تعلّم من داود:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة ص / الآیة 17 ـ 20 الصفات العشر لداود (علیه السلام):

نبیّ الله داود (علیه السلام) أحد کبار أنبیاء بنی إسرائیل وحاکماً لدولة کبیرة، وقد ورد ذکر مقامه العالی فی عدّة آیات بیّنات من القرآن الکریم.

وتتمّة للبحوث السابقة التی إستعرضت فیها آیات القرآن أذى المشرکین لرسول الله (صلى الله علیه وآله) ونسبتهم إلیه ما لا یلیق به. فإنّ القرآن الکریم لمواساة رسول الله وأصحابه المؤمنین القلائل، طرح قصّة داود (علیه السلام)، داود الذی منحه الله قدرة واسعة، حتى أنّ الجبال والطیور کانت مسخّرة له، لیبیّن تبارک وتعالى من خلال هذه القصّة لنبیّه الأکرم أنّ اللطف الإلهی إن شمل أحداً فإنّ عموم الناس لا یستطیعون عمل أی شیء إزاء هذا اللطف.

فداود ـ مع هذه القدرة العظیمة التی منحها إیّاه ربّ العالمین ـ لم یسلم من تجریح الآخرین وبذاءة لسانهم، وفی هذا الکلام مواساة للنّبی الکریم (صلى الله علیه وآله) فی أنّ هذه المسألة لا تنحصر بک فقط، وإنّما شارکک فیها کبار الأنبیاء (علیهم السلام).

ففی البدایة تقول آیات بحثنا: (اصبر على ما یقولون واذکر عبدنا داود ذا الأید إنّه أوّاب ).

«الأید» بمعنى القدرة، وتأتی أیضاً بمعنى النعمة.

وقد توفّر المعنیان المذکوران أعلاه فی داود، إذ کان یتمتّع بقوّة جسدیة مکّنته من أن یقتل الطاغیة جالوت بضربة قویّة واحدة بواسطة حجر رماه من مقلاعه على جالوت، فأسقطه من فرسه مضرّجاً بدمه خلال إحدى المعارک.

وقال البعض: إنّ الحجر مزّق صدر جالوت وخرج من ظهره.

أمّا من حیث قدرته السیاسیة، فقد کانت حکومته قویّة ومستعدّة دائماً لمواجهة الأعداء، بکلّ قوّة وإقتدار، حتى قیل أنّ الآلاف من جنده کانت تقف على أهبة الإستعداد من المساء حتى الصباح فی أطراف محراب عبادته.

ومن حیث قدرته الأخلاقیة والمعنویة والعبادیة، فإنّه کان یقوم معظم اللیل فی عبادة الله، ویصوم نصف أیّام السنة.

وأمّا من حیث النعم الإلهیّة، فقد أنعم علیه الباریء عزّوجلّ بالکثیر من النعم الظاهریة والباطنیة.

خلاصة الحدیث، إنّ داود کان رجلا ذا قوّة وقدرة فی الحروب والعبادات والعلم والمعرفة وفی السیاسة، وکان أیضاً صاحب نعمة کبیرة (1) .

«أوّاب» مشتقّة من (أوب) على وزن (قول) وتعنی العودة الاختیاریة إلى أمر ما، ولکون (أوّاب) على صیغة المبالغة، فإنّها تشیر إلى أنّه کان کثیراً ما یعود إلى الله سبحانه وتعالى، وکان یتوب عن أصغر غفلة وترک للأولى.

وطبقاً لاُسلوب القرآن فی الإیجاز والتفصیل فی ذکر القضایا المختلفة، فإنّ الآیات الآنفة بعد أن تطرّقت بصورة موجزة إلى نعم الله على داود، تشرح أنواعاً من تلک النعم، قال تعالى: (إنّا سخّرنا الجبال معه یسبّحن بالعشىّ والإشراق ) (2) .

کذلک سخّرنا له مجامیع الطیور کی تسبّح الله معه (والطّیر محشورة ).

فکلّ الطیور والجبال مسخّرة لداود ومطیعة لأوامره، وتسبّح معه الباریء عزّوجلّ، وتعود إلیه، (کلّ له أوّاب ).

الضمیر (له) یمکن أن یعود على داود، وطبقاً لهذا فإنّ مفهوم الجملة ینطبق مع ما ذکرناه أعلاه، وهناک إحتمال وارد أیضاً وهو أنّ ضمیر (له) یعود إلى ذات الله الطاهرة، ویعنی أنّ کلّ ذرّات العالم تعود إلیه ومطیعة لأوامره.

سؤال: هناک سؤال یطرح، وهو: کیف تردّد الطیور والجبال صوت التسبیح مع داود؟

الجواب: اختلف المفسّرون فی الإجابة على هذا السؤال، وذکروا عدّة تفاسیر واحتمالات له، منها:

قال البعض: إنّ صوت داود الجذّاب کان یتردّد صداه عندما تصطدم موجاته الصوتیة بالجبال فیجذب الطیور إلیه (وبالطبع فإنّ هذه لا تعدّ فضیلة کی یتطرّق إلیها القرآن المجید وبشیء من العظمة).

وإحتمل البعض الآخر أنّ تسبیحها کان توأماً مع صوت ظاهری، مرافقاً لنوع من الإدراک والشعور الذی هو فی باطن ذرّات العالم، وطبقاً لهذا الإحتمال، فإنّ کلّ موجودات العالم تتمتّع بنوع من العقل والشعور، وحینما تسمع صوت مناجاة هذا النّبی الکبیر تردّد معه المناجاة، لیمتزج تسبیحها مع تسبیح داود (علیه السلام).

واحتملوا أیضاً أنّ هذا التسبیح هو التسبیح التکوینی الذی ینطق به لسان حال کلّ مخلوق، ونظام خلقهم یقول: إنّ الله خال من العیوب والنقص، وإنّه مقدّس ومنزّه وعالم وقادر، ویمتلک کافّة صفات الکمال.

ولکن هذا المعنى لا یختّص بداود حتى یعدّ من مناقبه، ولهذا فإنّ التّفسیر الثانی أنسب، وما ذکر فیه غیر مستبعد قیاساً بقدرة الله.

فالمناجاة موجودة داخل جمیع مخلوقات الکون، وترانیمها تتردّد على الدوام فی بواطنها، وقد أظهرها الله سبحانه وتعالى لداود (علیه السلام)، کما فی الحصاة التی کانت تسبّح الله وهی فی ید رسول الله (صلى الله علیه وآله).

وتواصل الآیة التالیة إستعراض نعم الله على داود (علیه السلام)، قال تعالى: (وشددنا ملکه ) أی ثبّتنا وأحکمنا مملکته، بحیث کان العصاة والطغاة من أعدائه یحسبون لمملکته ألف حساب لقوّتها.

وإضافة إلى هذا فقد آتیناه الحکمة والعلم والمعرفة (وآتیناه الحکمة ) الحکمة التی یقول بشأنها القرآن المجید (ومن یؤت الحکمة فقد اُوتی خیراً کثیراً ). (3)

(الحکمة) هنا تعنی العلم والمعرفة وحسن تدبیر اُمور البلاد، أو مقام النبوّة، أو جمیعها.

وقد تکون «الحکمة» أحیاناً ذات جانب علمی ویعبّر عنها بـ «المعارف العالیة»، واُخرى لها جانب عملی ویعبّر عنها (بالأخلاق والعمل الصالح) وقد کان لداود فی جمیعها باع طویل.

وآخر نعمة إلهیّة انعمت على داود هی تمکّنه من القضاء والحکم بصورة صحیحة وعادلة (وفصل الخطاب ).

وقد إستخدمت عبارة (فصل الخطاب) لأنّ کلمة «الخطاب» تعنی أقوال طرفی النزاع، أمّا (فصل) فإنّها تعنی القطع والفصل.

وکما هو معروف فإنّ أقوال طرفی النزاع لا تقطع إلاّ إذا حکم بینهم بالعدل، ولهذا فإنّ العبارة هذه تعنی قضائه بالعدل.

وهناک إحتمال آخر لتفسیر هذه العبارة، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى أعطى داود منطقاً قویّاً یدلّل على سمو وعمق تفکیره، ولم یکن هذا خاصّاً بالقضاء وحسب، بل فی کلّ أحادیثه.

حقّاً، لیس من المفروض أن ییأس أحد من لطف الله، الله الذی یستطیع أن یعطی الإنسان اللائق والمناسب کلّ تلک القوّة والقدرة. وهذه لیست مواساة للنبی الأکرم والمؤمنین فی مکّة الذین کانوا یعیشون فی تلک الأیّام تحت أصعب الظروف وأشدّها، بل مواساة لکلّ المؤمنین المضطهدین فی کلّ مکان وزمان.


1. «أید» جمع «ید»، وقد إستعملت هنا لکونها مظهر القوّة والنعمة والملک، وقد حملت کلّ هذه المعانی هنا.
2. (معه) من الممکن أن تکون متعلّقة بقوله (یسبّحن) ووفقاً لهذا فإنّ إقتداء الجبال بداود فی التسبیح یوضّح نفس ما جاء فی الآیة 10 من سورة سبأ ( یاجبال أوبی معه ) ویمکن أن تکون (معه) متعلّقة بـ (سخّرنا) وفی هذه الحالة فإنّ مفهوم العبارة یکون (إنّا سخّرنا له الجبال) وإستخدام کلمة (معه) بدلا من (له) إنّما تمّ لتوضیح إشتراکهما فی التسبیح.
3. بقرة، 269.
سورة ص / الآیة 17 ـ 20 الصفات العشر لداود (علیه السلام):
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma