة، حتى ولو لم یکن هناک أی صلة للقرابة فیها، وکما نعلم فإنّ مجموعة من المشرکین العرب کانوا یعبدون الجنّ ویزعمون أنّها شرکاء لله، ولهذا کانوا یقولون بوجود علاقة بینها وبین الله.

على أیّة حال، فالقرآن المجید ینفی هذه المعتقدات الخرافیة بشدّة، ویقول: إنّ الجنّ الذین کان المشرکون یعبدونها ویقولون بوجود نسبة بینها وبین الله، یعلمون جیّداً أنّ المشرکین سیحضرون فی محکمة العدل الإلهی وسیحاسبون ویجزون (ولقد علمت الجنّة إنّهم لمحضرون ).

والبعض الآخر احتمل أن یکون تفسیر الآیة بالشکل التالی: إنّ الجنّ الذین یغوون الناس یعلمون أنّهم یوم القیامة سیحضرون فی محکمة العدل الإلهی لیحاسبوا وینالوا جزاءهم.

ولکن التّفسیر الأوّل أنسب (5) .

ونزّه الله تعالى نفسه عمّا قاله اُولئک الضالّون فی صفاته تعالى، قائلا: (سبحان الله عمّا یصفون ). وإستثنى وصف عباده المخلصین (الذین وصفوه عن علم ومعرفة ودرایة) حیث وصفوه بما یلیق بذاته المقدّسة، قال تعالى: (إلاّ عباد الله المخلصین ).

وبهذا الشکل فإنّ من النادر أن نسمع اُناساً عادیین یصفون الله سبحانه وتعالى وصفاً لائقاً، کما یصفه عباده المخلصون، العباد الخالصون من کلّ أشکال الشرک وهوى النفس والجهل والضلال، والذین لا یصفون الباری عزّوجلّ إلاّ بما سمح لهم به (6) .

وحول عبارة (عباد الله المخلصین ) فقد کان لنا بحث فی نهایة الآیة 128 من هذه السورة.

نعم، فلمعرفة الله لا ینبغی اتّباع الخرافات الواردة عن أقوام الجاهلیة التی یخجل الإنسان من ذکرها، بل یجب اتّباع العباد المخلصین الذین یتحدّثون بأحادیث تجعل روح الإنسان محلّقة فی عنان السماء، وتذیبها فی أنوار الوحدانیة، وتطهّر القلب من کلّ شائبة شرک، وتمحو کلّ تجسیم وتشبیه لله من ذهن الإنسان.

ینبغی لنا مراجعة کلمات الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) وخطب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام)، وأدعیة الإمام زین العابدین (علیه السلام) فی صحیفته، کی نستنیر بضیاء وصفهم له جلّ وعلا.

فأمیر المؤمنین (علیه السلام)، یقول فی إحدى کلماته: «لم یطلع العقول على تحدید صفته، ولم یحجبها عن واجب معرفته، فهو الذی تشهد له أعلام الوجود، على إقرار قلب ذی الجحود، تعالى الله عمّا یقوله المشبهون والجاحدون له علوّاً کبیراً» (7) .

وفی مکان آخر یصف الله عزّوجلّ بالقول: «لا تناله الأوهام فتقدّره، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره، ولا تدرکه الحواس فتحسّه، ولا تلمسه الأیدی فتمسّه، ولا یتغیّر بحال، ولا یتبدّل فی الأحوال، ولا تبلیه اللیالی والأیّام، ولا یغیّره الضیاء والظلام، ولا یوصف بشیء من الأجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغیریة والأبعاض، ولا یقال له حدّ ولا نهایة، ولا إنقطاع  ولا غایة» (8) .

وفی مکان ثالث یقول: «ومن قال فیم؟ فقد ضمنه، ومن قال علام؟ فقد أخلى منه، کائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع کلّ شیء لا بمقارنة، وغیر کلّ شیء لا بمزایلة» (9) .

أمّا الإمام علی بن الحسین زین العابدین (علیه السلام)، فقد قال فی صحیفته السجّادیة: «الحمد لله الأوّل بلا أوّل کان قبله، والآخر بلا آخر یکون بعده، الذی قصرت عن رؤیته أبصار الناظرین وعجزت عن نعته أوهام الواصفین» (10) .

نعم، فلمعرفة الله جیّداً علینا مراجعة نهج هؤلاء (عباد الله المخلصین) ودراسة علوم معرفة الله فی مدارسهم.


1. قال الباقر (علیه السلام): کلما میزتموه بأوهامکم فى أدق معانیه مخلوق مصنوع مثلکم مردود الیکم و لعل النمل الصغار تتوهم انّ اللّه تعالى زبانیتین فان ذلک کمالها... (بحارالانوار، ج 69، ص 293).
2. «استفتهم» من «استفتا» مأخوذ من «فتوى» بمعنى الاجابة للمسائل المستصعبة.
3. الزخرف، 19 ـ 21.
4. الزخرف، 21.
5. الضمیر (هم) یعود فی الحالة الاُولى على المشرکین، وفی الحالة الثانیة على (الجنّ).
6. وفقاً لهذا التّفسیر، فإنّ عبارة ( إلاّ عباد الله ) إستثناء منقطع من ضمیر (یصفون)، والبعض قال: إنّه إستثناء منقطع من ضمیر (محضرون) کما ذکروا آراء مختلفة اُخرى، ولکن الرأی الأوّل أنسب. وعلى کلّ حال فهو إستثناء منقطع.
7. نهج البلاغة، الخطبة 49.
8. الخطبة 186.
9. الخطبة 1.
10. الدعاء الأوّل فی الصحیفة السجّادیة.
سورة الصافات / الآیة 149 ـ 160 سورة الصافات / الآیة 161 ـ 170
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma