المجاهدون الذین حملوا أرواحهم على الأکف!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 20 ـ 30 1ـ قصّة رسل أنطاکیة

تشیر هذه الآیات إلى جانب آخر من جهاد الرسل الذی وردت الإشارة إلیه فی هذه القصّة. والإشارة تتعلّق بالدفاع المدروس للمؤمنین القلائل وبشجاعتهم فی قبال الأکثریة الکافرة المشرکة... وکیف وقفوا حتى الرمق الأخیر متصدّین للدفاع عن الرسل.

تشرع هذه الآیات بالقول: (وجاء من أقصى المدینة رجل یسعى قال یاقوم اتّبعوا المرسلین ).

هذا الرجل الذی یذکر أغلب المفسّرین أنّ اسمه «حبیب النجّار» هو من الأشخاص الذین قُیّض لهم الإستماع إلى هؤلاء الرسل والإیمان وأدرکوا بحقّانیة دعوتهم ودقّة تعلیماتهم، وکان مؤمناً ثابت القدم فی إیمانه، وحینما بلغه بأنّ مرکز المدینة مضطرب ویحتمل أن یقوم

الناس بقتل هؤلاء الأنبیاء، أسرع ـ کما یستشفّ من کلمة یسعى ـ وأوصل نفسه إلى مرکز المدینة ودافع عن الحقّ بما إستطاع. بل إنّه لم یدّخر وسعاً فی ذلک.

التعبیر بـ «رجل» بصورة النکرة یحتمل انّه إشارة إلى أنّه کان فرداً عادیاً، لیس له قدرة أو إمکانیة متمیّزة فی المجتمع، وسلک طریقه فرداً وحیداً. وکیف أنّه فی نفس الوقت دخل المعرکة بین الکفر والإیمان مدافعاً عن الحقّ، لکی یأخذ المؤمنین فی عصر الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) درساً بأنّهم وإن کانوا قلّة فی عصر صدر الإسلام، إلاّ أنّ المسؤولیة تبقى على عواتقهم، وأنّ السکوت غیر جائز حتى للفرد الواحد.

التعبیر بـ «أقصى المدینة» یدلّل على أنّ دعوة هؤلاء الأنبیاء وصلت إلى النقاط البعیدة من المدینة، وأثّرت على القلوب المهیّأة للإیمان، ناهیک عن أنّ أطراف المدن عادةً تکون مراکز للمستضعفین المستعدین أکثر من غیرهم لقبول الحقّ والتصدیق به، على عکس ساکنی مراکز المدن الذین یعیشون حیاة مرفّهة تجعل من الصعب قبولهم لدعوة الحقّ.

التعبیر بـ «یاقوم» یوضّح حرقة هذا الرجل وتألمّه على أهل مدینته، ودعوته إیّاهم إلى اتّباع الرسل، تلک الدعوة التی لم تکن لتحقّق له أىّ نفع شخصی.

والآن لننظر إلى هذا الرجل المجاهد، بأىّ منطق وبأىّ دلیل خاطب أهل مدینته؟

فقد أشار أوّلا إلى هذه القضیّة (اتّبعوا من لا یسألکم أجراً ). فتلک القضیّة بحدّ ذاتها الدلیل الأوّل على صدق هؤلاء الرسل، فهم لا یکسبون من دعوتهم تلک أیّة منفعة مادیّة شخصیة، ولا یریدون منکم مالا ولا جاهاً ولا مقاماً، وحتى أنّهم لا یریدون منکم أن تشکروهم. والخلاصة: لا یریدون منکم أجراً ولا أی شیء آخر.

وهذا ما أکّدت علیه الآیات القرآنیة مراراً فیما یخصّ الأنبیاء العظام، کدلیل على إخلاصهم وصفاء قلوبهم، وفی سورة الشعراء وحدها تکرّرت هذه الجملة خمس مرّات (وما أسألکم علیه من أجر ) (1) .

ثمّ یضیف: إنّ هؤلاء الرسل کما یظهر من محتوى دعوتهم وکلامهم انّهم أشخاص مهتدون: (وهم مهتدون ) إشارة إلى أنّ عدم الإستجابة لدعوة ما إنّما یکون لأحد سببین: إمّا لأنّ تلک الدعوة باطلة وتؤدّی إلى الضلال والضیاع، أو لأنّها حقّ ولکن الدعاة لها یکتسبون من تلک الدعوة منافع شخصیة لهم ممّا یؤدّی إلى تشویه النظرة إلى تلک الدعوة، ولکن حینما لا یکون هذا ولا ذاک فما معنى التردّد والتباطىء عن الإستجابة.

ثمّ ینتقل إلى ذکر دلیل آخر على التوحید الذی یعتبر عماد دعوة هؤلاء الرسل، فیقول: (وما لی لا أعبد الذی فطرنی ).

فإنّ من هو أهل لأن یُعبد هو الخالق والمالک والوهّاب، ولیس الأصنام التی لا تُضرّ ولا تنفع، الفطرة السلیمة تقول: یجب أن تعبدوا الخالق لا تلک المخلوقات التافهة.

والتأکید على «فطرنی» لعلّه إشارة إلى هذا المعنى أیضاً وهو: إنّنی حینما أرجع إلى الفطرة الأصیلة فی نفسی اُلاحظ بوضوح أنّ هناک صوتاً یدعونی إلى عبادة خالقی، دعوة تنسجم مع العقل، فکیف أغضّ الطرف إذاً عن دعوة تؤیّدها فطرتی وعقلی؟!

والملفت للنظر أنّه لا یقول: وما لکم لا تعبدون الذی فطرکم؟ بل یقول: (وما لی لا أعبد الذی فطرنی ) لکی یکون بشروعه بالحدیث عن نفسه أکثر تأثیراً فی النفوس وبعد ذلک ینبّه إلى أنّ المرجع والمآل إلى الله سبحانه فیقول: (وإلیه ترجعون ).

أی: لا تتصوّروا أنّ الله له الأثر والفاعلیة فی حیاتکم الدنیا فقط، بل إنّ مصیرکم فی العالم الآخر إلیه أیضاً، فتوجّهوا إلى من یملک مصیرکم فی الدارین.

وفی ثالث استدلال له ینتقل إلى الحدیث عن الأصنام وإثبات العبودیة لله بنفی العبودیة للأصنام، فیکمل قائلا: (أأتّخذ من دونه آلهةً إن یُردن الرحمن بضرٍّ لا تغن عنّی شفاعتهم شیئاً ولا ینقذون ).

هنا أیضاً یتحدّث عن نفسه حتى لا یظهر من حدیثه أنّه یقصد الإمرة والإستعلاء علیهم، وفی الحقیقة هو یحدّد الذریعة الأساس لعبدة الأوثان حینما یقولون: نحن نعبد الأصنام لکی تکون شفیعاً لنا أمام الله، فکأنّه یقول: أیّة شفاعة؟ وأی معونة ونجاة تریدون منها؟ فهی بذاتها محتاجة إلى مساعدتکم وحمایتکم، فماذا یمکنها أن تفعل لکم فی الشدائد والملمّات؟

التعبیر بـ «الرحمن» هنا علاوة على أنّه إشارة إلى سعة رحمة الله وأنّه سبب لکلّ النعم والمواهب، وذلک بحدّ ذاته دلیل على توحید العبادة، فإنّه یوضّح أنّ الله الرحمن لا یرید أحداً بضرٍّ، إلاّ إذا أوصلت الإنسان مخالفاته إلى أن یخرج من رحمة الله ویلقی بنفسه فی وادی غضبه.

ثمّ یقول ذلک المؤمن المجاهد للتأکید والتوضیح أکثر: إنّی حین أعبد هذه الأصنام وأجعلها شریکاً لله فإنّی سأکون فی ضلال بعید: (إنّی إذاً لفی ضلال مبین ) فأىّ ضلال أوضح من أن یجعل الإنسان العاقل تلک الموجودات الجامدة جنباً إلى جنب خالق السموات والأرض!!

وعندما انتهى هذا المؤمن المجاهد المبارز من إستعراض تلک الاستدلالات والتبلیغات المؤثّرة أعلن لجمیع الحاضرین (إنّی آمنت بربّکم فاسمعون ).

أمّا من هو المخاطب فی هذه الجملة (فاسمعون ) والجملة السابقة لها (إنّی آمنت بربّکم

ظاهر الآیات السابقة یشیر إلى أنّهم تلک المجموعة من المشرکین وعبدة الأوثان الذین کانوا فی تلک المدینة، والتعبیر بـ «ربّکم» لا ینافی هذا المعنى أیضاً، إذ إنّ هذا التعبیر ورد فی الکثیر من آیات القرآن الکریم التی تتحدّث عن الکفّار حینما تستعرض الاستدلالات التوحیدیة (2) .

وجملة «فاسمعون» لا تنافی ما قلنا، لأنّ هذه الجملة کانت دعوة لهم لاتّباع قوله، بالضبط کما ورد فی قصّة مؤمن آل فرعون حیث قال: (یاقوم اتّبعون أهدکم سبیل الرشاد )غافر ـ 38.

ومن هنا یتّضح أنّ ما ذهب إلیه بعض المفسّرین من أنّ المخاطب فی هذه الجملة هم اُولئک الرسل ـ والتعبیر بـ «ربّکم» وجملة «فاسمعون» قرینة على ذلک ـ لا یقوم علیه دلیل سلیم.

لکن لننظر ماذا کان ردّ فعل هؤلاء القوم إزاء ذلک المؤمن الطاهر؟

القرآن لا یصرّح بشیء حول ذلک، ولکن یستفاد من طریقة الآیات التالیة بأنّهم ثاروا علیه وقتلوه.

نعم فإنّ حدیثه المثیر والباعث على الحماس والملیء بالاستدلالات القوّیة الدامغة، واللفتات الخاصّة والنافذة إلى القلب، لیس لم یکن لها الأثر الإیجابی فی تلک القلوب السوداء الملیئة بالمکر والغرور فحسب، بل إنّها على العکس أثارت فیها الحقد والبغضاء وسعرت فیها نار العداوة، بحیث إنّهم نهضوا إلى ذلک الرجل الشجاع وقتلوه بمنتهى القسوة والغلظة. وقیل انّهم رموه بالحجارة، وهو یقول: اللهمّ اهدِ قومی، حتى قتلوه (3) .

وفی روایة اُخرى أنّهم وطؤوه بأرجلهم حتى مات (4) .

ولقد أوضح القرآن الکریم هذه الحقیقة بعبارة جمیلة مختصرة هی (قیل ادخل الجنّة )وهذا التعبیر ورد فی خصوص شهداء طریق الحقّ فی آیات اُخرى من القرآن الکریم (ولا تحسبنّ الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتاً بل أحیاء عند ربّهم یرزقون ). (5)

والجدیر بالذکر والملاحظة أنّ هذا التعبیر یدلّل على أنّ دخوله الجنّة کان مقترناً باستشهاد هذا الرجل المؤمن، بحیث إنّ الفاصلة بین الإثنین قلیلة إلى درجة أنّ القرآن المجید بتعبیره اللطیف ذکر دخوله الجنّة بدلا عن شهادته، فما أقرب طریق الشهداء إلى السعادة الدائمة!!

وواضح أنّ المقصود من الجنّة هنا، هی (جنّة البرزخ) لأنّه یستفاد من الآیات ومن الرّوایات أنّ الجنّة الخالدة فی یوم القیامة ستکون نصیب المؤمنین، کما أنّ جهنّم ستکون نصیب المجرمین.

وعلیه فإنّ هناک جنّة وجهنّم اُخریین فی عالم البرزخ، وهما نموذج من جنّة وجهنّم یوم القیامة، فقد ورد عن أمیر المؤمنین علی علیه أفضل الصلاة والسلام أنّه قال: «والقبر روضة من ریاض الجنّة، أو حفرة من حفر النار» (6) .

وما احتمله البعض من أنّ هذه الجملة إشارة إلى خطاب یخاطب به هذا المؤمن الشهم فی یوم القیامة، وأنّها تحوی جنبة مستقبلیة، فهو خلاف ظاهر الآیة.

على کلّ حال فإنّ روح ذلک المؤمن الطاهرة، عرجت إلى السماء إلى جوار رحمة الله وفی نعیم الجنان، وهناک لم تکن له سوى اُمنیة واحدة (قال یالیت قومی یعلمون ).

یالیت قومی یعلمون بأىّ شیء (بما غفر لی ربّی وجعلنی من المکرمین ) (7) .

أی: لیت أنّ لهم عین تبصر الحقّ، لهم عین غیر محجوبة بالحجب الدنیویة الکثیفة والثقیلة، فیروا ما حُجب عنهم من النعمة والإکرام والإحترام من قبل الله، ویعلموا أی لطف شملنی به الله فی قبال عدوانهم علیّ...

لو أنّهم یبصرون ویؤمنون، ولکن یاحسرةً!!

فی حدیث عن الرّسول (صلى الله علیه وآله) فیما یخصّ هذا المؤمن «إنّه نصح لهم فی حیاته وبعد موته» (8) .

ومن الجدیر بالملاحظة أنّه تحدّث أوّلا عن نعمة الغفران الإلهی، ثمّ عن الإکرام، إذ یجب أوّلا غسل الروح الإنسانیة بماء المغفرة لتنقیتها من الذنوب، وحینها تأخذ محلّها على بساط القرب والإکرام الإلهی.

والجدیر بالتأمّل أنّ الإکرام والإحترام والتجلیل، وإن کان من نصیب الکثیر من العباد، واُصولا فإنّه ـ أی الإکرام ـ یتعاظم مع «التقوى» جنباً إلى جنب، (إنّ أکرمکم عند الله أتقاکم ). (9) ولکن (الإکرام) بشکل مطلق وبدون أدنى قید أو شرط جاء فی القرآن الکریم خاصاً لمجموعتین:

الاُولى: «الملائکة المقرّبون» (بل عباد مکرمون * لا یسبقونه بالقول وهم بأمره یعملون ). (10)

والثانیة: الأشخاص الذین بلغوا بإیمانهم أکمل الإیمان ویسمّیهم القرآن «المخلَصین» فیقول عنهم: (اُولئک فی جنّات مکرمون ) (11) (12) .

وعلى کلّ حال، فقد کان هذا مآل ذلک الرجل المؤمن المجاهد الصادق الذی أدّى رسالته ولم یقصّر فی حمایة الرسل الإلهیین، وارتشف فی النهایة کأس الشهادة، وقَفل راجعاً إلى جوار رحمة ربّه الکریم.

ولکن لننظر ما هو مصیر هؤلاء القوم الطغاة الظلمة؟.

مع أنّ القرآن الکریم لم یورد شیئاً فی ما انتهى إلیه عمل هؤلاء الثلاثة من الرسل الذین بعثوا إلى هؤلاء القوم، لکن جمعاً من المفسّرین ذکروا أنّ هؤلاء قتلوا الرسل أیضاً إضافةً إلى قتلهم ذلک الرجل المؤمن، وفی حال أنّ البعض الآخر یصرّح بأنّ هذا الرجل الصالح شاغل هؤلاء القوم بحدیثه وبشهادته لکی یتسنّى لهؤلاء الرسل التخلّص ممّا حیک ضدّهم من المؤامرات، والإنتقال إلى مکان أکثر أمناً، ولکن نزول العذاب الإلهی الألیم على هؤلاء القوم قرینة على ترجیح القول الأوّل، وإن کان التعبیر «من بعده» (أی بعد شهادة ذلک المؤمن) یدلّل ـ فی خصوص نزول العذاب الإلهی ـ على أنّ القول الثانی أصحّ «تأمّل بدقّة!!».

رأینا کیف أصرّ أهالی مدینة أنطاکیة على مخالفة الإلهیین، والآن لننظر ماذا کانت نتیجة عملهم؟

القرآن الکریم یقول فی هذا الخصوص: (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما کنّا منزلین ).

فلسنا بحاجة إلى تلک الاُمور، وأساساً فانّه لیس من سنّتنا لإهلاک قوم ظالمین أن نستخدم جنود السماء، لأنّ إشارة واحدة کانت کافیة للقضاء علیهم جمیعاً وإرسالهم إلى دیار العدم والفناء، إشارة واحدة کانت کافیة لتبدیل عوامل حیاتهم ومعیشتهم إلى عوامل موت وفناء، وفی لحظة خاطفة تُقلب حیاتهم عالیها سافلها.

ثمّ یضیف تعالى (إن کانت إلاّ صیحة واحدة فإذا هم خامدون ).

هل أنّ تلک الصیحة کانت صدى صاعقة نزلت من الغیوم على الأرض وهزّت کلّ شیء، ودمّرت کلّ العمران الموجود، وجعلت القوم من شدّة الخوف والوحشة یستسلمون للموت؟

أو أنّها کانت صیحة ناتجة عن زلزلة خرجت من قلب الأرض فضجّت فی الفضاء بحیث إنّ موج إنفجارها أهلک الجمیع.

أیّاً کانت فإنّها لم تکن سوى صیحة لم تتجاوز اللحظة الخاطفة فی وقوعها، صیحة أسکتت جمیع الصیحات، هزّة أوقفت کلّ شیء عن التحرّک، وهکذا هی قدرة الله سبحانه وتعالى، وهکذا هو مصیر قوم ضالّین لا نفع فیهم.

الآیة الأخیرة تتعرّض إلى طریقة جمیع متمردّی التاریخ إزاء الدعوات الإلهیّة لأنبیاء الله بلهجة جمیلة تأسر القلوب فتقول: (یاحسرة على العباد ما یأتیهم من رسول إلاّ کانوا به یستهزئون ).

وا أسفاه علیهم أن أغلقوا نافذة الرحمة الإلهیّة علیهم! وا أسفاه علیهم أن کسّروا مصباح هدایتهم!!، هؤلاء الضالّون المحرومون من السعادة لم یکتفوا بعدم الإستماع بآذان قلوبهم لنداء قادة البشریة العظام فقط، بل إنّهم أصرّوا على السخریة والإستهزاء منهم ثمّ بادروا

إلى قتلهم. مع أنّهم علموا المصیر المشؤوم للطغاة الکفّار من قبلهم، وسمعوا أو قرءوا على صفحات التاریخ کیف کانت خاتمتهم الألیمة، ولکنّهم لم یعتبروا بالمواعظ وسلکوا نفس المسیر، وصاروا إلى نفس المصیر.

ومن الواضح أنّ هذه الجملة هی قول الله تعالى، لأنّ جمیع هذه الآیات توضیح منه تعالى، غیر أنّ من الطبیعی أنّ الحسرة هنا ـ بمعناها المتعارف وهو الغمّ على ما فات ـ لا تنطبق على الله سبحانه وتعالى، کما أنّ (الغضب) وأمثاله أیضاً لا یصدر بمفهومه المتعارف من الله سبحانه، بل المقصود أنّ حال تلک الفئة التعیسة سیء إلى حدّ أنّ کلّ إنسان یطّلع علیه یتأسّف ویتحسّر متسائلا: لماذا غرقوا فی تلک الدوامة مع توفّر کلّ وسائل النجاة؟

التعبیر بـ «عباد» إشارة إلى أنّ العجب أن یکون هؤلاء العباد غارقین بنعم الله سبحانه وتعالى ثمّ یرتکبون مثل تلک الجنایات.


1. الشعراء، 109، 127، 145، 164 و180.
2. راجع الآیات 3 و32 یونس، 3 و52، هود، 24، النمل، 29، والکهف وغیرها.
3. تفسیر القرطبی، ج 15، ص 18 و19.
4. تفسیر التبیان، ج 8، ص 414.
5. آل عمران، 169.
6. بحار الأنوار، ج 6، ص 218.
7. بخصوص موقع (ما) فی الجملة احتملت ثلاثة احتمالات: إمّا مصدریة، أو موصولة، أو استفهامیة، ولکن یبدو أنّ احتمال کونها استفهامیة بعید، ویبقى أنّ الأقرب کونها موصولة، مع أنّ المعنى لا یختلف کثیراً حینما تکون مصدریة.
8. تفسیر القرطبی، ج 8، ص 5464.
9. الحجرات، 13.
10. الأنبیاء، 26 و27.
11. المعارج، 35.
12. تفسیر المیزان، ج 17، ص 82.
سورة یس / الآیة 20 ـ 30 1ـ قصّة رسل أنطاکیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma