یعتبر الإنسان کالقشة الضعیفة فی مهب الریاح العاتیة التی تهب هنا وهناک فی کلّ لحظة من الزمان، ویمکن أن تتعلق هذه القشة بورقة أو غصن مکسور تأخذه الریاح أیضاً مع تلک القشة الضعیفة، وترمیهما جانباً، وحتى إذا تمکنت ید الإنسان من الإمساک بشجرة کبیرة فإنّ الأعاصیر والریاح العاتیة تقتلع أحیاناً تلک الشجرة من جذورها، أمّا إذا لجأ الإنسان إلى جبل عظیم فإنّ أعتى الأعاصیر لا تتمکن من أن تزحزح ذلک الجبل ولو بمقدار رأس إبرة من مکانه.
الإیمان بالله بمثابة هذا الجبل، والإعتماد والإتکال على غیر الله بمثابة الاعتماد على الأشیاء الواهیة، ولهذا السبب یقول الباریء عزّوجلّ فی الآیات المذکورة أعلاه: (ألیس الله بکاف عبده ) الإعتقاد والإیمان بما جاء فی هذه الآیة یضیف للإنسان شجاعة واعتماداً على النفس، وتطمئن خواطره وتهدّئها، کی یصمد ویثبت أمام الحوادث کالجبل، ولا یخاف حشود الأعداء، ولا یستوحش من قلّة عدد أتباعه أو أصحابه، ولا تعبث المشاکل الصعبة بروحه الهادئة المستقرة، وقد ورد فی الحدیث «المؤمن کالجبل الراسخ لا تحرکه العواصف».