ما حاجة الله إلى الأولاد؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 4 ـ 5 سورة الزّمر / الآیة 6 ـ 7

المشرکون إضافة إلى أنّهم یعتبرون الأصنام وسیطاً وشفیعاً لهم عند الله ـ کما استعرضت ذلک الآیات السابقة ـ فقد اعتقدوا ـ أیضاً ـ أنّ بعض المخلوقات ـ کالملائکة ـ هی بنات الله، والآیة الأولى فی بحثنا تجیب على هذا الإعتقاد الخاطىء والتصور القبیح بالقول: (لو أراد الله أن یتّخذ ولداً لاصطفى ممّا یخلق ما یشاء سبحانه هو الله الواحد القهّار ).

ذکر المفسرون آراء مختلفة فی تفسیر هذه الآیة:

قال البعض: یقصد منها لو أنّ الله کان راغباً فی انتخاب ولد له، فلِمَ ینتخب البنات اللاتی تزعمون أنّهنّ لا قیمة لهنّ؟ ولِمَ لا ینتخب له أبناء؟ وهذا ـ فی الحقیقة ـ نوع من أنواع الاستدلال وفق ذهنیة الطرف المقابل کی یفهم أنّ کلامه  لا أساس له من الصحة.

وقال آخر: إنّما یقصد منها لو أنّ الله کان راغباً فی انتخاب ولد له، لکان قد خلق موجودات اُخرى أفضل وأرقى من الملائکة.

وبالنظر إلى کون مکانة الأنثى لا تقلّ عن مکانة الذکر عند البارىء عزّوجلّ، وبالنظر إلى کون الملائکة أو عیسى علیه السلام ـ والذین اعتبرهم بعض المنحرفین أبناء الله ـ من الموجودات الشریفة والمحترمة، فإنّه لا یعدّ أیّ من التّفسیرین السابقین مناسباً.

والأفضل هو القول بأنّ الآیة ترید القول: إنّ الابن مطلوب إمّا لتقدیم العون أو لمؤانسة

الروح، وبفرض المحال فإنّ الله عزّوجلّ لو کان محتاجاً لمثل هذا الأمر، لاصطفى لهذا بعضاً ممّن یشاء من أشرف خلقه، فلم یتخذ ولداً؟

ولکن لکونه الواحد الذی لا نظیر له والقاهر والغالب لکل شیء والأزلی والأبدی، فإنّه لا یحتاج إلى مساعدة أیّ أحد، ولا یستوحش من وحدانیته حتى یزیلها عن طریق الاُنس مع الآخرین، لهذا فهو منزّه ومقدّس عن الولد، حقیقیاً کان أو منتخباً.

وإضافة إلى ما ذکرناه من قبل ـ فإنّ اُولئک الجهلة الذین یتصورون أحیاناً أنّ الملائکة هم أبناء الله، وأحیاناً اُخرى یقولون بوجود نسبة بین البارىء عزّوجلّ والجن، وأحیاناً یقولون بأنّ (المسیح) أو (العزیر) هم أبناء الله، یجهلون الکثیر من الحقائق الواضحة ـ فإن کان قصدهم هو الولد الحقیقی:

فأولاً: یجب أن یکون الباری تعالى جسماً.

وثانیاً: الترکیب یتکون من أجزاء (لأنّ الولد جزء من الأب ینفصل عن وجود أبیه).

وثالثاً: حتمیة وجود شبیه ونظیر له (لأنّ الأولاد على الدوام یشبهون الآباء).

ورابعاً: احتیاجه لزوجة، والله منزّه ومقدّس عن کلّ تلک الاُمور.

وإن کان المقصود هو الولد المنتخب أی (المتبنّى) فإنّ ذلک إنّما یتمّ لأجل احتیاجه لمساعدة جسدیة أو لمؤانسة روحیة، والله القادر القاهر لا یحتاج إلى کلّ هذه الأمور، وبهذا فإنّ وصفه بـ (الواحد) و(القهار) هو جواب مختصر على کلّ تلک الإحتمالات.

على أیّة حال، فإنّ عبارة (لو) التی تستخدم عادة للشرط المستحیل إشارة إلى أنّ هذا الفرض محال وهو أن ینتخب البارىء عزّوجلّ ولداً له، وعلى فرض أنّه یحتاج، فإنّه غیر محتاج لما یقولونه من اتخاد الولد، بل إنّ مخلوقاته المنتخبة هی التی تؤمّن هذا الأمر.

ولإثبات حقیقة أنّ الله لا یحتاج إلى مخلوقاته، ولبیان دلائل توحیده وعظمته، یقول البارىء عزّوجلّ: (خلق السّماوات والأرض بالحقّ ).

کون تلک الاُمور حقّاً دلیل على وجود هدف کبیر من وراء خلقها، وذلک لتکامل المخلوقات وفی مقدّمتها الإنسان، ثمّ لا تنتهی عند البعث.

بعد عرض هذا الخلق الکبیر، تشیر الآیة إلى جوانب من تدبیره العجیب، والتغیّرات التی تطرأ بحسابات دقیقة، والأَنظمة الدقیقة أیضاً التی تحکم اُولئک، إذ یقول القرآن المجید: (یکوّر اللیل على النّهار ویکوّر النّهار على اللیل ).

ما أجملها من عبارة! فلو وقف الإنسان فی منطقة تقع خارج نطاق الکرة الأرضیة، ونظر إلى مشهد حرکة الأرض حول نفسها وتکون اللیل والنهار اللذین یطوّقان سطحها المکوّر، لشاهد ـ بصورة منتظمة ـ أنّ سواد اللیل یستولی على طرف النهار من جهة ومن الجهة المقابلة یرى بأنّ ضوء النهار یستولی فی حرکة مستمرة على ظلام اللیل.

«یکوّر» من (تکویر) وتعنی الشیء المتکوّر أو المنحنی، ویعتبر أصحاب اللغة تکویر العمامة على الرأس نموذجاً للتکویر، وهذا التعبیر القرآنی الجمیل یکشف عن بعض الأسرار، لکن الکثیر من المفسّرین نتیجة عدم التفاتهم إلى کرویة الأرض ذکروا مواضیع اُخرى لا تناسب مفهوم کلمة (التکویر)، فمن هذه الآیة یتجلّى لنا أنّ الأرض کرویة وتدور حول نفسها، ومن جرّاء هذا الدوران، یطوق الأرض دائماً شریطان، أحدهما سواد اللیل، والثّانی بیاض النهار، ولا یبقى هذان الشریطان ثابتین، وإنّما یغطی الشریط الأسود الأبیض من جهة والشریط الأبیض یغطی الأسود من جهة اُخرى، أثناء حرکة الأرض حول نفسها.

وعلى أیّة حال، فإنّ القرآن المجید یبیّن ظاهرة اللیل والنهار و(النور)(الظلمات) فی عدّة آیات مختلفة، کلّ واحدة منها تشیر إلى نقطة معیّنة، وتنظر إلى هذه الظاهرة من زاویة خاصّة، فأحیاناً یقول: (یولج اللیل فی النّهار ویولج النّهار فی اللیل ) (1) .

الحدیث ـ هنا ـ یتطرّق لتوغّل اللیل فی النهار وتوغل النهار فی اللیل التی تتمّ بصورة بطیئة وهادئة.

و أحیاناً اُخرى یقول: (یغشى اللیل النّهار ) (2) ، وهنا تمّ تشبیه اللیل بستائر مظلمة تنزل على ضیاء النهار وتحجبه.

ثمّ تنتقل إلى جانب آخر، ألا وهو التدبیر والنظام الدقیق المسیّر لشؤون هذا العالم، قال تعالى: (و سخّر الشّمس والقمر کلّ یجری لأجل مسمّى ).

فلا یظهر فی حرکة الشمس التی تدور حول نفسها، أو التی تتحرک مع بقیة کواکب المجموعة الشمسیة نحو نقطة خاصّة فی مجرة درب التبانة، أدنى خلل، فهی تتحرک وفق نظام خاص ودقیق جدّاً، ولا یظهر أىّ خلل فی حرکة القمر أثناء دورانه حول الأرض أو حول نفسه، فالکلّ یخضع لقوانین (الخالق) ویتحرک وفقها، وسیستمر فی التحرک وفق هذه القوانین حتى آخر یوم من أجله.

ویوجد احتمال آخر، وهو أنّ المراد من تسخیر الشمس والقمر هو تسخیرها للإنسان بإذن الله، کما ورد فی الآیة 33 من سورة إبراهیم: (وسخّر لکم الشمس والقمر دائبین ). ولکن بالإلتفات إلى الجملة السابقة واللاحقة فی هذه الآیة مورد البحث، إضافة إلى عدم ورود کلمة (لکم) فی الآیة، یجعل التّفسیر المذکور أعلاه مستبعداً بعض الشیء.

نهایة الآیة کانت بمثابة تهدید وترغیب للمشرکین إذ تقول: (ألا هو العزیز الغفّار )فبحکم عزّته وقدرته المطلقة لا یمکن لأىّ مذنب ومشرک أن یهرب من قبضة عذابه، وبمقتضى کونه الغفّار، فإنّه یستر عیوب وذنوب التائبین، ویظللهم بظلّ رحمته.

«غفار» صیغة مبالغة مشتقّة من المصدر (غفران) وتعنی فی الأصل لبس الإِنسان لشیء یقیه من التلوّث، وعندما تستخدم بشأن البارىء عزّوجلّ فإنّها تعنی ستره لعیوب وذنوب عباده النادمین وحفظهم من عذابه وجزائه، نعم فهو (غفار) فی اوج عزّته وقدرته، وهو (قهار) فی أوج رحمته وغفرانه، والهدف من ذکر هاتین الصفتین فی آخر الآیة، هو إیجاد حالة من «الخوف» و«الرجاء» عند العباد، وهما عاملان رئیسیان وراء کلّ تحرک نحو الکمال.


1. فاطر، 13.
2. الأعراف، 54.
سورة الزّمر / الآیة 4 ـ 5 سورة الزّمر / الآیة 6 ـ 7
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma