1ـ «فرات»: على ما ذکر فی لسان العرب هو الماء العذب جدّاً.
«سائغ»: الماء الذی یُستمرأ بسهولة لعذوبته، على عکس الماء المالح ـ أو الاُجاج ـ وهو الماء المرّ الذی یمجّه الإنسان.
2ـ بعض المفسّرین قالوا بأنّ هذه الآیة مثال للفرق بین المؤمن والکافر، ولکن الآیات السابقة واللاحقة لها، والتی تتحدّث عن الخلقة، وحتى نفس هذه الآیة، شاهدة على حقیقة أنّ هذه الجملة أیضاً تبحث فی أسرار التوحید، وتشیر إلى تنوّع المیاه وآثارها المتفاوتة وفوائدها المشترکة.
3ـ ذکرت الآیة ثلاث فوائد من فوائد البحار الکثیرة وهی: المواد الغذائیة، ووسائل الزینة، ومسألة الحمل والنقل.
ونعلم بأنّ البحر یشکّل منبعاً مهمّاً من المنابع الغذائیة للبشر، وکلّ عام یُستخرج منه ملایین الأطنان من اللحوم الطازجة، بدون أن یتحمّل الإنسان فی سبیل ذلک تعباً أو مشقّة، فإنّ نظام التوازن فی الطبیعة یشتمل على برنامج دقیق محسوب بحیث یستطیع الناس الإفادة من تلک المائدة الإلهیّة بدون إعتراض وبأقل زحمة ومشقّة.
کذلک یستخرج من البحار أیضاً وسائل الزینة المختلفة من أمثال (اللؤلؤ ـ والمرجان ـ والصدف ـ والدرّ)، وترکیز القرآن على ذکر هذه المسألة لأنّ روح الإنسان تختلف عن الحیوان باحتوائها على أبعاد مختلفة منها «الحسّ الجمالی» الذی هو منبع ظهور جمیع المسائل الذوقیة والفنیّة والأدبیة التی یؤدّی إشباعها بصورة صحیحة بعیداً عن الإفراط والتفریط والإسراف والتبذیر إلى إشاعة السرور فی النفس، وإعطاء الإنسان النشاط والهدوء، وتساعد الإنسان على إنجاز أعمال الحیاة الشاقّة.
وأمّا مسألة الحمل والنقل والتی تعدّ واحدة من أهم اُسس التمدّن الإنسانی والحیاة الإجتماعیة، فمع ملاحظة أنّ البحار تشکّل القسم الأعظم من الکرة الأرضیة وأنّها مرتبطة مع بعضها، فإنّها تستطیع أن تقدّم للإنسان أهمّ الخدمات بهذا الخصوص. إذ إنّ البضائع التی یتمّ حملها ونقلها عبر البحار، وکذا أعداد المسافرین الذین یتمّ نقلهم من مکان إلى آخر، على درجة من الکثرة بحیث لا یمکن مقایستها مع أیّة من وسائل النقل الاُخرى، وعلى سبیل المثال فإنّ سفینة واحدة تستطیع حمل عشرات الآلاف من السیارات على ظهره (1) .
4ـ بدیهی أنّ فوائد البحار لا یمکن حصرها بالاُمور التی ذکرت أعلاه، والقرآن الکریم لا یرید بذلک أن یحدّدها ضمن تلک الأقسام الثلاثة المذکورة، فهناک مسألة تکوّن الغیوم، الأدویة، النفط، الألبسة، الأسمدة للأراضی البور، التأثیر فی إیجاد الریاح... إلى غیر ذلک من برکات البحار الاُخرى.
5ـ تأکید القرآن الکریم على مفهوم «لحماً طریّاً» إشارة عمیقة المحتوى لفوائد التغذیة بهذه اللحوم فی مقابل أضرار اللحوم القدیمة والمعلّبة وأمثال ذلک.
6ـ هنا یثار سؤال وهو أنّ البحار المالحة تملأ الکرة الأرضیة فی إنتشارها، فأین تقع بحور الماء العذب؟
وللإجابة یجب القول أنّ بحر وبحیرات الماء العذب أیضاً لیست قلیلة فی الکرة الأرضیة مثل بحیرات الماء العذب فی الولایات المتحدة وغیرها، إضافةً إلى أنّ الأنهر الکبیرة تسمّى بحاراً أیضاً فی بعض الأحیان، فقد ورد استعمال کلمة «البحر» لـ (نهر النیل) فی قصّة موسى، کما فی سورة البقرة ـ الآیة 50 والشعراء ـ 63 والأعراف ـ 138.
کذلک فإنّه یمکن اعتبار مصبّات الأنهار فی البحار والمحیطات عبارة عن بحیرات عذبة، لأنّ میاه الأنهار عند إنصبابها فی المحیط تدفع میاه البحار وتبقى غیر قابلة للإختلاط لمدّة قصیرة.
7ـ جملة (لتبتغوا من فضله ) لها معنى واسع وشامل لکلّ فعّالیة اقتصادیة تعتمد على البحر.
1. لقد صنعت حالیاً سفن حمولتها خمسمائة الف طنّ لنقل النفط، ولا یمکن لأیّة وسیلة اُخرى غیر السفینة أن تنقل هذا المقدار الضخم من النفط، کما أنّه لا یمکن لأی طریق أن یحمل مثل هذه الناقلة، کما أنّ قدرة السفن فی السابق کانت أکثر من قدرة الحیوانات.
