أولئک الذین یصدقون کلام الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الزّمر / الآیة 32 ـ 35 بحث

هذه الآیات تواصل البحث الخاصّ بموقف الناس فی ساحة المحشر، وتخاصمهم فی تلک المحکمة الکبرى، وتقسّم آیات بحثنا إلى مجموعتین هما (المکذبون) و(المصدقون).

والقرآن الکریم یعطی صفتین لأصحاب المجموعة الاُولى، أی «المکذبین»،قال تعالى: (فمن أظلم ممّن کذب على الله وکذّب بالصّدق إذ جاءه ).

الکافرون والمشرکون یکذبون کثیراً على الباریء عزّوجلّ، فأحیاناً یعتبرون الملائکة بنات الله، وأحیاناً یقولون: عیسى هو ابن الله، وأحیاناً اُخرى یعتبرون الأصنام شفعاء لهم عند الله، وأحیاناً یبتدعون أحکاماً کاذبة فی الحلال والحرام وینسبونها إلى الله، وما شابه ذلک.

وأمّا الکلام الصادق الذی أنزل إلیهم وکذّبوه فهو القرآن المجید.

خاتمة الآیة تبیّن فی جملة قصیرة جزاء أمثال هؤلاء الأفراد، قال تعالى: (ألیس فی جهنّم مثوى للکافرین ) (1) .

أمّا المجموعة الثّانیة فقد وصفها القرآن الکریم بوصفین، إذ قال: (والّذی جاء بالصّدق وصدّق به اُولئک هم المتّقون ).

بعض الرّوایات الواردة عن أئمّة الهدى (علیهم السلام) فسّرت: (والّذی جاء بالصّدق ) بأنّها تعود على النّبی (صلى الله علیه وآله) و (صدّق به ) تعود على علی (علیه السلام) (2) ، وبالطبع فإنّ المقصود من ذلک هو بیان مصداق الآیة، لأنّ عبارة: (اُولئک هم المتّقون ) دلیل على شمولیة الآیة.

ومن هنا یتّضح أنّ تفسیر الآیة المذکورة أعلاه بأنّ المراد شخص رسول الله (صلى الله علیه وآله) الذی هو مهبط الوحی والمصدّق به فی نفس الوقت، فهو أیضاً من قبیل بیان مصداق الآیة ولیس بیان المفهوم العام لها.

لذلک فإنّ مجموعة من المفسّرین فسّروا عبارة قوله تعالى: (والّذی جاء بالصّدق )بأنّه یعنی کلّ الأنبیاء و (صدّق به )یعنی أتباعهم الحقیقیین، وهم المتقون.

وهناک تفسیر آخر للآیة، لکنّه أوسع وأکثر شمولیة من التفاسیر الاُخرى، رغم أنّه لم یحظ کثیراً باهتمام المفسّرین، لکنّه أکثر انسجاماً مع ظاهر الآیات، والتّفسیر هو أنّ (الّذی جاء بالصّدق ) لیس منحصراً فی الرّسل فقط، وإنّما یشمل کلّ الذین یبلّغون نهج الأنبیاء ویروّجون کلام الله، وفی هذه الحالة فلا یوجد أىّ مانع من القول بأنّ العبارتین تنطبقان على مجموعة واحدة ـ کما یوضّح ذلک ظاهر الآیة ـ لأنّ ضمیر (والذی) ذکر مرّة واحدة فقط.

وبهذا الشکل فإنّ الآیة تتحدّث عن أناس هم من حملة الرسالة ومن العاملین بها، وتتحدّث عن أولئک الذین ینشرون فی العالم ما ینزل به الوحی من کلام الباریء عزّوجلّ وهم یؤمنون به ویعملون به، وهکذا فإنّ الآیة تضم الأنبیاء والأئمّة المعصومین والدعاة لنهج الأنبیاء.

والملفت للنظر أنّ الایة عبّرت عن الوحی «بالصدق» وهو اشارة إلى أنّ الکلام الوحید الذی لا یحتمل وجود الکذب والخطأ فیه هو کلام الله الذی نزل به الوحی، فإن سار الإنسان فی ظلّ تعلیمات نهج الأنبیاء وصدّقها فإنّ التقوى سوف تتفتح فی داخل روحه.

الآیة التالیة تبیّن أنّ هناک ثلاث مثوبات بانتظار أفراد هذه المجموعة، أی المصدقین، إذ تقول فی البدایة: (لهم ما یشاؤون عند ربّهم ذلک جزاء المحسنین ).

لهذه الآیة مفهوم واسع بحیث یشمل کلّ النعم المادیة والمعنویة التی یمکن تصوّرها والتی لا یمکن تصوّرها.

وعلى ضوء هذه الآیة یطرح البعض السؤال التالی: إذا طلب أحدهم أن یکون مقامه أرفع من مقام الأنبیاء والأولیاء، فهل یعطى ذلک؟

علینا أن لا نغفل عن کون أهل الجنّة یدرکون عین الحقیقة، ولهذا لا یفکّر أحد منهم بأمر یخالف الحقّ والعدالة، ولا یتناسب مع أساس توازن اللیاقات والکفاءات.

بعبارة اُخرى: لا یمکن أن یحصل أشخاص لهم درجات مختلفة فی الإیمان والعمل على نفس الجزاء، فکیف یأمل أصحاب الجنّة فی تحقیق أشیاء مستحیلة؟! وفی نفس الوقت فإنّهم یعیشون فی حالة روحیة خالیة من الحسد والغیرة، وهم راضون بما رزقوا به.

وکما هو معلوم فإنّ المکافأة الإلهیّة فی الآخرة وحتى التفضیل الإلهی للبعض دون البعض الآخر إنّما یتمّ على أساس اللیاقة التی حصل علیها الإنسان فی هذه الدنیا، فالذی یعرف أنّ إیمانه وعمله فی هذه الدنیا لم یصل إلى درجة إیمان وعمل الآخرین لا یأمل یوماً ما أن یکون بمرتبتهم، لإنّ ذلک أمل ورجاء غیر منطقی.

وعبارة: (عند ربّهم ) تبیّن عدم انقطاع اللطف الإلهی عن اُولئک وکأنّهم ضیوف الله على الدوام، وکلّ ما یطلبونه یوفّر لهم.

وعبارة: (ذلک جزاء المحسنین ) أقیم فیها الظاهر مقام ضمیر الإشارة، اشارة إلى أنّ إحسانهم وعملهم الصالح کانا سبباً فی حصولهم على الأجر المذکور.

أمّا المکافأتان الثانیة والثّالثة اللتان یمنحهما الباریء عزّوجلّ للمصدقین، فیقول القرآن المجید بشأنهما: (لیکفّر الله عنهم أسوأ الّذی عملوا ویجزیهم أجرهم بأحسن الّذی کانوا یعملون ) (3) .

کم هی عبارة جمیلة ولطیفة! فمن جانب یدعون الله سبحانه وتعالى لیکفّر عنهم أسوأ ما عملوا بظلّ لطفه، ویطهّرهم من تلک البقع السوداء بماء التوبة، ومن جهة اُخرى یدعون الله لیجعل أفضل وأحسن أعمالهم معیاراً للمکافأة، وأن یجعل بقیة أعمالهم ضمن ذلک العمل.

إنّ ما یتّضح من الآیات الکریمة هو أنّ الله استجاب لدعواهم، عندما غفر لهم وعفا عن أسوء أعمالهم، وجعل أفضل الأعمال معیاراً للمکافأة.

من البدیهی، عندما یشمل العفو الإلهی الزلاّت الکبیرة، فإنّ الزلات الصغیرة أولى بالشمول، لأنّ الزلات الکبیرة هی التی تقلق الإنسان أکثر من أیّ شیء آخر، ولهذا السبب فإنّ المؤمنین کثیراً ما یفکّرون بها.

السؤال: وثمّة سؤال یطرح نفسه هنا: إذا کانت الآیات السابقة تخص الأنبیاء والمؤمنین من أتباعهم، فکیف اقترف هؤلاء تلک الزلات الکبیرة؟

الجواب: الجواب على هذا السؤال یتّضح من خلال الإنتباه إلى أنّه عندما ینسب عمل ما إلى مجموعة، فهذا لا یعنی أنّ الجمیع قاموا بذلک العمل، وإنّما یکفی أن تقوم به مجموعة صغیرة منهم، فمثلا عندما نقول: إنّ بنی العباس خلفوا رسول الله (صلى الله علیه وآله) من دون أیّ حق، فإنّ هذا لا یعنی أنّ الکل اعتلوا کرسی الخلافة، وإنّما مجموعة منهم.

الآیة المذکورة أعلاه تبیّن أنّ مجموعة من حملة الرسالة وأتباع نهجهم کانوا قد ارتکبوا بعض الأخطاء والزلاّت، وأنّ الباریء عزّوجلّ صفح عنهم وغفر لهم بسبب أعمالهم الصالحة والحسنة. على أیّة حال فإنّ ذکر الغفران والصفح قبل ذکر الثواب، یعود إلى هذا السبب، وهو أنّ علیهم فی البدایة أن یغتسلوا ویتطهّروا، ومن ثمّ الورود إلى مقام القرب الإلهی. یجب علیهم فی البدایة أن یریحوا أنفسهم من العذاب الإلهی کی یتلذذوا بنعم الجنّة.


1. «مثوى» من مادة «ثواء» وتعنی الإقامة المستمرة فی مکان ما ولهذا فإنّ (مثوى) هنا تعنی المکان والمنزل الدائم.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیات مورد البحث.
3. فی عودة «عنهم» قوله تعالى: (لیکفّر الله عنهم ) ذکر المفسّرون آراء شتى بهذا الشأن ولکن التّفسیر الذی یبدو أنسب هو أنّها تعود على الفعل (أحسنوا) ویفهم ذلک من کلمة المحسنین، والتقدیر (ذلک جزاء المحسنین أحسنوا لیکفر الله عنهم) نعم إنّهم عمدوا إلى عمل الإحسان کی یکفر الله عنهم سیئاتهم ویغفر زلاتهم ویعطیهم أفضل الثواب.
سورة الزّمر / الآیة 32 ـ 35 بحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma