النعم التی منّ بها الله على موسى وهارون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة الصافات / الآیة 114 ـ 122 سورة الصافات / الآیة 123 ـ 132

الآیات المبارکة هذه تشیر إلى جوانب من النعم الإلهیّة التی أغدقها الله جلّ شأنه على موسى وأخیه هارون، والبحث هنا لیتناغم ویتواءم مع البحوث السابقة بشأن نوح وإبراهیم فی الآیات السابقة، فمحتوى الآیات یشابه بعضه البعض، ونفس الألفاظ تتکرّر فی بعض الجوانب، وذلک لتوجد نظاماً تربویاً منسجماً للمؤمنین.

مرّة اُخرى إستخدم فی هذه الآیات اُسلوب (الإجمال والتفصیل) الاُسلوب الذی استخدمه القرآن فی نقل العدید من الحوادث.

الآیة الاُولى تشیر إلى قوله تعالى: (ولقد مننّا على موسى وهارون ).

«المنّة» فی الأصل من «المنّ» ویعنی الحجر الذی یستعمل للوزن، ثمّ أطلق على النعم الکبیرة والثقیلة، فلو کانت لها جنبة عملیة وموضوعیة فالمنّة جمیلة ومحمودة، ولو إقتصرت على اللفظ والکلام فهی سلبیة ومذمومة، والغالب إنّها تستعمل فی المحاورات العرفیة بالمعنى الثانی، وهذا هو السبب فی تداعی المفهوم السلبی من هذه الآیات الکریمة، ولکن لابدّ من القول إنّ هذه المفردة وردت فی اللغة والآیات الکریمة بمعناها الواسع الذی یشمل المفهوم الأوّل منها. (أی منع النعم والمواهب الکبیرة).

وعلى کلّ حال فإنّ الله سبحانه وتعالى أنعم على الأخوین موسى وهارون بنعمة عظیمة.

أمّا الآیات التی تلتها فتشرح سبعة من هذه النعم، وکلّ واحدة منها أفضل من اُختها.

ففی المرحلة الاُولى، یقول سبحانه وتعالى: (ونجّیناهما وقومهما من الکرب العظیم ).

فهل هناک قلق أکثر من هذا، وهو أنّ بنی إسرائیل یعیشون فی قبضة الفراعنة المتجبّرین الطغاة؟ یذبحون أولادهم ویسخّرون نساءهم فی خدمتهم، ویستعبدون رجالهم ویستعملونهم فی الأعمال الشاقّة.

ألیس فقدان الحریة والإبتلاء بسلطان جائر لا یرحم الکبیر ولا الصغیر، حتى یبلغ به طغیانه إلى أن یتلاعب بنوامیس الناس وشرفهم، ألیس هذا کرباً عظیماً، وألماً شدیداً، إذن فإنقاذهم من قبضة فراعنة مصر المتجبّرین، کانت أوّل نعمة یغدقها الباری عزّوجلّ على بنی إسرائیل.

وفی المرحلة الثانیة، قال الباری عزّوجلّ: (ونصرناهم فکانوا هم الغالبین ).

ففی ذلک الیوم کان جیش الفراعنة ذا قوّة عظیمة ویتقدّمه الطاغیة فرعون، فیما کان بنو إسرائیل قوم ضعفاء وعاجزین یفتقدون لرجال الحرب وللسلاح أیضاً، إلاّ أنّ المدد الإلهی وصلهم فی تلک اللحظات، وأغرق فرعون وجیشه وسط أمواج البحر، وأورث بنی إسرائیل قصور وثروات وحدائق وکنوز الفراعنة.

وفی المرحلة الثالثة من مراحل إغداق النعم على بنی إسرائیل وشمولهم بعنایته، جاء فی محکم کتابه العزیز (وآتیناهما الکتاب المستبین ).

نعم (التوراة) هو کتاب مستبین، أی یوضّح لهم المجهولات المبهمة، ویجیبهم على کلّ ما یحتاجونه فی دینهم ودنیاهم، کما أکّدت الآیة 44 فی سورة المائدة ذلک (إنّا أنزلنا التوراة فیها هدى ونور ).

وفی المرحلة الرابعة أشار القرآن الکریم إلى نعمة معنویة اُخرى منّ بها جلّ شأنه على موسى وهارون، وهی هدایتهما إلى الصراط المستقیم، (وهدیناهما الصراط المستقیم ).

الطریق الصحیح الخالی من کلّ إعوجاج، وهو طریق الأنبیاء والأولیاء، والذی لا یوجد فیه أی خطر من قبیل الإنحراف والضلال والسقوط.

وعندما نقرأ سورة الحمد فی کلّ الصلوات ونطلب من الله سبحانه وتعالى أن یهدینا إلى

الصراط المستقیم، نقول: (اهدنا الصراط المستقیم، صراط الذین أنعمت علیهم غیر المغضوب علیهم ولا الضالّین ). أی إنّنا نطلب منه أن یهدینا إلى طریق الأنبیاء والأولیاء.

أمّا المرحلة الخامسة فإنّها أکّدت على استمرار رسالتهما والثناء الجمیل علیهما، إذ تقول الآیة: (وترکنا علیهما فی الآخرین ).

وهذه العبارة نفسها وردت فی الآیات السابقة بشأن إبراهیم ونوح، لأنّ کلّ الدعاة إلى الله السالکین لطریق الحقّ، یبقى إسمهم وتاریخهم خالداً على مرّ الزمن، ویجب أن یبقى خالداً، لأنّهم لا یخصّون قوماً أو شعباً معیّن، وإنّما کلّ الإنسانیة.

والمرحلة السادسة تستعرض التحیّة الطیّبة المبارکة التی وردت إلى کلّ من موسى وهارون من عند الله (سلام على موسى وهارون ).

سلام من عند الله العظیم والرحیم، السلام الذی هو رمز لسلامة الدین والإیمان والرسالة والإعتقاد والمذهب، السلام الذی یوضّح النجاة والأمن من العقاب والعذاب فی هذه الدنیا وفی الآخرة.

وفی المرحلة السابعة ـ الأخیرة ـ نصل إلى مرحلة الثواب والمکافأة الکبرى التی یقدّمها الباری عزّوجلّ إلیهما (إنّا کذلک نجزی المحسنین ).

نعم إنّ حصولهما على کلّ هذه المفاخر لم یکن من دون دلیل أو سبب، إذ کانا من المحسنین والمؤمنین والمخلصین والطیّبین، فمثل هؤلاء جدیرون بالثواب والمکافأة.

والملفت للنظر أنّ هذه الآیة (إنّا کذلک نجزی المحسنین ) تکرّرت فی هذه السورة عدّة مرّات، إذ جاءت بحقّ نوح وإبراهیم وموسى وهارون وإلیاس، وعبارة مشابهة لها بشأن یوسف وردت فی سورة یوسف الآیة 22 کما وردت فی الآیة 84 فی سورة الأنعام عن أنبیاء آخرین کان ثوابهم نفس الثواب، وکلّهم یُقرّون بأنّ کلّ من یرید أن تشمله العنایة الإلهیّة علیه أوّلا أن ینضمّ إلى زمرة المحسنین کی تغدق علیه البرکات الإلهیّة.

الآیة الأخیرة فی بحثنا تشیر إلى نفس الدلیل الذی ورد فی قصّة نوح وإبراهیم من قبل (إنّهما من عبادنا المؤمنین ).

فالإیمان هو الذی ینیر روح الإنسان ویعطیه القوّة، ویدفعه إلى الطهارة والتقوى وعمل الإحسان والخیر، الإحسان الذی یفتح أبواب الرحمة الإلهیّة على الإنسان، فتنزل علیه مختلف أشکال النعم.

سورة الصافات / الآیة 114 ـ 122 سورة الصافات / الآیة 123 ـ 132
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma