الشرک محبط للاعمال:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 65 ـ 67 1ـ مسألة إحباط الأعمال

آیات بحثنا تواصل التطرّق للمسائل المتعلّقة بالشرک والتوحید والتی کانت قد استعرضت فی الآیات السابقة أیضاً.

الآیة الاُولى تتحدّث بلهجة قاطعة وشدیدة حول أخطار الشرک، وتقول:

(ولقد أوحی إلیک وإلى الّذین من قبلک لئن أشرکت لیحبطنّ عملک ولتکونن من الخاسرین ).

وبهذا الترتیب، فإنّ للشرک نتیجتین خطیرتین، تشملان حتى أنبیاء الله فیما لو أصبحوا مشرکین، على فرض المحال.

النتیجة الاُولى: إحباط الأعمال، والثانیة: الخسران والضیاع.

وإحباط الأعمال یعنی محو آثار ثواب الأعمال السابقة، وذلک بعد کفره وشرکه بالله، لأنّ شرط قبول الأعمال هو الاعتقاد بأصل التوحید، ولا یقبل أىّ عمل بدون هذا الاعتقاد.

فالشرک هو النّار التی تحرق شجرة أعمال الإنسان.

والشرک هو الصاعقة التی تهلک کلّ ما جمعه الإنسان خلال فترة حیاته.

والشرک هو عاصفة هوجاء تدمّر کلّ أعمال الإنسان وتأخذها معها، کما ورد فی الآیة 18 من سورة إبراهیم (مثل الّذین کفروا بربّهم أعمالهم کرماد إشتدّت به الرّیح فی یوم عاصف

لا یقدرون ممّا کسبوا على شیء ذلک هو الضّلال البعید ).

لذا ورد فی حدیث عن رسول الله (صلى الله علیه وآله): «إن الله تعالى یحاسب کلّ خلق إلاّ من أشرک بالله فإنّه لا یحاسب ویؤمر به إلى النّار» (1) .

وأمّا خسارتهم فإنّها بسبب بیعهم أکبر ثروة یمتلکونها، ألا وهی العقل والإدراک والعمر فی سوق التجارة الدنیویة، وشراؤهم الحسرة والألم بثمنها.

السؤال: وهنا یطرح هذا السؤال: هل من الممکن أن یسیر الأنبیاء العظام فی طریق الشرک حتى تخاطبهم الآیة الآنفة بهذه اللهجة؟

الجواب: الجواب على هذا السؤال واضح، وهو أنّ الأنبیاء لم یشرکوا قطّ، مع أنّهم یمتلکون القدرة والإختیار الکاملین فی هذا الأمر، ومعصومیتهم لا تعنی سلب القدرة والاختیار منهم، إلاّ أنّ علمهم الغزیر وإرتباطهم المباشر والمستمر مع الباریء عزّوجلّ یمنعهم حتى من التفکیر ولو للحظة واحدة بالشرک، فهل یمکن أن یتناول السمّ طبیب عالم وحاذق ومطّلع بصورة جیّدة على تأثیر تلک المادة السامّة والخطرة، وهو فی حالة طبیعیة؟!

الهدف هو إطلاع الجمیع على خطر الشرک، فعندما یخاطب الباریء عزّوجلّ الأنبیاء العظام بهذه اللهجة الشدیدة، فعلى الاُمّة أن تحسب حسابها، هذا الأسلوب من قبیل ما نصّ علیه المثل المعروف (إیّاک أعنی واسمعی یا جارة).

ونفس المعنى ورد فی حدیث عن الإمام علی بن موسى الرض (علیه السلام) أثناء إجابته على سؤال وجّهه إلیه المأمون، إذ قال: یابن رسول الله ألیس من قولک أنّ الأنبیاء معصومون؟ قال (علیه السلام): «بلى» قال: فما معنى قول الله إلى أن قال: فأخبرنی عن قول الله: (عفى الله عنک لم أذنت لهم ). (2)

قال الرض (علیه السلام): «هذا ممّا نزل بإیّاک أعنی واسمعی یا جارة، خاطب الله بذلک نبیّه وأراد به اُمته» وکذلک قوله: (لئن اشرکت لیحبطنّ عملک... ) وقوله تعالى: (ولولا أن ثبتناک لقد کدت ترکن إلیهم شیئاً قلیلا ) (3) قال: صدقت یابن رسول الله (4) .

الآیة التالیة تضیف للتأکید أکثر (بل الله فاعبد وکن من الشّاکرین ) (5) .

تقدیم اسم الجلالة للدلالة على الحصر، وذلک یعنی أنّ ذات الله المنزّهة یجب أن تکون معبودک الوحید، ثمّ تأمر الآیة بالشکر، لأنّ الشکر على النعم التی أُغدقت على الإنسان هی سلّم یؤدّی إلى معرفة الله، ونفی کلّ أشکال الشرک، فالشکر على النعم من الأمور الفطریة عند الإنسان، وقبل الشکر یجب معرفة المنعم، ومن هنا فإنّ خط الشکر یؤدّی إلى خط التوحید، وینکشف بطلان عبادة الاصنام التی لا تهب للانسان أیّة نعمة .

الآیة الأخیرة فی بحثنا هذا تکشف عن الجذر الرئیسی لانحرافهم، وتقول: (وما قدروا الله حقّ قدره ). ولهذا تنزّلوا باسمه المقدّس حتى جعلوه ردیفاً للأوثان!!

نعم، فمصدر الشرک هو عدم معرفة الباریء عزّوجلّ بصورة صحیحة، فالذی یعلم:

أوّلا: أنّ الله مطلق وغیر محدود من جمیع النواحی.

وثانیاً: أنّه خالق کلّ الموجودات التی تحتاج إلیه فی کلّ لحظة من لحظات وجودها.

وثالثاً: أنّه یدیر الکون ویحلّ کلّ عقد المشاکل، وأنّ الأرزاق بیده، وحتى الشفاعة إنّما تتمّ بإذنه وأمره، فما معنى توجّه من یعلم بکلّ هذه الحقائق إلى غیر الله.

وأساساً فإنّ وجود مثل هذه الصفات فی موجودین اثنین أمر محال، لأنّه من غیر الممکن عقلا وجود موجودین مطلقین من جمیع الجهات.

ثمّ یأتی القرآن بعبارتین کنائیتین بعد العبارة السابقة، وذلک لبیان عظمة وقدرة الباریء عزّوجلّ، إذ یقول کلام الله المجید: (والأرض جمیعاً قبضته یوم القیامة والسّماوات مطویّات بیمینه ).

«القبضة»: الشیء الذی یقبض علیه بجمیع الکف، تستخدم ـ عادة ـ للتعبیر عن القدرة المطلقة والتسلّط التام، مثلما نقول فی کلماتنا الیومیة الدارجة: إنّ المدینة الفلانیة هی بیدی، أو الملک الفلانی هو بیدی وفی قبضتی.

«مطویات»: من مادة (طی) وتعنی الثنی، والتی تستعمل أحیاناً کنایة عن الوفاة وانقضاء العمر، أو عن عبور شیء ما.

والعبارة المذکورة أعلاه استخدمت بصورة واضحة بشأن السماوات فی الآیة 104 من سورة الأنبیاء (یوم نطوی السّماء کطىّ السّجلّ للکتب ).

فالذی یثنی طوماراً ویحمله بیده الیمنى یسیطر بصورة کاملة على الطومار الذی یحمله بتلک الید، وانتخبت الید الیمنى هنا لأنّ أکثر الأشخاص یؤدّون أعمالهم المهمّة بالید الیمنى ویحسّون بأنّها ذات قوّة وقدرة أکثر.

خلاصة الکلام، أنّ کلّ هذه التشبیهات والتعابیر هی کنایة عن سلطة الله المطلقة على عالم الوجود فی العالم الآخر، حتى یعلم الجمیع أنّ مفتاح النجاة وحلّ المشاکل یوم القیامة هو بید القدرة الإلهیّة، کی لا یعمدوا إلى عبادة الأصنام وغیرها من الآلهة بذریعة أنّها ستشفع لهم فی ذلک الیوم.

السؤال: ولکن هل أنّ السماء والأرض لیستا فی قبضته فی الحیاة الدنیا؟ فلم یخصّ الحدیث عنها فی الآخرة؟

الجواب: إنّ قدرة الباریء عزّوجلّ تظهر وتتجلّى فی ذلک الیوم أکثر من أیّ وقت مضى، وتصل إلى مرحلة التجلّی النهائی، وکل إنسان یدرک ویشعر أنّ کلّ شیء هو من عند الله وتحت تصرفه، إضافة إلى أنّ البعض اتّجه إلى غیر الله بذریعة أنّ اُولئک سینقذونه یوم القیامة، کما فعل المسیحیون، إذ أنّهم یعبدون عیسى (علیه السلام) متصوّرین أنّه سینقذهم یوم القیامة، وطبقاً لهذا فمن المناسب التحدّث عن قدرة الباریء عزّوجلّ فی یوم القیامة.

ویتّضح بصورة جیّدة ممّا تقدّم أنّ طابع الکنایة یطغى على هذه العبارات، وبسبب قصور الألفاظ المتداولة فإنّنا نجد أنفسنا مضطرین إلى صبّ تلک المعانی العمیقة فی قوالب هذه الألفاظ البسیطة، ولا یرد إمکانیة تجسیم الباریء عزّوجلّ من خلالها، إلاّ إذا کان الشخص الذی یتصوّر ذلک ذا تفکیر ساذج وعقل بسیط جدّاً، وحیث نفتقد ألفاظاً تبیّن مقام عظمة الباریء عزّوجلّ بصورة واضحة، إذن فیجب الاستفادة بأقصى مایمکن من الکنایات التی لها مفاهیم کثیرة ومتعددة.

على أیّة حال، فبعد التوضیحات التی ذکرت آنفاً، یعطی الباریء عزّوجلّ فی آخر الآیة نتیجة مرکّزة وظاهریة، إذ یقول: (سبحانه وتعالى عمّا یشرکون ).

فلو لم یکن بنو آدم قد أصدروا أحکامهم على ذات الله المقدّسة المنزّهة وفق مقاییس تفکیرهم الصغیرة والمحدودة، لما انجر أحد منهم إلى حبائل الشرک وعبادة الأصنام.


1. تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 497.
2. التوبة، 43.
3. الإسراء، 74.
4. تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 497.
5. «الفاء» فی «فاعبد» زائدة للتأکید على ما قیل، وقال البعض: إنّها (فاء) الجزاء وقد حذف شرطه والتقدیر (إن کنت عابداً فاعبد الله)، ثمّ حذف الشرط، وقدّم المفعول مکانه .
سورة الزّمر / الآیة 65 ـ 67 1ـ مسألة إحباط الأعمال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma