قرأنا فی الآیات الآنفة أنّ المشرکین لم یعرفوا الله حق معرفته، إذ أنّهم لو عرفوه لما ساروا فی طریق الشرک ومعنى هذا الکلام أنّ المؤمنین الموحّدین هم وحدهم الذین عرفوا الله حقّ معرفته.
السؤال: وهنا یطرح هذا السؤال وهو: کیف یتلاءم هذا الکلام مع الحدیث المشهور لرسول الله (صلى الله علیه وآله) والذی یقول فیه: «ما عرفناک حق معرفتک، وما عبدناک حق عبادتک». (1)
الجواب: وللجواب على هذا السؤال یجب القول: إنّ للمعرفة مراحل، أعلاها هی تلک المعرفة التی تخصّ ذات الله المقدّسة، والتی لا یمکن لأىّ أحد أن یعرفها أو یطّلع علیها غیر ذاته المقدسة التی تعرف کنه ذاته المقدسة، والحدیث الشریف المذکور یشیر إلى هذا المعنى.
أمّا بقیة المراحل التی تأتی بعد هذه المرحلة والتی یمکن للعقل البشری أن یتعرّف علیها، هی مرحلة معرفة صفات الله بصورة عامة ومعرفة أفعاله بصورة مفصّلة، وهذه المرحلة کما ذکرنا ممکنة بالنسبة للإنسان، والمراد من معرفة الله الوصول إلى هذه المرحلة، والآیة مورد بحثنا تحدّثت عن هذه المرحلة، حیث إنّ المشرکین یجهلون هذا المقدار من المعرفة أیضاً.