الذین یخافون من اسم الله!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 45 ـ 48 سورة الزّمر / الآیة 49 ـ 52

مرّة اُخرى یدور الحدیث عن التوحید والشرک، إذ عکست الآیة الاُولى إحدى الصور القبیحة والمشوّهة للمشرکین ولمنکری المعاد من خلال تعاملهم مع التوحید، قال تعالى: (وإذا ذکر الله وحده اشمأزّت قلوب الّذین لا یؤمنون بالآخرة وإذا ذکر الّذین من دونه إذا هم یستبشرون ) (1) .

فأحیاناً یستحسن الإنسان القبائح ویستقبح الحسنات بحیث ینزعج إذا سمع اسم الحق ویستبشر إذا سمع اسم الباطل، لا یسجد ولا یرکع أمام عظمة الله جلّوعلا خالق الکون، إلاّ أنّه یسجد ویرکع تعظیماً لأصنام صنعها من الحجارة والخشب أو لإنسان أو کائنات مثله.

ونظیر هذا المعنى ورد فی الآیة 46 من سورة الإسراء، قال تعالى: (وإذا ذکرت ربّک فی القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً ).

وفی سورة نوح الآیة 7 نرى أن نبیّ الله نوح (علیه السلام) قد شکى إلى اللّه تعالى ممن یفکّر بمثل هذا التفکیر المنحرف (وإنّی کلّما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فی آذانهم واستغشوا ثیابهم وأصرّوا واستکبروا استکباراً ).

نعم، هذا هو حال المتعصّبین اللجوجین والجهلة المغرورین.

من هذه الآیة یتّضح بصورة جیّدة أنّ مصدر شقاء هذه المجموعة أمران: الأوّل: إنکارهم لأساس التوحید، والثّانی: عدم إیمانهم بالآخرة.

وفی المقابل نرى المؤمنین لدى سماعهم اسم الله ینجذبون إلیه بدرجة أنّهم على استعداد لبذل کلّ ما لدیهم فی سبیله، فاسم حبیبهم یحلّی أفواههم ویعطّر أنفاسهم ویضیء قلوبهم، کما أنّ سماع أىّ شیء یرتبط ویتعلّق بالله یبعث السرور والبهجة فی قلوبهم.

نعود إلى المشرکین مرّة اُخرى لنقول: إنّ الصفة القبیحة التی ذکرناها فی بدایة البحث بشأن المشرکین، لا تخصّ مشرکی عصر الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) وإنّما فی کل عصر وزمان هناک منحرفون ذوو قلوب مظلمة یفرحون ویستبشرون فور سماعهم أسماء أعداء الله وأصحاب المذاهب الإلحادیة، وسماعهم نبأ إنتصار الظلم والطغیان، أمّا سماع أسماء الطیبین والطاهرین ومناهجهم وإنتصاراتهم فإنّه یسبّب لهم آلاماً مبرحة. بعض الرّوایات فسّرت الآیة على أنّها تعنی اُولئک الذین ینزعجون من سماع فضائل أهل بیت النبوّة الأطهار (علیهم السلام) أو من یتبع نهجهم (2) .

وعندما یصل الأمر إلى درجة أنّ مجموعة من اللجوجین والجهلة المغرورین ینفرون ویشمئزون حتى من سماع اسم الله، یوحی الباریء عزّوجلّ إلى نبیّه الکریم (صلى الله علیه وآله) أن یترکهم ویتوجّه إلى الباریء عزوجل ویشتکی إلیه من هؤلاء بلحن ملیء بالعواطف الرفیعة والعشق الإلهی لکی یبعث على تسکین قلبه الملیء بالغم من جهة، وعلى تحریک العواطف الهامدة عند اُولئک من جهة اُخرى: (قل الّلهمّ فاطر السّماوات والأرض عالم الغیب والشّهادة أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون ) (3) .

نعم أنت الحاکم المطلق فی یوم القیامة الذی تنتهی فیه الاختلافات وتظهر فیه کلّ الحقائق المخفیة، لأنّک خالق کلّ شیء فی الوجود وعالم بکل الأسرار فتنتهی الاختلافات بحکمک العادل، وهناک یدرک المعاندون مدى خطئهم، ویفکّرون فی إصلاح ما مضى، ولکن ما الفائدة؟

الآیة التالیة تقول: (ولو أنّ للّذین ظلموا ما فی الأرض جمیعاً ومثله معه  لا فتدوا به من سوء العذاب یوم القیامة ) ولکن هذا الامر غیر ممکن.

«الظلم» هنا له معان واسعة تشمل الشرک أیضاً وبقیة المظالم.

ثم تضیف الآیة (وبدا لهم من الله ما لم یکونوا یحتسبون ).

وسیرون العذاب بأعینهم، العذاب الذی لم یکن یتوقعه أحد منهم، لأنّهم کانوا مغرورین بلطف الله، وکانوا فی غفلة عن غضبه وقهره، وأحیاناً کانوا یقومون بأعمال یتصورونها حسنة، فی حین أنّها کانت من الذنوب الکبیرة.

على أیّة حال، تظهر لهم فی ذلک الیوم اُمور لم یکن یتصور أحد ظهورها.

ذلک الوعید یأتی فی مقابل الوعود الطیّبة التی قطعت للمؤمنین، قال تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفی لهم من قرّة أعین ). (4)

وقد نقل أنّ أحد المسلمین جزع عند الموت، فقیل له: أتجزع، فقال: أخذتنی هذه الآیة (وبدا لهم من الله ما لم یکونوا یحتسبون ) (5) .

الآیة التالیة توضیح أو تتمة لموضوع طرحته الآیة السابقة، إذ تقول: (وبدا لهم سیّئات ما کسبوا وحاق بهم ما کانوا به یستهزئون ).

فی الحقیقة هناک أربعة مواضیع تتعلّق بالمشرکین والظالمین طرحت فی هذه الآیات:

أوّلا: إنّ هول ورهبة العذاب الإلهی فی ذلک الیوم ستکون من الشدّة بحیث تجعلهم یتمنون لو أنّ لدیهم فی تلک الساعة ضعف الثروات والأموال التی کانوا یمتلکونها فی عالم الدنیا لیفتدوا بها من سوء العذاب، ولکن من المستحیل أن یحدث مثل هذا الأمر فی یوم القیامة.

ثانیاً: تظهر أمامهم أنواع من العذاب الإلهی الذی لم یکن أحد یتوقعه ولا یتصوّره.

ثالثاً: حضور أعمالهم السیئة أمامهم وتجسیدها لهم.

رابعاً: مشاهدتهم حقیقة المعاد الذی لم یأخذوه مأخذ الجد، ومن ثمّ انغلاق کلّ أبواب النجاة أمامهم.

الآیة التی تقول: (بدا لهم سیّئات ما کسبوا ) والتی وردت آنفاً، هی دلیل آخر على مسألة تجسید الأعمال.


1. «اشمأزت» من مادة «اشمئزاز» وتعنی الإنقباض والنفور عن الشیء، (وحده) منصوب على أنّه حال أو مفعول مطلق.
2. أصول الکافی، وروضة الکافی، نقلا عن تفسیر نور الثقلین، ج 4، ص 490.
3. (فاطر السّماوات ) منصوب بعنوان منادى مضاف.
4. السجدة، 17.
5. تفسیر مجمع البیان وتفسیر القرطبی، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الزّمر / الآیة 45 ـ 48 سورة الزّمر / الآیة 49 ـ 52
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma