الإعراض عن جمیع آیات الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 11
سورة یس / الآیة 45 ـ 47 سورة یس / الآیة 48 ـ 53

بعد أن کان الحدیث فی الآیات السابقة عن الآیات الإلهیّة فی عالم الوجود، تنتقل هذه الآیات لتتحدّث عن ردّ فعل الکفّار المعاندین فی مواجهة هذه الآیات الإلهیّة، وکذلک توضّح دعوة النّبی (صلى الله علیه وآله) لهم وإنذارهم بالعذاب الإلهی الألیم.

یفتتح هذا المقطع بالقول: (وإذا قیل لهم اتّقوا ما بین أیدیکم وما خلفکم لعلّکم ترحمون ) (1) .

للمفسّرین أقوال عدیدة حول ما هو معنى قوله: (ما بین أیدیکم ) و (ما خلفکم ) منها: أنّ المقصود بـ «ما بین أیدیکم» العقوبات الدنیویة التی أوردت الآیات السابقة نماذج منها، والمقصود بـ «ما خلفکم» عقوبات الآخرة، وکأنّه یراد القول بأنّها خلفهم ولم تأت إلیهم وسوف تصل إلیهم فی یوم ما وتحیط بهم، والمقصود بـ «التقوى» من هذه العقوبات، هو عدم إیجاد العوامل التی تؤدّی إلى وقوع هذه العقوبات، والدلیل على ذلک أنّ التعبیر بـ «اتّقوا» یرد فی القرآن إمّا عند ذکر الله سبحانه وتعالى أو عند ذکر یوم القیامة والعقوبات الإلهیّة، وهذان الذکران وجهان لحقیقة واحدة، إذن أنّ الإتّقاء من الله هو اتّقاءٌ من عقوباته.

وذلک دلیل على أنّ الآیة تشیر إلى الإتقاء من عذاب الله ومجازاته فی الدنیا وفی الآخرة.

ومن هذه التّفسیرات أیضاً عکس ما ورد فی التّفسیر الأوّل، وهو أنّ «ما بین أیدیکم» تعنی عقوبات الآخرة و«ما خلفکم» تعنی عذاب الدنیا، لأنّ الآخرة أمامنا (وهذا التّفسیر لا یختلف کثیراً عن الأوّل من حیث النتائج).

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من «بین أیدیکم» الذنوب التی إرتکبت سابقاً، فتکون التقوى منها بالتوبة وجبران ما تلف بواسطتها، و«ما خلفکم» الذنوب التی سترتکب لاحقاً.

والبعض یرى بأنّ «بین أیدیهم» الذنوب الظاهرة، و«ما خلفکم» الذنوب الباطنة والخفیّة.

وقال البعض الآخر: «ما بین أیدیکم» إشارة إلى أنواع العذاب فی الدنیا، و«ما خلفکم» إشارة إلى الموت (والحال أنّ الموت لیس ممّا یتّقى منه!!).

والبعض ـ کصاحب تفسیر «فی ظلال القرآن» ـ اعتبر هذین التعبیرین کنایة عن إحاطة موجبات الغضب والعذاب الإلهی التی تحیط بالکافر من کلّ جانب.

و «الآلوسی» فی «روح المعانی» و«الفخر الرازی» فی «التّفسیر الکبیر» کلّ منهما ذکر إحتمالات متعدّدة، ذکرنا قسماً منها.

و «العلاّمة الطباطبائی» فی «المیزان» یرى أنّ «ما بین أیدیکم» الشرک والمعاصی فی الحیاة الدنیا، و«ما خلفکم» العذاب فی الآخرة (2) . فی حین أنّ ظاهر الآیة هو أنّ کلا الإثنین من جنس واحد، ولیس بینهما سوى التفاوت الزمنی، لا أنّ إحداهما إشارة إلى الشرک والذنوب، والاُخرى إشارة إلى العقوبات الواقعة نتیجة ذلک.

على کلّ حال فأحسن تفسیر لهذه الجملة هو ما ذکرناه أوّلا، وآیات القرآن المختلفة شاهد على ذلک أیضاً، وهو أنّ المقصود من «ما بین أیدیکم» هو عقوبات الدنیا و«ما خلفکم» عقوبات الآخرة.

الآیة التالیة تؤکّد نفس المعنى وتشیر إلى لجاجة هؤلاء الکفّار وإعراضهم عن آیات الله وتعالیم الأنبیاء، تقول الآیة الکریمة: (وما تأتیهم من آیة من آیات ربّهم إلاّ کانوا عنها معرضین ).

فلا الآیات الأنفسیة تؤثّر فیهم، ولا الآفاقیة، ولا التهدید والإنذار، ولا البشارة والتطمین بالرحمة الإلهیّة، لا یتقبّلون منطق العقل ولا أمر العواطف والفطرة، فهم مبتلون بالعمى الکلّی بحیث لا یتمکّنون حتى من رؤیة أقرب الأشیاء إلیهم، وحتى أنّهم لا یفرّقون بین ظلمة اللیل وشمس الظهیرة.

ثمّ یشخّص القرآن الکریم أحد الموارد المهمّة لعنادهم وإعراضهم فیقول: (وإذا قیل لهم أنفقوا ممّا رزقکم الله قال الذین کفروا للذین آمنوا أنطعم من لو یشاء الله أطعمه إن أنتم إلاّ فی ضلال مبین ).

ذلک المنطق الضعیف الذی یتمسّک به الأنانیون والبخلاء فی کلّ عصر وزمان ویقولون: إنّ فلاناً أصبح فقیراً بسبب عمل إرتکبه وأدّى به إلى الفقر، مثلما أنّنا أغنیاء بسبب عمل عملنا فشملنا لطف الله ورحمته، وعلیه فلیس فقره ولا غنانا کانا بلا حکمة. غافلین عن أنّ الدنیا إنّما هی دار امتحان وإبتلاء، والله سبحانه وتعالى إنّما یمتحن البعض بالفقر کما یمتحن البعض الآخر بالغنى والثروة، وربّما یضع الله الإنسان وفی وقتین مختلفین فی بوتقة الامتحان: الغنى والفقر، وینظر هل یؤدّی الأمانة حال فقره ویتمتّع بمناعة الطبع ویلج مراتب الشکر اللائقة، أم أنّه یطأ کلّ ذلک بقدمه ویمرّ؟ وفی حال الغنى هل ینفق ممّا تفضّل الله به علیه، أم لا؟

ورغم أنّ البعض قد حصر الآیة من حیث التطبیق فی مجموعة خاصّة کالیهود، أو المشرکین فی مکّة، أو جمیع الملاحدة الذین أنکروا الأدیان الإلهیّة، ولکن یبدو أنّ للآیة مفهوماً عامّاً یمکن أن تکون له مصادیق فی کلّ عصر وزمان، وإن کان مصداقها حین نزولها هم الیهود أو المشرکون فتلک ذریعة عامّة یتشبّثون بها على مرّ العصور، وهی قولهم: إذا کان الله هو الرازق إذاً لماذا تریدون منّا أن نعطی الفقراء من أموالنا؟ وإذا کان الله یرید أن یرى هؤلاء محرومین فلماذا تریدون منّا إغناء من أراد الله حرمانه؟ غافلین عن أنّ نظام التکوین قد یوجب شیئاً، ویوجب نظام التشریع شیئاً غیره.

فنظام التکوین ـ بإراة الله ـ أوجب أن تکون الأرض بجمیع مواهبها وعطایاها مسخّرة للبشر، وأن یعطى البشر حریّة إنتخاب الأعمال لطی طریق تکاملهم، وفی نفس الوقت خلق الغرائز التی تتنازع الإنسان من کلّ جانب.

ونظام التشریع أوجب قوانین خاصّة للسیطرة على الغرائز وتهذیب النفوس، وتربیة

الإنسان عن طریق الإیثار والتضحیة والتسامح والإنفاق، وذلک الإنسان الذی لدیه الأهلیة والإستعداد لأن یکون خلیفة الله فی الأرض، إنّما یبلغ ذلک المقام الرفیع من هذا الطریق، فبالزکاة تطهر النفوس، وبالإنفاق ینتزع البخل من القلوب، ویتحقّق التکافؤ، وتقلّ الفواصل الطبقیة التی تفرز آلاف العلل والمفاسد فی المجتمعات.

وذلک تماماً کما یقول شخص: لماذا ندرس؟ أو لماذا نعلّم غیرنا؟ فلو شاء الله سبحانه وتعالى لأعطى العلم للجمیع، فلا تکون هنالک حاجة إلى التعلّم! فهل یقبل ذلک عاقل (3) ؟

جملة (قال الذین کفروا ) والتی ورد التأکید فیها على صفة الکفر، فی حین یمکن أن یکتفی بالضمیر، إشارة إلى أنّ هذا المنطق الخرافی والتعلّل إنّما ینبع من الکفر!

ولسان حال المؤمنین بقولهم: (أنفقوا ممّا رزقکم الله ) إشارة إلى أنّ المالک الأصلی فی الحقیقة هو الله سبحانه وتعالى، وإن کانت تلک الأموال أمانة فی أیدینا أو أیدیکم لأیّام، ویا لهم من بخلاء اُولئک الذین لم یکونوا حاضرین لأن یحوّلوا المال إلى آخرین بأمر صاحب المال؟!

أمّا جملة: (إن أنتم إلاّ فی ضلال مبین ) فلتفسیرها توجد إحتمالات ثلاثة:

الأوّل: أنّها تتمّة ما قاله الکفّار للمؤمنین.

الثانی: أنّه کلام الله سبحانه وتعالى یخاطب به الکفّار.

الثالث: أنّه تتمّة ما قاله المؤمنون للکفّار.

ولکن التّفسیر الأوّل هو الأنسب، لأنّه یتّصل مباشرةً بحدیث الکفّار السابق، وفی الحقیقة إنّهم یریدون معاملة المؤمنین بالمثل ونسبتهم إلى الضلال المبین.


1. «وإذا قیل لهم...» جملة شرطیة، وجزاؤها محذوف یستفاد من الآیة اللاحقة، والتقدیر: «وإذا قیل لهم اتّقوا... أعرضوا عنه».
2. تفسیر المیزان، ج 17، ص 96، ذیل الآیات مورد البحث.
3. بعض المفسّرین احتمل التّفسیر التالی وهو: أنّ العرب کانوا مشهورین بالضیافة فی ذلک الزمان، وما کانوا یمتنعون عن الإنفاق، وکان هدف الکفّار هو الإستهزاء بالمؤمنین الذین کانوا ینسبون الأشیاء والاُمور جمیعها إلى المشیئة الإلهیّة، فکانوا یقولون لهم: إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن یغنی الفقراء فما الحاجة إلى إنفاقنا، ولکن یبدو أنّ التّفسیر الذی أوردناه هو الأنسب (راجع تفسیر التبیان، وتفسیر القرطبی، وتفسیر روح المعانی).
سورة یس / الآیة 45 ـ 47 سورة یس / الآیة 48 ـ 53
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma